وكذا عن أبي بن كعب. واختار ابن جرير هذا القول. ومنهم من يقف على قوله: ( والراسخون في العلم) وتبعهم كثير من المفسرين وأهل الأصول، وقالوا: الخطاب بما لا يفهم بعيد. وقد روى ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه قال: أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله. وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: والراسخون في العلم يعلمون تأويله، ويقولون آمنا به. وكذا قال الربيع بن أنس. وقال محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: ( وما يعلم تأويله) الذي أراد ما أراد ( إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به) ثم ردوا تأويل المتشابه على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد، فاتسق بقولهم الكتاب، وصدق بعضه بعضا، فنفذت الحجة، وظهر به العذر، وزاح به الباطل، ودفع به الكفر. وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس فقال: اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل. ومن العلماء من فصل في هذا المقام، فقال: التأويل يطلق ويراد به في القرآن معنيان: أحدهما: التأويل بمعنى حقيقة الشيء، وما يؤول أمره إليه، ومنه قوله تعالى: ( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا) [ يوسف: 100] وقوله: ( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله) [ الأعراف: 53] أي: حقيقة ما أخبروا به من أمر المعاد، فإن أريد بالتأويل هذا، فالوقف على الجلالة؛ لأن حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه على الجلية إلا الله عز وجل، ويكون قوله: ( والراسخون في العلم) مبتدأ و ( يقولون آمنا به) خبره.
والراسخون في العلم يقولون
وروى الكُليني في الكافي أيضاً بسنده عن أبي عبد الله (ع) قال: "نحن الرَّاسخون في العلم ونحنُ نعلم تأويلَه"(13). والحمد لله رب العالمين
من كتاب: شؤون قرآنية
الشيخ محمد صنقور
1- سورة آل عمران / 7. 2- الكافي -الشيخ الكليني- ج1 / ص213، ج8 / ص269، بصائر الدرجات -محمد بن الحسن الصفار- ص أخرج ما يزيد على العشر روايات في الباب العاشر في الائمة انهم الراسخون في العلم: 222، وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج7 / ص179 باب 13 من أبواب صفات القاضي. 3- سورة آل عمران / 7. 4- سورة آل عمران / 7. 5- سورة الأنعام / 59. 6- سورة آل عمران / 44. 7- سورة آل عمران / 7. 8- سورة آل عمران / 164. 9- سورة آل عمران / 7. 10- سورة آل عمران / 7. 11- سورة آل عمران / 7. 12- الكافي -الشيخ الكليني- ج1 / ص213. 13- الكافي -الشيخ الكليني- ج1 / ص213، تفسير العياشي -محمد بن مسعود العياشي- ج1 / ص164، لاحظ بحار الأنوار -العلامة المجلسي- باب انهم أهل علم القرآن والذين اوتوه والمنذرون به والراسخون في العلم ج23 / ص188.
والراسخون في العلم يقولون ءامنا
وتأويل الصفات هو الحقيقة التي انفرد الله تعالى بعلمها، وهو الكيف المجهول، فالاستواء معلوم يعلم معناه، ويفسر ويترجم بلغة أخرى، وهو من التأويل الذي يعلمه الراسخون في العلم، وأما كيفية ذلك الاستواء فهو التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى].
والراسخون في العلم
وقال الشعبي: ما ابتدع أحد بدعة إلا وفي كتاب الله بيانها. وقال مسروق: ما سئل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء إلا وعلمه في القرآن، ولكن علمنا قصر عنه. وهذا باب واسع قد بسط في موضعه. والمقصود هنا: التنبيه على أصول المقالات الفاسدة التي أوجبت الضلالة في باب العلم والإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن من جعل الرسول غير عالم بمعاني القرآن الذي أنزل إليه، ولا جبريل جعله غير عالم بالسمعيات، ولم يجعل القرآن هدى ولا بياناً للناس. ثم هؤلاء ينكرون العقليات في هذا الباب بالكلية، فلا يجعلون عند الرسول وأمته في باب معرفة الله عز وجل لا علوماً عقلية ولا سمعية، وهم قد شاركوا الملاحدة من وجوه متعددة]. الذين ينكرون العقليات هم أهل التجهيل، فهم لا يعتمدون النصوص والسمع في إثبات ما أخبر الله سبحانه وتعالى عن نفسه، أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم عنه؛ لأنهم يقولون: هي نصوص لا معاني لها، ولا يعتمدون العقل؛ لأن العقل ليس بحجة في النظر في باب الغيبيات، فهؤلاء أغلقوا الباب بالكلية، فهم ينكرون العقليات في هذا الباب بالكلية، يعني: لا تبعاً للنص ولا استقلالاً، بخلاف أهل التأويل الذين اعتمدوا العقليات، وجعلوها حججاً قاطعة تحكم على النصوص، فكلا الفريقين وقع في ضلال، أولئك عطلوا النصوص واعتمدوا العقل، وهؤلاء عطلوا النصوص وعطلوا العقول.
