يستعيد الواحدي، وهو يشرح البيت الرابع (لولا العقول.. )، تعبيراً من الخليفة المأمون كان قد قال فيه:" الأجساد أبضاعٌ ولحوم وإنما تتفاضل بالعقل". وواقعاً فإن الحكمة هي ما يستدعي الحكمة؛ حكمة المتنبي بهذا البيت هي التي استحضرت قول الخليفة المأمون، وهي ما عبّرت شعرياً عن مثل هذا الاستحضار. وهذا البيت هو رابع في نونية المتنبي المعروفة بـ (الرأي قبل شجاعة الشجعان)، كما هو رابع في هذه القصيدة الضمنية التي نستلها من تلك القصيدة الشهيرة لأبي الطيب. الرأي قبل شجاعة الشجعان شرح نص. الأبيات الأربعة، وربما معها البيت الخامس، هي وحدة شعرية كاملة، تنصرف إلى الحكمة، بما تعمل عليه من أجل إعلاء قيمة العقل وتأكيد أفضليته على (الشجاعة)، وهي أفضلية تفيد ضمناً، معنى التلازم ما بين الجانبين؛ العقل، والشجاعة. لا معنى للشجاعة من دون عقل، ولا قيمة للعقل حين ينحرف إلى حال الجبن فيزيّن هذا الحال. يتأكد هذا التلازم ما بين العقل والشجاعة حتى في الأبيات، الأول والثاني والثالث، بحيث أن أسبقية العقل لا تقوم على إبطال قيمة الشجاعة. لا يتحدّث المتنبي هنا، في الأبيات الأربعة، عن عقل مجرد، إنه يتحدّث عن عقل قرين الشجاعة، وعن شجاعة يمكن أن تكون تهوراً إذا ما استبعدت العقل.
"
- الرأي قبل شجاعة الشجعان | المتنبي - شطر
- المتنبي.. جماليات الحكمة وبراعة التعبير الوحشي
- مقولة - الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول و هي المحل...
الرأي قبل شجاعة الشجعان | المتنبي - شطر
يمكن هنا أن نستعيد بيت المتنبي في قصيدته عن شعب بوان الذي يحمّل فيه حصانه مسؤولية القول التالي مقرِّعاً فارسه: يقولُ، بشِعبِ بَوّانٍ، حصاني... أَعن هذا يُسارُ إلى الطِعانِ؟
وهو بيت يؤكد بيتاً كان قد سبقه، وكان الشاعر يذهب فيه إلى أن الحلول بمثل تلك الجنائن، ومثالها في النص شِعب بوان، يدعو إلى التردد كثيراً قبل الإقدام على الحرب والذهاب إلى القتال: تحِلُّ بهِ على قلبٍ شُجاعٍ... وتَرحلُ منهُ عن قلبٍ جبانِ
هذا وذاك شعر مما كان يكتبه المتنبي بداعٍ إبداعي شخصي خالص، ويعبّر به عن حقيقة تفكيره شاعراً، سنأتي على هذا. الرأي قبل شجاعة الشجعان شرح. نونية المتنبي (الرأي قبل شجاعة الشجعان) كُتبت في إثر انتصار حربي لسيف الدولة الحمداني قيل أن الغلبة فيه على الأعداء كانت بفعل حيلة العقل التي قيل أيضاً أن سيف الدولة برع فيها في تلك المعركة. لكنّي أحسب أن الأبيات التي تتصدّر هذه النونية كانت قد كُتبت قبل ذلك، وهي مما ينتجه الشاعر، أي شاعر، في حالات من التفكير والتأمل الحر في الشعر والحياة والفكر، من نصوص منزّهة من أي غرض ومنفعة.
