[ ص: 286] قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون
عبر الرؤيا بجميع ما دلت عليه ، فالبقرات لسنين الزراعة ؛ لأن البقرة تتخذ للإثمار. والسمن رمز للخصب. والعجف رمز للقحط. والسنبلات رمز للأقوات ؛ فالسنبلات الخضر رمز لطعام ينتفع به ، وكونها سبعا رمز للانتفاع به في السبع السنين ، فكل سنبلة رمز لطعام سنة ، فذلك يقتاتونه في تلك السنين جديدا. والسنبلات اليابسات رمز لما يدخر ، وكونها سبعا رمز لادخارها في سبع سنين لأن البقرات العجاف أكلت البقرات السمان ، وتأويل ذلك: أن سني الجدب أتت على ما أثمرته سنو الخصب. تفسير "قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتى من بعد ذلك سبع شداد. وقوله: ( تزرعون) خبر عما يكون من عملهم ، وذلك أن الزرع عادتهم ، فذكره إياه تمهيد للكلام الآتي ولذلك قيده بـ دأبا
والدأب: العادة والاستمرار عليها. وتقدم في قوله: كدأب آل فرعون في سورة آل عمران. وهو منصوب على الحال من ضمير يزرعون ، أي كدأبكم. وقد مزج تعبيره بإرشاد جليل لأحوال التموين والادخار لمصلحة الأمة. وهو منام حكمته كانت رؤيا الملك لطفا من الله بالأمة التي آوت يوسف - عليه السلام - ، ووحيا أوحاه الله إلى يوسف - عليه السلام - بواسطة رؤيا الملك ، كما أوحى إلى سليمان - عليه السلام - بواسطة الطير.
إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة يوسف - قوله تعالى قال تزرعون سبع سنين دأبا - الجزء رقم13
أحمد حلمي سيف النصر
أمضى النبي الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كما وصفه رسولنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، سنين عدة في سجن مظلم، مظلوماً منسياً، ولم يكن لديه من عمل إلا بناء شخصيته، وإرشاد السجناء، وعيادة مرضاهم، وتسلية الموجعين منهم، والدعوة إلى الله الواحد القهار كدأب آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب، حتى غيّرت (حياته) حادثة صغيرة بحسب الظاهر.. ولم تغير هذه الحادثة حياته فحسب، بل حال مصر وما حولها. أرسل إليه الملك من يقوله له: «يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون، قال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون»، (يوسف 46- 47). القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة يوسف - الآية 47. كم كان تفسير يوسف لهذه الرؤيا دقيقاً ومحسوباً؛ حيث كانت البقرة في الأساطير القديمة مظهر النعمة والغنى.. وكون البقرات سماناً دليل على كثرة النعمة، وكونها عجافاً دليل على الجفاف والقحط، وهجوم السبع العجاف على السبع السمان يقتضي أن يستفاد من ذخائر السنوات السابقة. وسبع سنبلات خضر وقد أحاطت بها سبع سنبلات يابسات تأكيد آخر على هاتين الفترتين فترة النعمة وفترة الشدة، إضافة إلى أنه أكد له هذه المسألة الدقيقة، وهي خزن المحاصيل في سنابلها لئلا تفسد بسرعة وليكون حفظها إلى سبع سنوات ممكناً.
ونحن نعلم أن حبة القمح لها وعاءان؛ وعاء يحميها؛ وهو ينفصل عن
القمحة أثناء عملية "الدرس"؛ ثم يطير أثناء عملية "التذرية"
منفصلًا عن حبوب القمح. ولحبة القمح
وعاء ملازم لها، وهو القشرة التي تنفصل عن الحبة حين نطحن القمح، ونسميها
"الردة" وهي نوعان: "ردة خشنة" و"ردة ناعمة". ومن
عادة البعض أن يفصلوا الدقيق النقي عن "الردة"، وهؤلاء يتجاهلون ـ أو
لا يعرفون ـ الحقيقة العلمية التي أكدت أن تناول الخبز المصنوع من الدقيق الأبيض
الخالي من "الردة" يصيب المعدة بالتلبك. فهذه القشرة الملازمة لحبة
القمح ليست لحماية الحبة فقط؛ بل تحتوي على قيمة غذائية كبيرة. تزرعون سبع سنين دأبا. وكان أغنياء الريف في مصر يقومون بتنقية الدقيق
المطحون من "الردة" ويسمونه "الدقيقة العلامة"؛ الذي إن
وضعت ملعقة منه في فمك؛ تشعر بالتلبك؛ أما إذا وضعت ملعقة من الدقيق الطبيعي
الممتزج بما تحويه الحبة من "ردة"؛ فلن تشعر بهذا التلبك. كل هذا فى إطار العمل الدؤوب غير المتوانى، وهل
أصاب مصالحنا الاقتصادية بالشلل سوى التوانى والكسل وعدم الإخلاص فى العمل الذى
يضيع على البلاد والعباد الآلاف بل ملايين الدولارات سنويا؟!
