فقالوا: خطيبهم أخطب من خطيبنا ، وشاعرهم أشعر من شاعرنا ، فارتفعت أصواتهم فأنزل الله تعالى: لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول وقال عطاء الخراساني: حدثتني ابنة ثابت بن قيس قالت: لما نزلت: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية ، دخل أبوها بيته وأغلق عليه بابه ، ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليه يسأله ما خبره ، فقال: أنا رجل شديد الصوت ، أخاف أن يكون حبط عملي. فقال - عليه السلام -: ( لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير). يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي صلى الله عليه. قال: ثم أنزل الله: إن الله لا يحب كل مختال فخور فأغلق بابه وطفق يبكي ، ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليه فأخبره ، فقال: يا رسول الله ، إني أحب الجمال وأحب أن أسود قومي. فقال: ( لست منهم بل تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة).
- يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي يوسف
- يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي محمد
- يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي المبتسم
- يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي تحفظ من العين
- يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي صلى الله عليه
يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي يوسف
الآية 15: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ ﴾ حقاً هم ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ وعَمِلوا بشرعه ﴿ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ﴾: يعني لم يَشُكُّوا في إيمانهم ﴿ وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾: أي بَذَلوا أرواحهم ونفائس أموالهم في الجهاد في سبيل الله وطاعته ورضوانه، ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ في إيمانهم. استنتج فائده من قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي - إسألنا. الآية 16: ﴿ قُلْ ﴾ - أيها النبي - لهؤلاء الأعراب: ﴿ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ ﴾: يعني أتُخَبِّرونَ اللهَ بدينكم وبما في ضمائركم ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ ؟! ﴿ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ لا يَخفى عليه ما في قلوبكم. الآية 17: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ﴾: أي يَمُنُّ هؤلاء الأعراب عليك - أيها النبي - بإسلامهم ونُصرتهم لك، ﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ ﴾: أي لا تَمُنُّوا عليَّ دخولكم في الإسلام; فإنَّ نفع ذلك إنما يعود عليكم، ﴿ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾: يعني بل الله هو الذي له المِنّة والفضل عليكم في أنْ وفقكم للإيمان به وبرسوله ﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ في إيمانكم.
يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي محمد
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ. رواه البخاري: (4845). 2- قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)). عن البراء بن عازب، في قوله تعالى: (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون) [الحجرات: 4] قال: قام رجل فقال: يا رسول الله إن حمدي زين وإن ذمي شين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك الله عز وجل ، رواه الترمذي: (5/ 387)، وقال: هذا حديث حسن غريب. وفي مسند الروياني (307): ( فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)). ثابت بن قيس بن شماس - ويكيبيديا. فصرح بأنها سبب النزول. وينظر: "موسوعة: التفسير بالمأثور" (20/376-381). 3- قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ * وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الحجرات/ 6-8.
يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي المبتسم
وتأتي الأيّام لتصدّق نبوّة رسول الله
–صلى الله عليه وسلم-، فإن ثابتاً رضي الله عنه شارك في معركة اليمامة ضدّ مسيلمة
الكذّاب وأبلى فيها بلاءً حسنًا يُقرّ به كل من كان في المعركة حتى سقط شهيدًا،
فرضي الله عنه وأرضاه. فثابت رضي الله عنه لم يكن منه سوى
ارتفاع صوتٍ غير مقصود، ولا يحمل دلالة استنقاصٍ أو استخفاف، لكنّه الخوف من
الذنب، والتعظيم لمقام النبوّة، وحفظ جناب المصطفى عليه الصلاة والسلام من أن
يناله ما يؤذيه من قول أو فعل. ولقد بلغ الحياء عند ثابت رضي الله عنه
مبلغًا عظيمًا بحيث لم يجرؤ على مصارحة الرسول –صلى الله عليه وسلم- بما يجول في
نفسه من المشاعر والهواجس، وهذا يؤكّد أن حواريّي النبي عليه الصلاة والسلام
وأتباعه كانوا يمثّلون أكمل جيل وأعظم رعيل، وبمثل هذه الأخلاق الفاضلة استحقّوا
مكانتهم عند الله وعند الناس.
يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي تحفظ من العين
الآية 12: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ ﴾ أي اجتنِبوا كثيرًا من ظن السوء بالمؤمنين؛ فــ ﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ (لأنّ هناك أشياء لا تعلمونها، إذاً فالتمسوا العُذر لإخوانكم)، ﴿ وَلَا تَجَسَّسُوا ﴾ أي لا تُفَتِّشوا عن عورات المسلمين، ولا تحاولوا الاستماع إلى أسرارهم، ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾: أي لا يَقُل أحدكم ما يكرهه أخوه في غيبته (حتى ولو كانت تلك الصفة التي تذكرونها موجودة فيه)، ﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا ﴾ أي يأكل لحمه وهو ميت؟! ﴿ فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾: يعني فأنتم تكرهون ذلك (إذاً فاكرهوا غيبة أخيكم، ورُدُّوا المغتاب عن غيبته - قدر استطاعتكم - بالموعظة الحسنة) ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ فيما أمَرَكم به ونهاكم عنه ﴿ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ ﴾ أي يقبل التوبة من عباده، ﴿ رَحِيمٌ ﴾ بهم، فلا يُعذبهم بذنبٍ تابوا منه. الآية 13: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ﴾: أي خلقناكم من أب واحد (وهو آدم)، ومن أُم واحدة (وهي حواء)، فلا تَفاضُل بينكم في النسب، ﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ ﴾ بالتناسل ﴿ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ ﴾ متعددة ﴿ لِتَعَارَفُوا ﴾: أي ليَعرف بعضكم بعضًا، فتتعاونوا على ما ينفعكم في الدنيا والآخرة (لا لتتفاخروا بأنسابكم)، فـ ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ ﴾ أي أفضلكم ﴿ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ يعني أشدكم خوفاً منه وعملاً بطاعته، ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ ﴾ بالمتقين، ﴿ خَبِيرٌ ﴾ بأفعالهم وما في قلوبهم.
يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي صلى الله عليه
قال: ولا نعلم أحدا أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت ، رحمه الله ، ذكره أبو عمر في الاستيعاب. الثانية: قوله تعالى: ولا تجهروا له بالقول أي لا تخاطبوه: يا محمد ، ويا أحمد. ولكن: يا نبي الله ، ويا رسول الله ، توقيرا له. وقيل: كان المنافقون يرفعون أصواتهم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ليقتدي بهم ضعفة المسلمين فنهي المسلمون عن ذلك. وقيل: لا تجهروا له أي: لا تجهروا عليه ، كما يقال: سقط لفيه ، أي: على فيه. يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي يوسف. كجهر بعضكم لبعض الكاف كاف التشبيه في محل النصب ، أي: لا تجهروا له جهرا مثل جهر بعضكم لبعض. وفي هذا دليل على أنهم لم ينهوا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم إلا أن يكلموه بالهمس والمخافتة ، وإنما نهوا عن جهر مخصوص مقيد بصفة ، أعني الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه منهم فيما بينهم ، وهو الخلو من مراعاة أبهة النبوة وجلالة مقدارها وانحطاط سائر الرتب وإن جلت عن رتبتها. أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون أي من أجل أن تحبط ، أي: تبطل ، هذا قول البصريين. وقال الكوفيون: أي: لئلا تحبط أعمالكم. الثالثة: معنى الآية الأمر بتعظيم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتوقيره ، وخفض الصوت بحضرته وعند مخاطبته ، أي: إذا نطق ونطقتم فعليكم ألا تبلغوا بأصواتكم وراء الحد الذي يبلغه بصوته ، وأن تغضوا منها بحيث يكون كلامه غالبا لكلامكم ، وجهره باهرا لجهركم ، حتى تكون مزيته عليكم لائحة ، وسابقته واضحة ، وامتيازه عن جمهوركم كشية الأبلق.
♦ وقد كان هذا الخير الذي حصل لهم ﴿ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ ﴾ عليهم ﴿ وَنِعْمَةً ﴾ ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ ﴾ بمن يَشكر نعمه، ﴿ حَكِيمٌ ﴾ في إنعامه على مَن يَستحق هذه النعم.