وذكر القرطبي الاختلاف في وقت فرضية الحج على ثلاثة أقوال: فقيل: سنة خمس ، وقيل: سنة سبع ، وقيل: سنة تسع ، ولم يعز الأقوال إلى أصحابها ، سوى أنه ذكر عن ابن هشام ، عن أبي عبيد الواقدي أنه فرض [ ص: 22] عام الخندق ، بعد انصراف الأحزاب ، وكان انصرافهم آخر سنة خمس. قال ابن إسحاق: وولي تلك الحجة المشركون. صدى العرب: من استطاع إليه سبيلا. وفي مقدمات ابن رشد ما يقتضي أن الشافعي يقول: إن الحج وجب سنة تسع ، وأظهر من هذه الأقوال قول رابع تمالأ عليه الفقهاء وهو أن دليل وجوب الحج قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. وقد استدل الشافعي بها على أن وجوبه على التراخي ، فيكون وجوبه على المسلمين قد تقرر سنة ثلاث ، وأصبح المسلمون منذ يومئذ محصرين عن أداء هذه الفريضة إلى أن فتح الله مكة ووقعت حجة سنة تسع. وفي هذه الآية من صيغ الوجوب صيغتان: لام الاستحقاق ، وحرف على الدال على تقرر حق في ذمة المجرور بها. وقد تعسر أو تعذر قيام المسلمين بأداء الحج عقب نزولها ، لأن المشركين كانوا لا يسمحون لهم بذلك ، فلعل حكمة إيجاب الحج يومئذ أن يكون المسلمون على استعداد لأداء الحج مهما تمكنوا من ذلك ، ولتقوم الحجة على المشركين بأنهم يمنعون هذه العبادة ، ويصدون عن المسجد الحرام ، ويمنعون مساجد الله أن يذكر فيها اسمه.
لِمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا 5/ 11/ 1441هـ - الموقع الرسمي للشيخ خالد بن محمد القرعاوي
قَالَ الشَّيخُ ابنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ: مَنْ قَدَرَ على حَجِّ الفَريضَةَ وأَخَّرَهُ لِغَير عُذْرٍ فَقد أَتى مُنكرا عَظِيمَا وَمعْصِية ًكَبِيرة ًوالواجبُ عليه التَّوبة ُوالبِدَارُ بِالحجِّ. وَسُئل ابنُ العُثيمِينَ: هل وجوبُ الحجِّ على الفَورِ أَمْ على التَّرَاخِي؟ فقالَ:(الصَّحيحُ أنَّه واجبٌ على الفَورِ ولا يجوزُ للإنسانِ الذي استَطَاعَ أنْ يؤخِّرَهُ) انتهى. فَالَّلهُمَّ يَسِّرْنا للهُدى وَيَسِّرِ الهُدى لَنا, أقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وأستغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسلمِينَ منْ كُلِّ ذَنَّبٍ فاستَغفِرُوهُ إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخطبة الثانية:
الحَمدُ للهِ حَقَّ حَمْدِه، أشهَدُ ألَّا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ تَعظيمَاً لِمجدِهِ، وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ أَزكَى الأَنَامِ, وَأَفضَلُ مَنْ حجَّ البَيتَ الحَرَامَ، صَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَارَكَ عليه وعلى آلِهِ وصحبِه ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمَانٍ على الدَّوامِ. أمَّا بعدُ. لمن استطاع إليه سبيلًا فقط - عماد الدين حسين - بوابة الشروق. عباد اللهِ التزموا تقوى اللهِ تعالى, فَمَقْصَدُ الحجِّ أنَّهُ يُرَبِّي النَّاسَ على تَقوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ, فالسَّعيدُ مَنْ بَادَرَ وَلَبَّي، والشَّقِيُّ مَنْ سَوَّفَ وَأَبَى.
