ابتعد كثير من المسلمين عن إسلامهم، بنسب متفاوتة، وخرج بعضهم عن الإسلام خروجاً صريحاً، وعاش بعضهم (ازدواجية) عجيبة، بين الفكر والسلوك، والإيمان والعمل، تناقضوا فيها بين ما هو في تصوّراتهم وأفكارهم، وبين ما هو في تصرفاتهم وأعمالهم، وانطبق عليهم في هذا الجانب قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) [الصف: 2-3]. ونتج عن هذه الحالة المرَضيّة ظهور أجيال جديدة من أبناء المسلمين، ليس لها من الإسلام إلا الأسماء التي تسمّوا بها، وإلا بعض المشاعر والعواطف القلبية، وبعض الأفكار العقلية، وبعض الممارسات الإسلامية في المناسبات. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الروم - قوله تعالى ويومئذ يفرح المؤمنون - الجزء رقم22. وهذا لا ينفي وجود أفراد مؤمنين صالحين، رجالاً ونساء، في كل قطر أو مدينة أو بلدة من بلاد المسلمين، ومختلف بلاد العالم. ومن وجود دعوات وحركات وتنظيمات إسلامية هنا وهناك، تعمل على توعية المسلمين وتبصيرهم، وإعادتهم إلى دينهم. وأحدثت هذه الحركات (صحوة) إسلامية مباركة، تمثّلت في عدة ظواهر ومظاهر، علمية وعملية، في بلاد المسلمين. لكن أنصار هذه الصحوة ما زالوا قلائل في مجتمعاتهم، وما زالوا (غرباء) بين أهليهم، يعيشون غربتهم القاسية بصبر وثبات، واحتساب وتوكل على الله! "
إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الروم - قوله تعالى ويومئذ يفرح المؤمنون - الجزء رقم22
السؤال:
ما تفسير هذه الآيات الكريمات، منها: قوله تعالى: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ [الروم:1-3]. أرجو من فضيلة الشيخ تفسير هذه الآيات الكريمة، ومن هم الروم المذكورون فيها؟
الجواب:
الروم هم: النصارى المعروفون، وكانت الحروب بينهم وبين الفرس سجالًا، تارة يدال هؤلاء على هؤلاء، وتارة هؤلاء على هؤلاء، أخبر الله أنهم غُلِبوا؛ غلبتهم الفرس: فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ [الروم:3-4]. فوقع ذلك، فغلبت الروم الفرس، وكان ذلك أول مبعث النبي ﷺ حين كان الرسول عليه الصلاة والسلام في مكة، وكان ذلك من الآيات والدلائل على صدقه ﷺ وأنه رسول الله حقًا؛ لوقوع الأمر كما أخبر الله به في كتابه العظيم. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله | حدث في رمضان | د. تامر الغزاوي | 027 - YouTube. فالله جل وعلا هو العالم بالمغيبات، ويخبر نبيه بما يشاء منها كما أخبره عن الكثير مما يكون في آخر الزمان، كما أخبره فيما مضى من الزمان؛ من أخبار عاد، وثمود، وقوم نوح، وفرعون، وغيرهم، وكما أخبره أيضًا عليه الصلاة والسلام عما يكون يوم القيامة، ومن حال أهل الجنة وأهل النار، إلى غير ذلك.
ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله | حدث في رمضان | د. تامر الغزاوي | 027 - Youtube
وجاءت كلمة (أدنى) بمعنى أقلّ لأنها قد أُتبعت بكلمة (أكثر) في قوله تعالى: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ﴾ [المجادلة: 7]. وقد جاءت بمعنى أقرب في قوله تعالى: ﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [فصلت: 12]. وهنا كلمة (الدنيا) جاءت بمعنى الأقرب من الأرض، ولكن تتضمن معنى آخر وهو الطبقة السفلى بين طبقات السماء السبعة. وسُمِّيت بالدنيا لدنوِّها من الأرض. إذن من معاني كلمة (أدنى) لدينا: الأصغر والأقل والأقرب، فما هي المنطقة على سطح الأرض والتي تتصف بهذه الصفات الثلاث؟ إنها منطقة غور البحر الميت، فهي:
1- الأصغر: مساحة الغور صغيرة جداً ولا تتجاوز الكيلو مترات المعدودة، وذلك مقارنة بمساحة سطح الأرض والتي تزيد على ملايين الكيلو مترات المربعة. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله. 2- الأقلّ: هي المنطقة الأقل ارتفاعاً على سطح اليابسة، فهي تنخفض عن سطح البحر بمقدار 400 متراً تقريباً، ولا يوجد في العالم كله أدنى من هذه النقطة.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الروم - الآية 5
إن وراء تلك الانتصارات سر عظيم وآيات لمن يعقلوها ويتدبروها ويعرفوا إنها الهوية الإيمانية ومعية الله لمن اخلصوا له في جهادهم ، إنه اتحاد الرؤية والغاية والهدف والتسليم المطلق للقيادة، إنها الثقافة القرآنية والالتزام بهوية المشروع القرآني، فكل ذلك.. السر الواحد والقضية الواحدة والهدف الواحد هي سبب النصر وهذا الفتح الكبير. !
