ثم قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون ١ - ٦]. هذه السورة هي إحدى سورتَيِ الإخلاص؛ لأن سورتَيِ الإخلاص: (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد)، «وكان النبي ﷺ يقرأُ بهما في سُنَّة الفجر، وفي سُنَّة المغرب، وفي ركعتَيِ الطواف»[[أخرج أحمد (٥٢١٥) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله ﷺ قرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب بضعًا وعشرين مرَّةً أو بضع عشرة مرَّةً: (قل يا أيها الكافرون) و(قل هو الله أحد). القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الكافرون - الآية 6. وأخرج مسلم (١٢١٨ /١٤٧) من حديث جابر الطويل في الحج أنَّ النبي ﷺ كان يقرأ في الركعتين (قل هو الله أحد) و(قل يا أيها الكافرون). ]]؛ لِمَا تضمَّناه من الإخلاص لله عز وجل، والثناء عليه بالصفات الكاملة في سورة (قل هو الله أحد). يقول الله آمِرًا نبيَّه: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ يُناديهم، يُعْلن لهم بالنداء: ﴿يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، وهذا يشمل كلَّ كافرٍ؛ سواءٌ كان من المشركين، أو من اليهود، أو من النصارى، أو من الشيوعيِّين، أو من غيرهم؛ كلُّ كافرٍ يجب أن تناديه بقلبك أو بلسانك إن كان حاضرًا لتتبرَّأ منه ومن عبادته.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الكافرون - الآية 6
الأحاديث الواردة في فضل سورة (الكافرون)
عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «..... ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له بربع القرآن.... » [رواه الترمذي (2893) صحيح الجامع (6466). عن علي- رضي الله عنه- قال: لدغت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقرب وهو يصلي ، فلما فرغ قال: « لعن الله العقرب لا تدع مصليا ولا غيره » ، ثم دعا بماء وملح ، وجعل يمسح عليها ويقرأ ب قل يا أيها الكافرون ، و قل أعوذ برب الفلق ، و قل أعوذ برب الناس »] رواه الطبراني في المعجم الصغير وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم [(548). عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «قرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد» [رواه مسلم (2041)]. عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ما أحصى ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر بــ «قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد» [رواه الترمذي (431) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي[. ومن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه في صحيح مسلم]1218[: لسنا نعرف العمرة. حتى إذا أتينا البيت معه ، استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا.
فينبغي أن نأخُذ هذه السورة في واقع حياتنا، نجدِّد بها توحيدنا لله في عباداتنا كلِّها، فلا يكون شيء من عباداتنا في صلاة أو في صوم، أو في نفقة أو في تعامل - إلا لله خالصًا، ولنَسْلُك هذا المنهج، إنه منهج رباني عظيم، يجدِّد لنا التوحيد والإخلاص الذي نسأل الله أن يحقِّقه لنا في حياتنا كلها، ونسأله أن يُحيينا على الإخلاص، ويُميتنا على الإخلاص. الصورة الثانية: إعلان هذه البراءة بنصها القرآني لكل مستويات الكفر والشرك:
هذا الإعلان هو تنفيذ لأمر الله عز وجل، وليس لأحدٍ أن يتعالى فوق أمر الله ويقول برأيه، فقل: هو الأمر الإلهي الحاسم الموحي بأن أمر هذه العقيدة أمرُ الله وحدَه، إنما هو الله الآمر الذي لا مردَّ لأمره، الحاكم الذي لا رادَّ لحُكمه؛ ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36]. هذا الإعلان يجب إعلانُه م ن جانب الأفراد والدول والأمة الإسلامية بكل وسائل الإعلان والإعلام الحديثة الموجهة إليهم، مع بيان أن هذا لا يعني إعلان حرب على هؤلاء كما يظنُّ بعض الجاهلين، بل هو منهج تعامُل معهم في كلِّ مناحي الحياة ولا تنازُل عن تنفيذ منهج الله في التعامل معهم؛ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾.
قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)
«قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها» تقدم إعرابها في الآية السابقة «أَبَداً» ظرف زمان متعلق بندخلها «ما دامُوا فِيها» فعل ماض ناقص والواو اسمها وفيها متعلقان بمحذوف خبر دام. «فَاذْهَبْ أَنْتَ» فعل أمر والفاء هي الفصيحة وفاعله ضمير مستتر تقديره: أنت وأنت تأكيد للضمير المستتر «وَرَبُّكَ» عطف على الفاعل المستتر أنت «فَقاتِلا» فعل أمر وفاعله والجملة عطف على اذهب. «إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ» إن واسمها وخبرها هاهنا الهاء للتنبيه هنا اسم إشارة في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بالخبر قاعدون والجملة مستأنفة.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة المائدة - الآية 24
نوفمبر 10، 2015
كاظم
( 163, 120 نقاط)
اكمل الباقى
نوفمبر 17، 2015
أشجان
( 149, 380 نقاط)
اني اعتقد انهم كانو قاعدين في جبل في الاردن وانا لست متاكد
جريدة الرياض | «فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ»
وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا علي بن الحسين حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سار إلى بدر استشار المسلمين ، فأشار إليه عمر ثم استشارهم فقالت الأنصار: يا معشر الأنصار إياكم يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: إذا لا نقول له كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها إلى برك الغماد لاتبعناك. ورواه الإمام أحمد عن عبيدة بن حميد الطويل عن أنس به. ورواه النسائي عن محمد بن المثنى عن خالد بن الحارث عن حميد به ، ورواه ابن حبان عن أبي يعلى عن عبد الأعلى بن حماد عن معمر بن سليمان عن حميد به. وقال ابن مردويه: أخبرنا عبد الله بن جعفر أخبرنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا محمد بن شعيب عن الحسن بن أيوب عن عبد الله بن ناسخ عن عتبة بن عبد السلمي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " ألا تقاتلون؟ " قالوا: نعم ، ولا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة المائدة - الآية 24. وكان ممن أجاب يومئذ المقداد بن عمرو الكندي رضي الله عنه ، كما قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن مخارق بن عبد الله الأحمسي عن طارق - هو ابن شهاب -: أن المقداد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: يا رسول الله ، إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون.
فلما سمعها أصحابُ نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم تتابعوا على ذلك. (4) * * * وكان ابن عباس والضحاك بن مزاحم وجماعة غيرهما يقولون: إنما قالوا هذا القول لموسى عليه السلام، حين تبيَّن لهم أمر الجبارين وشدّةُ بطشهم. 11684 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: أمر الله جل وعزّ بني إسرائيل أن يسيروا إلى الأرض المقدسة مع نبيهِّم موسى عليه السلام، فلما كانوا قريبًا من المدينة قال لهم موسى: " ادخلوها " ، فأبوا وجبُنوا، وبعثوا اثنى عشر نقيبًا لينظروا إليهم، فانطلقوا فنظروا فجاءوا بحبة فاكهة من فاكهتهم بوِقْر الرجل، فقالوا: اقدُرُوا قوّة قوم وبأسُهم هذه فاكهتهم! فعند ذلك قالوا لموسى: " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ". 11685 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، نحوه. --------------------- الهوامش: (1) انظر تفسير "أبدا" فيما سلف 9: 227. (2) هذه مقالة أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 160 ، بمعناه ، وبغير لفظه. (3) الأثر: 11682- "مخارق" ، هو: "مخارق بن عبد الله بن جابر البجلي الأحمسي" ، ويقال: "مخارق بن خليفة".