وبعدها أمرهم الإمام (ع) بأن يهيلوا التراب على الحفرتين فأخذوا يهيلون التراب ببكاءٍ وعويل. ثم جلس الإمام بقرب جسد الإمام الحسين (ع) وهو يبكي وقد انحنى عليهِ ثم أمرهم الإمام بأن يشقوا ضريحاُ لجسد الإمام الحسين مما يلي الرأس الشريف ففعلوا وقاموا يحفرون الحفرة والبكاء يعلو بينهم. وبعد ذلك قام الإمام ليحمل جسد أبيه فأقبل عليه الشيخ واصحابهُ ليساعدوه في حمل الجسد. فقال الإمام بخضوعْ وخشوع.
الامام:إنا أكفيكم أمره.
الشيخ:يا أخا العرب كيف تكفينا أمره وكلنا اجتهدنا على إن نحرك عضواُ من أعضائه فلم نقدر عليه.
الامام:إن معي من يعينني عليه.
الراوي:وقبل إن يحمل جسد أبيه الحسين قال لبني أسد.
الامام:ائتوني بحصيرة.
الشيخ: يا أصحابي احضروا الحصيرة. يا أخا العرب ماذا تصنع بالحصيرة!
الامام:اجمعُ عليها أوصال جسد أبي عبد الله الحسين. دفن الامام الحسين بن طلال الحضارية.
الراوي:عندها ذهب بنو أسد لجلب الحصيرة إلى الإمام السجاد (ع) ليجمع عليها أوصال ابيه المقطعة. وعندما جلبوا الحصيرة قام الإمام بجمع أوصال الإمام الحسين (ع) المقطعة من هنا وهناك ووضعها على الحصيرة.
ثم قام الإمام وحمل الجسد الطاهر ووضعهُ على الحصيرة ثم حمل الحصيرة وفيها الجسد المقطع إلى مستودع القبر.
- دفن الامام الحسين بن طلال بوابه
دفن الامام الحسين بن طلال بوابه
والمعروف كما سيأتي أن بني أسد إنما دفنوا الشهداء يوم رحيل ابن سعد بأهل البيت عليهم السلام إلى ابن زياد أي في اليوم الحادي عشر كما سيوافيك. 2- اليوم الثاني عشر وهو مختار ابن طاووس [4]. دفن الامام الحسين بن طلال بوابه. 3- اليوم الثالث عشر وهو مختار السيد المقرم ( ت 1391هـ) في كتاب مقتل الحسين ولم يذكر مصدر ذلك ومن يتبناه. قال: ( وفي اليوم الثالث عشر من المحرم أقبل زين العابدين لدفن أبيه الشهيد عليه السلام لأن الإمام لا يلي أمره إلا إمام مثله) [5]. قال الشيخ عباس القمي في ذلك: ( ومن المعروف (! ) أن الأجساد الطاهرة بقيت ثلاثة أيام مرمية على الأرض دون دفن ، ونقل عن بعض الكتب أنها دفنت بعد عاشوراء بيوم واحد، وهذا مستبعد ؛ذلك أن عمر بن سعد كان لا يزال في اليوم الحادي عشر لدفن القتلى من عسكره؛ وكان أهل الغاضرية قد ارتحلوا من نواحي الفرات خوفاً من ابن سعد، وبهذا الاعتبار فهم لا يجرؤون على العودة بهذه السرعة) [6]. ونفى الشيخ الطبسي في كتاب مع الركب الحسيني أن يكون الدفن في اليوم الحادي عشر لأن المسألة بالنسبة إليه إعجازية في حركة الإمام زين العابدين من الكوفة إلى كربلاء انطلاقاً من محاججة الواقفة مع الإمام الرضا كما ستوافيك وجاء في كلامه: ( إذن خروجه عليه السلام إلى كربلاء بالأمر المعجز لم يكن في اليوم الحادي عشر حتماً ، ذلك لأنه لم يدخل المجلس إلا في اليوم الثاني عشر، إذ لم يكن عمر بن سعد قد دخل بعسكره وبالسبايا مدينة الكوفة إلا في نهار اليوم الثاني عشر كما قدمنا قبل ذلك في سياق الأحداث) [7].
فإن من التجني على أنفسنا وعلى ديننا فيما إذا احتفظنا بنتائج الشعائر الحسينية لبعض الأيام من حياتنا فقط. فعلينا أن نكون على مستوى المسؤولية تجاه ذلك جزاكم الله خيراً. رابعاً: إن في ذلك ابتلاءاً وامتحاناً لعائلة الحسين(ع) الذين تحملوا مسؤولياتهم بعد واقعة الطف، بما فيهم الإمام السجاد(ع). متى دُفن الإمام الحسين (ع)؟ | الائمة الاثنا عشر. فإنهم مروا بصعوبات ومصائب قلَّ نظيرها، وكل ذلك ينتج لهم مقاماتهم الخاصة التي ادخرها الله تعالى لهم بسبب مساهمتهم في ثورة الإمام الحسين(ع)، ولما فتحه الإمام الحسين(ع) لهم من الفرصة الفريدة، لينهلوا من ذلك العطاء الخاص كل بحسبه واستحقاقه. ومن تلك الفجائع التي ابتلوا بها هي أن يتركوا سيدهم وإمامهم وحبيبهم مقطعاً على ثرى الطف، بعد أن مروا بهم على جسده الطاهر، وساروا بهم إلى الكوفة وعيونهم ترنو نحو المصرع، بتلك الحالة التي أبكت الحجر دماً، فكيف بهم وقد عاشوا في كنفه وتحت ظله ردحاً طويلاً من الزمن، يحنو عليهم بعطفه وحنانه ويمدهم بالتربية المركزة علماً وعملاً. وليس من السهل على الفرد أن يترك أخاه أو أباه أو زوجه بتلك الحالة، فكيف إذا كان هذا الشهيد المضرج بدمائه مضافاً إلى ذلك هو شيخه وسيده وإمامه. فكانت في ذلك بلاءات مضاعفة ترفع من شأنهم ودرجاتهم، إذا قابلوها بالصبر والتسليم وعدم الإعتراض على ما أراده الله تعالى، كما كان موقفهم أمامه جل شأنه.