" ليس في هذه الأبيات ما يشير إلى سيف الدولة وإلى واقعة محدَّدة "
ولعل استثمار مثل هذه النصوص الشخصية يأتي بمرحلة لاحقة يستخدم الشاعر أثناءها تلك النصوص ويبني عليها قصائد مديح وهجاء حتى وإن نتج، جراء هذا الاستخدام النفعي، تعارضٌ بيّنٌ ما بين النص الأصل وما يبنى عليه من أبيات لاحقة دافعها الأساس المنفعة، وربما نستطيع تعميم هذا التوقع على كثير من الشعر العربي القديم بمختلف مقدماته، وليس على شعر المتنبي حصراً.
المتنبي.. جماليات الحكمة وبراعة التعبير الوحشي
بقية القصيدة كالاتي.
مقولة - الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول و هي المحل...
الرَأيُ قَبلَ شَجاعَةِ الشُجعانِ. ابو الطيب المتنبي - YouTube
هذا تقابل لغوي بلاغي، برغم أن المقابلة ما بين الإنسان والأسد (الضيغم) في البيت هي ليست مقابلة شجاعة بشجاعة لتمكن المقارنة في ضوئها، وهي مقابلة تُعنى بالغلبة، غلبة القوة، والقوة لا تفيد الشجاعة، وهذا ما يخرج عن التقابل الأساس في الأبيات ما بين العقل والشجاعة. ونشير إلى هذا اعتماداً على منطق النثر السائد في الأبيات، وما يستدعيه ويسمح به من حجج، وإلا فللشعر منطقه النصي الخاص الذي لا ينبغي معه قراءة الشعر وتلقيه بهذه النثرية. البيت ما قبل الأخير هو أيضاً يقدَّم ما تمكن تسميته، بلغة النقد الحديث، انزياحاً تعبيرياً باستخدام الشاعر الفعلَ (طعن) في إشارته إلى قدرة العقل على الغلبة وبما يغني عن (التطاعن). هل يكفي هذان الإجراءان البلاغيّان لتأكيد أن أبا الطيب كان شاعراً في هذه الأبيات الأربعة أكثر مما كان حكيماً؟
يمكن للشعر أن يكون شعراً حتى مع تخفّفه من الجهد اللغوي البلاغي، بلاغة الشعر ليست وحدها الكفيلة بتأكيد شعرية الشعر، مع أهميتها. لست بصدد التأكيد على أن الوزن قادر على النهوض بالمهمة، لكن الشعر يُعنى أحياناً بالفحوى الكلّية للنص، وتساعد هذه الفحوى، وقد لا تساعد، في تأكيد شعريته. المتنبي.. جماليات الحكمة وبراعة التعبير الوحشي. هذه هي المسافة غير المرئية ما بين النثر والشعر.
وبعدها سمحت للمخرج والممثلين أن يستأنفوا عملهم، غير أنهم لم يجدوا بطل الفيلم المغوار، لأنه انطلق بسيارته هارباً، ولم يعثروا عليه إلاّ بعد أسبوع، وكان من اشتراطاته لكي يعود للعمل أن يتم التصوير في مكان آخر بعيد عن القاعدة، لأنه أصيب (بفوبيا) وأعصابه لا تتحمل. مقولة - الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول و هي المحل.... والموقف الثاني: تمكنت موظفة استقبال بفندق في ولاية كنتاكي الأميركية وعمرها 26 سنة، عندما واجهت لصاً ملثماً يحمل مسدساً، اقتحم عليها صالة الفندق يريد أن يستولي على المال الموجود لديها. فما كان من شجاعة وذكاء الموظفة ورباطة جأشها إلاّ أن وافقته على ذلك، وأخرجت النقود وبعثرتها أمامه متعمدة، وعندما التهى هو بجمعها، فما كان من (بنت أبوها) إلاّ أن تقفز عليه، واختل توازنه وسقط على الأرض في الوقت الذي خطفت فيه هي مسدسه، وعندما حاول الهرب أطلقت النار على قدمه، فاستسلم صاغراً، واتصلت هي بكل برود بالبوليس وقبضوا عليه. ولو كانت لي قدرة لاستقطبت تلك البنت وجعلتها حارسة شخصية لي، ترافقني أينما تحركت ليلاً أو نهاراً.