تفسير &Quot;قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتى من بعد ذلك سبع شداد
ولأن ما لا يدرك كله لا يترك كله، فإذا كنا فى وقتنا الراهن بصدد أزمة اقتصادية طاحنة، فليس أقل من تمكين أهل الخبرة والمعرفة من القطاعات الاقتصادية فى كل دولة، ثم العمل بدأب شديد استعدادا لتطور الأزمة لتصبح أشد ضراوة فى السنوات القادمة، وهو احتمال تنبأ به الاقتصاديون ودلت عليه قرارات وتصريحات مسئولى الدول العظمى ومؤسسات التمويل الدولية.
وإذا كان الإنتاج الزراعى والصناعى أقل جاذبية من الاستثمارات السهلة، لارتفاع تكلفته وتأخر وانخفاض العائد على الاستثمار فيه، وتعقيد متطلباته وتراخيصه وتعاملاته البيروقراطية، فإنه لا غنى عن قلب تلك المعادلة لصالح المستثمر الصناعى والزراعى ولو كان فى ذلك تراجع مؤقت فى الاستثمار العقارى الذى تتراجع أهميته أمام نقص مقومات الحياة الأساسية، علما بأنه وعلى الرغم من المبادرات الرئاسية المشكورة لتحسين ظروف التمويل العقارى، تظل ملايين العقارات المغلقة باهظة الثمن دليلا على استخدام تلك العقارات كمخزن للقيمة عوضا عن إتاحتها لإشباع حاجات أساسية للمأوى.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة يوسف - الآية 47
أجل لقد اهتم بكرامته وشرفه قبل خروجه من السجن، وهذا هو نهج الأحرار... والطريف هنا أن يوسف في عبارته هذه أبدى سمواً في شخصيته إلى درجة أنه لم يكن مستعداً لأن يصرح باسم امرأة العزيز التي كانت السبب المباشر في اتهامه وحبسه، بل اكتفى بالإشارة إلى جماعة النسوة اللاتي لهن علاقة بهذا الموضوع فحسب. ثم يضيف يوسف: إذا لم يعلم سبب سجني شعب مصر ولا جهازه الحكومي وبأي سبب وصلت السجن، فالله مطلع على ذلك (إن ربي بكيدهن عليم).
عام) في محلّ نصب معطوفة على جملة يأتي سبع. وجملة: (يغاث الناس) في محلّ رفع نعت لعام. وجملة: (يعصرون) في محلّ رفع معطوفة على جملة يغاث. الصرف: (دأبا)، مصدر سماعي للثلاثي دأب، وزنه فعل بفتحتين وثمة مصدر آخر بفتح فسكون. (شداد)، جمع شديد، صفة مشبّهة، وزنه فعيل، ووزن شداد فعال.. وثمة جمع آخر هو أشدّاء وكذلك شدود بضمّ الشين. (يغاث)، فيه إعلال بالقلب، أصله يغيث بضمّ الياء الأولى وفتح الثانية، إذ المضارع المعلوم يغيث فلمّا أصبح مجهولا وتحرّكت الياء ثقلت الحركة على الياء فسكّنت ونقلت الحركة إلى الغين، ثمّ قلبت الياء ألفا لانفتاح ما قبلها فأصبح يغاث. الفوائد: - القرآن كلام اللّه عز وجل: ورد في هذه الآية قوله تعالى: {فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ} في هذه الآية لفتة علمية، وهي أن الحصيد إذا بقي في سنبله فإنه يبقى مصونا من السوس والتلف وقد ثبت ذلك بالخبرة والعلم، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم لم يكن مزارعا وليست لديه خبرة كهذه الخبرة، مما يثبت قطعا بأن هذا القرآن ليس من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم بل هو من عند اللّه عز وجل. وفي القرآن الكريم لفتات كثيرة من هذا القبيل، سنوردها في مواضعها إن شاء اللّه تعالى.. إعراب الآية رقم (50): {وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)}.