ي كتاب «السخرية السياسية العربية» الصادر سنة 1980 نقرأ ما كتبه إبراهيم عبده عن لبنان في الأربعينات من القرن الماضي، وقد سمّاه «وردستان» أيّ بلاد الورد:
«لم أرَ في حياتي أشطر ولا أذكى من ناس وردستان، فهم يعيشون في نظام سياسي فريد يرتكز على الدين! فلرئيس الدولة مِلّة، ولرئيس الوزارة ملّة أخرى، ونسي الكاتب رئيس مجلس النواب ، ثم توزع المناصب، الكبيرة منها والصغيرة، حسب المذاهب والأديان». ويتابع الكاتب:
«ثم تجد في وردستان جماعات تناصر «نفاقستان»، وأخرى تؤازر «شقاقستان»، وثالثة تدعو إلى «توريطستان». وتمدّ الدول تلك الجماعات بالمال لتنشئ المؤسسات الصحافية ، وتقوم عند اللزوم بتأجير الجماعات للتظاهر في الشوارع، وتهتف للدولة التي استؤجرت للهتاف لها. ناقل الكفر ليس بكافر. وقد يتطوّر الأمر بين المأجورين لهذه الدولة أو تلك، وتحتدم المعارك بينهما، ويضطر جند الحكومة إلى التدخل لإعادة النظام. ولهذه «الشطارة» نجح الصحافيون المغمورون، وأثرى متعهّدو الجماعات المأجورة، وعملاء السفارات الثلاث، وبهذا الذكاء عمّ الرخاء وردستان! »
تعليق: «ناقل الكفر ليس بكافر».
- ناقل الكفر ليس بكافر
ناقل الكفر ليس بكافر
ناقل الكفر ليس بكافر السؤال: في السنوات الخالية من التعليم الثانوي وفي مادة اللغة الفرنسية كان الأستاذ يأتي ببعض النصوص الأدبية الفرنسية لدراستها ، وهي تشتمل على بعض الأمور المناقضة للتوحيد ( الشرك الأكبر) عافانا الله ونجانا وإياكم من الوقوع فيه ، وكان يدرسها من الناحية الأدبية ، و الأستاذ مسلم ، وقال إن تلك العقائد نصرانيه ، ولما سألت أستاذ اللغة الإسلامية قال ما مضمونه: إن قارئ وراو الكفر ليس بكافر ، وإن كتاب الله مليء بتبيان متل تلك العقائد الفاسدة ، ونحن - ولله الحمد - نتبرأ من تلك العقائد ونعتقد بطلانها ، فهل ما قال أستاذ اللغة الإسلامية صحيح ، بأن من قرأ ذلك ليس بكافر ولا مشرك ؟. الجواب:
الحمد لله
أولا:
ما قاله أستاذك صحيح ؛ فناقل الكفر ليس بكافر ، ما دام أنه ينكر ذلك ويعتقد بطلانه ، ويتأكد هذا عندما ينقله للرد عليه وبيان بطلانه ونكارته ، كما هو كثير في القرآن المجيد من ذكر عقائد أهل الكفر وبيان فسادها ، وهذا أمر مستقر عند العلماء ، ومن أمثلة ذلك قول ابن الحاج القناوي في كتابه "حز الغلاصم في إفحام المخاصم" (ص32) أثناء حديثه عن إبطال عقيدة القدرية: " فقول الناس إذن كافة: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، باطل.
هل يختلف من اغتال ناهض حتر أمام قصر العدل في عمان، عن الشخص الذي اغتال فرج فودة في الشارع بالقاهرة؟ فعندما سأله القاضي في مصر: لماذا قمت باغتياله؟ قال: لأنه كافر. فسأله القاضي: هل قرأت كتبه؟ فأجاب: أنا لا أقرأ ولا أكتب؛ وكأنه أراد أن يقول: لقد قتلته على الريحة؛ "ريحة" التحريض. أما نظيره في الأردن، وإن كان مهندساً، فهو كذلك لا يقرأ ولا يكتب ولم يطلع على كتاب لحتر، بل قام بفعلته على الريحة؛ "ريحة" التحريض أو الضخ الذي تقوده وتؤججه بعض مواقع التواصل الاجتماعي علناً وعلى رؤوس الأشهاد. وهو ما يؤكده التحليل النفسي، فالقاتل تفجر نفسياً بتحريضها وضخها للمشاعر التكفيرية وانطلق منها نحو القيام بالقتل، من دون أن يتعب نفسه ليرى إن كان حتر نقل الكاريكاتير من مصدر سابق أو لا، أو رسمه هو. لو فعل وأتعب نفسه قليلاً، لوجد أنه من إنتاج فتاة ناجية من "داعش" قررت السخرية من منهج التنظيم، وليس من الله؛ وأنه لو كان الكاريكاتير كفراً، فإن ناقله ليس بكافر كما يؤكد الأئمة والوعاظ في المساجد، والمعلمون والمعلمات في المدارس، والأساتذة والأستاذات في كليات الشريعة. لكن البعض من هؤلاء يقولون ذلك في "الوساع" ولا يؤمنون به في "الضياق".