والراسخون في العلم يقولون آمنا به
أما
الذين ذهبوا إلى أنه يمكن للعلماء العلم بالتأويل، فإنهم يقصدون بذلك
التأويل بالمعنى الأول، أي: معنى التفسير، وهذا أيضاً لا يختلف فيه اثنان. ويمكن
أن نمثِّل لهذا بمثال يزيد الأمر وضوحاً وجلاءً، فنقول: إن صفة العلم التي
وَصَفَ الله بها نفسه، وكذلك باقي الصفات، يمكن للعلماء تأويلها، بمعنى
تفسيرها، أما تأويلها بمعنى معرفة حقيقة هذه الصفة، أو معرفة حقيقة باقي
صفاته سبحانه، فهذا ما لا سبيل لأحدٍ إليه، كما سنبين ذلك لاحقًا.
اهـ. والله أعلم.
[5]
شاهد ايضًا: الجمع والقصر للمسافر كم يوم
وهكذا نكن قد أجبنا على السؤال: ما هي المسافة التي يجوز قصر الصلاة فيها ، وعرفنا شروط صلاة القصر، وكيفية صلاة القصر، حيث لا يتم قصر الصلاة إلا في الصلوات الرباعية وفي السفر فقط. المراجع
^
مجموع الفتاوى, عبدالله بن عباس،ابن تيمية، 24/127،هو من كلام ابن عباس
سورة النساء, الآة 101
^, أن يكونَ السَّفرُ مسافةَ قَصرٍ, 24-03-2021
^, شروط قصر وجمع الصلاة للمسافر, 24-03-2021
/, كيفية قصر الصلوات وجمعها في السفر, 24-03-2021
المسافة التي يجوز فيها قصر الصلاة
تاريخ النشر: الإثنين 13 ذو الحجة 1430 هـ - 30-11-2009 م
التقييم:
رقم الفتوى: 129618
26496
0
356
السؤال
سؤالي عن صلاة المسافر ويتضمن ما يلي:1- سافرت من مدينتي إلى مدينه أخرى تبعد 50 كم وقضيت عملي هناك بأربع ساعات، ثم رجعت وهناك صليت الظهر قصراً وقصرت العصر وجمعته مع الظهر وعدت إلى مدينتي في وقت العصر ولم أصل العصر. فهل فعلي هذا صحيح؟2- سافرت إلى مسافة 250 كم وهناك طبعا أقصر الرباعية. سؤالي: هل أصلي في المسجد مع الجماعة وأتم الصلاة أم أصليها في البيت قصراً عملا بالرخصة؟ وهل لي أن أجمع الوقت الثاني (العصر أو العشاء) قصراً؟ 3- هل هناك علاقه بين القصر والجمع وما شروط جمع الصلاة؟ 4- هل توجد مسافة محددة للقصر وما الدليل على ذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولاً أن الفقهاء قد اختلفوا اختلافاً كثيراً في المسافة التي يترخص فيها برخص السفر، والمفتى به عندنا هو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وهو أن هذه المسافة تقدر بأربعة برد أي ثمانية وأربعون ميلاً، وهو ما يساوي ثلاثة وثمانين كيلو متراً تقريباً، ويروى في هذا حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لا يثبت، وثبت هذا بأسانيد صحيحة عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وصحح أسانيد هذه الآثار النووي في شرح المهذب.
تاريخ النشر: الأحد 16 جمادى الآخر 1436 هـ - 5-4-2015 م
التقييم:
رقم الفتوى: 291199
26115
0
172
السؤال
هل يجوز قصر الصلاة وجمعها عند السفر لمسافة 70 كيلو مع العودة في نفس اليوم فقد وجدت فتوى للشيخ ابن باز في جواز ذلك، وعملت اجتهادا أو بحثا فوجدت أن مسافة 80 كيلو تقريبية، واختلف العلماء في تقدير الميل والذراع الشرعيين؟. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسافة التي تقصر فيها الصلاة وتجمع للسفر مختلف فيها بين أهل العلم، فجمهورهم على أنها أربعة برد، وقد تقدم ذلك مفصلا كما في الفتوى رقم: 110363. واختلفوا أيضا في تقدير الميل والذراع -كما ذكرت- والذي عليه أكثرهم هو تحديد المسافة بحوالي ثلاثة وثمانين كيلو متراً تقريباً، وهو الذي عليه الفتوى عندنا، وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 558 ، 1887. وذهب بعض أهل العلم إلى عدم تحديد المسافة، وأن الأمر راجع إلى العرف، فما كان في عرف الناس سفراً، فهو السفر الذي تقصر فيه الصلاة... وما لم يكن في عرفهم سفرا فلا يعتبر سفرا. والذي في وقفنا عليه من كلام ابن باز ـ رحمه الله ـ في هذا الموضوع ما جاء في مجموع فتاواه أن مسافة القصر ثمانون كيلو تقريبا؛ فقد أجاب على السؤال التالي: " السائق المسافر يوميا، هل يجوز له القصر في هذه الحالة؟
فقال: السائق وغيره إذا سافر مسافة قصر وهي ثمانون كيلو تقريبا، فإنه يشرع له القصر تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وإذا أتم فلا حرج عليه، لكن إذا أقام في أي مكان إقامة تزيد على أربعة أيام قد جزم عليها فإنه يتم عند أكثر أهل العلم ".