وتقول:" هذه الأعداد الغفيرة تتوافد للصلاة لإثبات الوجود العربي والاسلامي على الرغم من المعيقات التي يضعها الاحتلال". وتضيف:" نصل إلى هنا، على الرغم من حواجز الاحتلال الصعبة، ونعتبر أن قدرتنا على الوصول إلى القدس هي نعمة من الله". وأردفت:" لا تسعفني الأحرف لأصف مشاعري، فأنا أنتظر رمضان كي يُسمح لي الصلاة فيه (المسجد الأقصى)، وفي كل مرة أزوره يأخذ من قلبي حُجرة، ألا ليت الذي يحول بيني وبينه يفنى". أما سكان مدينة القدس، فيعتبرون أن صلاة التراويح في المسجد الأقصى، في شهر رمضان، بمثابة "واجب وطني ديني عليهم"، حيث يتدفقون إليه كل ليلة. ويقول المقدسي "محمد شكري":" حضورنا واجب قبل أن يكون رغبة، الروحانيات هنا مقدسية بحتة علينا أن نحييها". وبيّن أن سكان القدس، يرحبون بضيوف المدينة، الذي يقدمون من كل حدب وصوب، لأداء الصلاة. لِمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا 5/ 11/ 1441هـ - الموقع الرسمي للشيخ خالد بن محمد القرعاوي. وقال:" نرحب بضيوفنا ونساعدهم، حيث ينتشر شباب القدس خاصة أهل البلدة القديمة من أجل تقديم العون لهم ومساعدتهم في معرفة الطريق والمحلات المجاورة، بل وتخفيف حر النهار عليهم برشقهم بقطرات الماء الباردة". ومن جانبها، تعبّر المقدسية "نهلة صيام"، عن سعادتها الكبير لتمكنها هذا العام من أداء صلاة التراويح.
لمن استطاع إليه سبيلًا فقط - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
وروى ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه. وقال أبو بكر بن مردويه بسنده عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن ملك زادًا وراحلة ولم يحج بيت الله؛ فلا يضره مات يهوديًّا أو نصرانيًّا، وذلك بأن الله قال: ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ). ورواه ابن جرير ورواه ابن أبي حاتم، ورواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا مِن هذا الوجه، وفي إسناده مقال، وهلال مجهول، والحارث يُضعَّف في الحديث. وقال البخاري: هلال هذا منكر الحديث. وقال ابن عدي: هذا الحديث ليس بمحفوظ. وقد روى أبو بكر الإسماعيلي عن عبد الرحمن بن غنم أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: "مَن أطاق الحج فلم يحج، فسواء عليه يهوديًّا مات أو نصرانيًّا"، وهذا إسناد صحيح إلى عمر رضي الله عنه، ورَوَى سعيد بن منصور في سننه عن الحسن البصري، قال: قال عمر بن الخطاب: "لقد هممت أن أبعث رجالًا إلى هذه الأمصار فينظروا إلى كلِّ منَ كان له جدة -أي: سعة- فلم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين" (انتهى من تفسير ابن كثير). ( قلتُ: هذا الأثر الأخير الذي رواه سعيد بن منصور عن الحسن البصري مرسل؛ فإن الحَسَن لم يدرك عمر رضي الله عنه، ولا شك في صحة إسناد حديث عبد الرحمن بن غنم عن عمر رضي الله عنه، وهو محمول على الجاحد، أو محمول على الترهيب والتشديد في ترك الحج لمَن استطاع إليه سبيلًا، ولا يقول أحدٌ مِن أهل العلم بمقتضاه؛ خاصة أن الجزية لا تُفرَض على المرتد.
لِذَا تَشَوَّفَ المُسْلِمُونَ لِلْحَجِّ مِنْ مُخْتَلَفِ الأَقْطَارِ وَالأَجْنَاسِ! عِبَادَ اللهِ: عَجِيبٌ حَالُ مَنْ حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَدَاءِ فَرِيضَةِ الحَجِّ حَوَائِلُ وَمَا هِيَ بِحَوَائِلَ، إِنْ هُوَ إِلاَّ تَزْيِينُ الشَّيْطَانِ، وَتَسْوِيفٌ خَاسِرٌ! تَجَاوَزَ إخْوَانٌ لَنَا الثَّلاثِينَ وَالأَرْبَعِينَ وَلازَالُوا يُسوِّفُونَ وَيتَحجَّجُونَ بأعذارٍ وَاهِيَةٍ! فَمَا دُمْتَ مُسْتَطِيعَاً فَأَدِّ مَا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيكَ, فأَنتَ تُؤَخِّرُ الحجَّ عاماً بعد عامٍ ولا تَدْري ما يَعرِضُ لكَ يقولُ نبيُّنا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ: «تعجَّلوا إلى الحجِّ يعني الفَرِيضَةَ فَإنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْري مَا يَعْرِضُ لَهُ». فَباللهِ عَليكَ كَيْفَ تَمُرُّ عَلَيكَ آيَاتُ وُجُوبِ الحَجِّ ولا تُحَرِّكُ فِيكَ سَاكِنَاً؟ عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ رَحمةِ الله بِنَا أنَّ الحجَّ مرَّةً وَاحِدَةً في العُمُرِ, خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أصحابَهُ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ فَحُجُّوا». فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا فَقَالَ:(لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ).