من الآية 1 الى الآية 6
يُرِيد أَبُو سُفْيَان بالمدة صلح الْحُدَيْبِيَة ، وَكَانَ فِي ذِي
الْقعدَة سنة سِتّ بِلَا شكّ " انتهى. وقال ابن عطية في " المحرر الوجيز " (4/328) " والنصر الذي يَفْرَحُ به
الْمُؤْمِنُونَ: يحتمل أن يشار فيه إلى نصر الروم على الفرس.. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الروم - الآية 5. ويحتمل أن يشار فيه
إلى نصر يخص المؤمنين على عدوهم ، وهذا أيضا غيب ، أخبر به ، وأخرجه للوجود ، إما
يوم بدر ، وإما يوم بيعة الرضوان، ويحتمل أن يشار به إلى فرح المسلمين بنصر الله
إياهم: في أن صدق ما قال نبيهم ، من أن الروم ستغلب فارس ، فإن هذا ضرب من النصر
عظيم " انتهى. وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: ( 23475). والله أعلم.
&Quot;ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله&Quot; - قصيدة
وهكذا ينبغي للمؤمنين أن يواجهوا الموقف المعقّد الذي حاول المشركون أن يُسقطوا به روحهم المعنوية، للإيحاء لهم بالهزيمة المرتقبة لهم، من خلال هزيمة المؤمنين الآخرين من أهل الكتاب، على أساس أن انتصار الكفر في موقع يعني انتصار كل الكافرين، وأن ضعف الإيمان في موقعٍ يعني ضعف كل المؤمنين. إن عليهم أن يواجهوا المسألة من خلال الحقيقة الإيمانية لا من خلال بعض الأحداث القلقة التي لا تمثل قاعدةً ثابتةً للحياة كلها، بل هي من بعض أوضاع الحياة العامة التي تنتقل بين انتصار فريق هنا وهزيمة فريقٍ هناك، وذلك في ما توحي به الآية الكريمة: {وَتِلْكَ الأيامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140]. فإذا كان الله قد تكفل بنصر دينه، فعليهم أن يثقوا بذلك وينتظروا النصر المؤكد منه. فرح المؤمنين بنصر الله
{ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ} الذي يعطي أولئك المغلوبين النصرة على أساس سننه الكونية، وحكمته العميقة، {يَنصُرُ مَن يَشَآءُ} بقوته ورحمته وحكمته وتدبيره {وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} الذي ينطلق تدبيره من قاعدة العزة التي لا ينتقص أحد من قوتها شيئاً، ومن موقع الحكمة التي لا يجادل فيها أحد، من أي نقطةٍ من نقاط حركتها في الحياة.
وقوله: (فِي أَدْنَى الأرْضِ) قد ذكرت قول بعضهم فيما تقدّم قبل، وأذكر قول من لم يذكر قوله. حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (فِي أَدْنَى الأرْضِ) يقول: في طرف الشام. ومعنى قوله أدنى: أقرب، وهو أفعل من الدنوّ والقرب. وإنما معناه: في أدنى الأرض من فارس، فترك ذكر فارس استغناء بدلالة ما ظهر من قوله: (فِي أَدْنَى الأرْضِ) عليه منه. وقوله: (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) يقول: والروم من بعد غلبة فارس إياهم سيغلبون فارس. وقوله: (مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) مصدر من قول القائل: غلبته غلبة، فحذفت الهاء من الغلبة. وقيل: من بعد غلبهم، ولم يقل: من بعد غلبتهم للإضافة، كما حذفت من قوله: وَإِقَامَ الصَّلاةِ للإضافة. وإنما الكلام: وإقامة الصلاة. وأما قوله: (سَيَغْلِبُونَ) فإن القرّاء أجمعين على فتح الياء فيها، والواجب على قراءة من قرأ: (الم غَلَبَتِ الرُّومُ) بفتح الغين، أن يقرأ قوله: (سَيُغْلَبُونَ) بضم الياء، فيكون معناه: وهم من بعد غلبتهم فارس سيغلبهم المسلمون، حتى يصحّ معنى الكلام، وإلا لم يكن للكلام كبير معنى إن فتحت الياء، لأن الخبر عما قد كان يصير إلى الخبر عن أنه سيكون، وذلك إفساد أحد الخبرين بالآخر.