لا بد أن تبقى معك آثار هذا القرآن بقية السنة ويحبب إليك كلام الله، فتجد له لذة وحلاوة وطلاوة وهنا لن تمل من استماعه، كما لن تمل من تلاوته. هذه سمات وصفات المؤمن الذي يجب أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله تعالى وخاصته" انتهى ( فتاوى الشيخ ابن جبرين: [59/ 31-32]). ان لله اهلين من الناس شرح حديث. ومن كان له وِرد يومي من القرآن، فتركه لعذرٍ من سفر أو مرض ونحوه لم يضره ذلك؛ لما (رواه البخاري: [2996]) عن أبي مُوسَى رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا ». ولا ينبغي لمن أراد أن يكون من أهل القرآن أن يترك تلاوته يومًا لغير عذر، فصاحب القرآن لا يغفل عنه ولا ينشغل عنه أبدًا.
الإمام نافع.. إمام أهل المدينة - موقع مقالات إسلام ويب
الله جل جلاله أنزل القرآن يا أمة القرآن ليكون آية وبرهانًا وليكون منهاجا للأمة وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، وهداية للناس أجمعين. القرآن عصمة لمن اعتصم به، ونجاة لمن تمسك به، ونور لمن استنار به، وحرز من النار لمن عمل به واتبعه. القرآن من عمل به أحبه الله، ومن اعتز به أعزه الله، ومن أكرمه أكرمه الله. القرآن يا أمة القرآن تكفل الله جل جلاله لمن اتبعه حق اتباعه، ألا يضلَّ في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، قال جل جلاله: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123]. الإمام نافع.. إمام أهل المدينة - موقع مقالات إسلام ويب. ومن أعرض عنه وتغافل عنه ولم يرفع به رأساً ولم يجعله في الأمور أساساً، فإنها الخيبة والخسارة والخِذلان، قال رب العزة جل جلاله: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124]. على كل من تمسك بحبل الله المتين ألا هو القرآن وقام به وتلاه حق تلاوته، عليه أن يعلم أنه الربح الذي ليس بعده ربح، والفوز الذي ليس بعده فوز، و النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة.. عليه أن يعلم أنه استحق الرفعة والشرف والإعزاز والتكريم من العلي الكريم.
وأمَّا في الإقراء فكان يبدأ من سبق ولا ينظر إلى حاله، وكان يُقرئ النَّاس بالقراءات كلها [ جمال القراء 2/447]، وقد قال له أبو دِحية: يا أبا رويم، أتقرئ النَّاس بجميع القراءات؟ فقال: سبحان الله العظيم، أأحرم من نفسي ثواب القرآن، أنا أقرئ الناس بجميع القراءات حتى إذا جاء من يطلب حرفي أقرأته به[ غاية النهاية 2/ 304]. وقد جاءه رجل فقال له: خذ عليَّ الحَدْر، فقال نافع: وما الحدر؟ ما أعرفها، أسْمِعْنَا، قال: فقرأ الرجل، فقال نافع: حَدْرُنَا ألاَّ نُسْقِطَ الإعراب، ولا نُشَدِّدَ مُخَفَّفَاً، ولا نُخَفِّفَ مُشَدَّدَاً، ولا نَقْصُرَ ممدُودَاً، ولا نَمُدَّ مَقْصُورَاً، قِراءتُنَا قِرَاءة أكابِرِ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سَهْلٌ جَزْل، لا نمْضَغُ ولا نَلُوك، نُسَهِّلُ ولا نُشَدِّدُ، نَقْرَأ على أفصح اللغات وأمضاها، ولا نلتَفتُ إلى أقاويل الشعراء وأصحاب اللغات، أصاغر عن أكابر... ، قراءتنا قراءة المشايخ، نسمع في القرآن ولا نستعمل فيه الرَّأي"[ جمال القراء 2/ 447]. ثالثاً: مكانته وعلمه:
أحد الأعلام، وأحد القرَّاء السبعة المشهورين، اشتهر في المدينة، وانتهت إليه رياسة القراءة فيها، وأقرأ النَّاس نيفًا وسبعين سَنَةً.