صدى العرب: من استطاع إليه سبيلا
وكذلك أوجب مالك على المطيق المشي
الحج، وإن لم يكن معه زاد وراحلة. وهو قول عبدالله بن الزبير والشعبي وعكرمة. وقال
الضحاك: إن كان شابا قويا صحيحا ليس له مال فعليه أن يؤجر نفسه بأكله أو عقبه حتى
يقضي حجه. فقال له مقاتل: كلف الله الناس أن يمشوا إلى البيت؟ فقال: لو أن لأحدهم
ميراثا بمكة أكان تاركه؟ بل ينطلق إليه ولو حبوا، كذلك يجب عليه الحج. واحتج هؤلاء
بقوله عز وجل: "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا" أي مشاة. قالوا: ولأن
الحج من عبادات الأبدان من فرائض الأعيان، فوجب ألا يكون الزاد من شروط وجوبها ولا
الراحلة كالصلاة والصيام. قالوا: ولو صح حديث الخوزي الزاد والراحلة لحملناه على
عموم الناس والغالب منهم في الأقطار البعيدة. وخروج مطلق الكلام على غالب الأحوال
كثير في الشريعة وفي كلام العرب وأشعارها. وقد روى ابن وهب وابن القاسم وأشهب
عن مالك أنه سئل عن هذه الآية فقال: الناس في ذلك على قدر طاقتهم ويسرهم وجلدهم. قال أشهب لمالك: أهو الزاد والراحلة؟. قال: لا والله، ما ذاك إلا على قدر طاقة
الناس، وقد يجد الزاد والراحلة ولا يقدر على السير، وآخر يقدر أن يمشي على رجليه. ] اهـ. وإذا كان من شروط الحج والعمرة شرط الاستطاعة البدنية والمالية ، فمن لم
يملك نفقة الحج أو العمرة فلا يجب عليه الاقتراض لهذا الغرض ، ولكن لو اقترض قرضا
حسنا بلا فائدة ربوية ويعلم من نفسه القدرة على السداد فلا حرج من أخذ قرض لأداء
الحج أو العمرة.
وعندما نسأل عن السبب وراء هذا الارتفاع الكبير والمتواصل لأسعار الحج، يلقي أصحاب الحملات بالمسؤولية على أطراف اخرى في ارتفاع الأسعار، وهو أمر غير منطقي ولا مقبول، وحتى لو حدث فلن يكون بهذه النسبة العالية، التي تتجاوز المنطق والمعقول. وهناك أسباب أخرى تظل خفية على الحجاج والناس البسطاء، فكثير ممن حصلوا على سجلات لحملات الحج والعمرة يقومون بتأجيرها من الباطن على آخرين لا علاقة لهم بالحج ولا بالموضوع، وهدفهم الاول والاخير هو الربح المادي، وهذه الطريقة ترفع أيضا من سعر الحج عاما بعد آخر، لأن المؤجر والمستأجر يريد الربح، وفي النهاية يقع العبء بالكامل على الحاج أو المعتمر. وكذلك الحال في الأضحية فالأسعار المعلنة تؤكد وجود استغلال للفريضة وانتهاز لفرص الربح المتجاوز لحدود المنطق، فقد تجاوز سعر الأضحية 160 دينارا، ولو راجعنا اسعار العام الماضي سنجدها كانت لا تتجاوز 120 دينارا، والذي قبله في حدود المائة، ولو أرجعنا البصر كرتين وجلبنا إعلانات الأضحية منذ عشر سنوات فقط، سنجدها في حدود الخمسين دينارا، وهو ما يؤشر لأن تصل الأضحية بعد عقد من الزمن لقرابة 500 دينار. والغريب في أمر الأضحية هو أن سعر اللحم الذي نشتريه من الأسواق لم يتغير ولم يطرأ عليه أي ارتفاع، فلماذا هذه الانتهازية في رفع أسعار الأضاحي، وماذا يفعل المواطن متوسط الحال الذي اعتاد على أن يضحي كل عام، حين يصل لمرحلة لا يستطيع أن يشتري الأضحية التي تجاوزت ثلث راتبه.