[٧] [٦]
كيف تُكتسب القناعة؟
القناعة من الأخلاق الحميدة التي يمكن اكتسابها وذلك عن طريق مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى التَّخلق بهذا الخلق ومن تلك الأسباب: [٨]
أن يسلِّم العبد لقضاء الله وقدره الذي كتبه عليه، مع التَّوكل عليه في جميع أمور حياته. ألا يتعلق قلب المؤمن بالنَّعيم الزَّائل في هذه الحياة الدُّنيا ويسعى للحصول عليه، متناسيًا أنَّها دارٌ زائلة. أن يتَّخذ لنفسه قدوة صالحة متخلِّقة بالزُّهد، وتعدُّ القناعة أحد الصِّفات التي تتصف بها. أن يجاهد الإنسان نفسه من أجل التَّخلق بهذا الخلق، فلا يتطلَّع إلى من يفوقه في المال والرِّزق. أن يتفكر الإنسان في حال من هو دونه، وأنَّ الله قد منَّ عليه بالكثير. أن يكثر من الدُّعاء والتَّضرع إلى الله سبحانه وتعالى حتى يغرس القناعة في روحه. مكانة الصحابة رضي الله عنهم في الإسلام. أن يعلم أنَّ القناعة من الأسباب التي تجعله يعيش مرتاح البال مطمئنًا، من غير أن يكدِّر صفاء عيشه شيئًا من الحسد. كيف تتجلى القناعة في تصرفات المسلم؟
تتجلى القناعة في تصرُّفات المؤمن بعددٍ من الأمور مثل:
الاقتصاد في المأكل مهما كان الإنسان صاحب مالٍ وغنى، فها هو عمر بن عبد العزيز على الرُّغم من غناه إلَّا أنَّه كان يصبر على الجوع، ويقتصد في طعامه وشرابه.
- الحب في الله علاماته وفضله وشروطه - طريق الإسلام
- الزهد في الشرع والطريق إلى محبة الله معنى الدنيا في الشرع لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي - YouTube
- القناعة في الإسلام - سطور
الحب في الله علاماته وفضله وشروطه - طريق الإسلام
[١٤] [١٢]
قناعة عليه الصَّلاة والسَّلام بالقليل من المال
لم يكن عليه الصَّلاة والسّلام متعلقًا بالمال أو يبغي زيادته وإن أراد هذا فهو من أجل زيادةٍ في الدِّين والتَّقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- بالصَّدقات ورفع راية الإسلام، وهذا ما ورد في حديثٍ رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كانَ لي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا ما يَسُرُّنِي أنْ لا يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاثٌ، وعِندِي منه شيءٌ إلَّا شيءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ". [١٤] [١٢]
قناعة السلف الصالح
كيف تجلى اقتداء الشلف بقناعة النبي عليه الصلاة والسلام؟
قصة قناعة أبي حازم
ذكر أنَّ أحد خلفاء بني أميَّة قد كتب إلى أبي حازم هو يسأله عن حاجته وعمَّا يريد فيقضيه له، فرد أبو حازم عليه قائلًا إنّ حاجته قد رفعها إلى ربٍّ كريمٍ، وأنَّ ما يعطيه الله إياه من ذلك هو راضٍ به مقتنع بما وهبه، وما أمسك عنه من حاجاتٍ فذلك لحكمة منه ولا يُقدّر الله إلا الخير من الأمور، وهو وحده سبحانه مُقدر الخير كله. [١٢]
قصة قناعة أبو جعفر
وقد ذُكر في موضع آخر أنَّ أبا جعفر -وهو واحد من السلف الصالح- كان وارده من المال في الشَّهر يبلغ أربعة دراهم يعيش بها عيشة الكفاف ولم يرَ يومًا يسأل النَّاس أو يطلب المزيد، وما ذاك كله إلا لأنه كان مقتنعًا بما قسمه الله له، راضيًا بلقيمات من الحياة الدنيا ساعيًا إلى ربه لا يلتفت إلى بهرجات زائلة.
الزهد في الشرع والطريق إلى محبة الله معنى الدنيا في الشرع لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي - Youtube
ثم ذكر صفاتا حميدة لأهل الإيمان ثم ختمها بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:9-11]، وقال : إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج:19-23]. ثم ذكر صفات أخرى ختمها بقوله جل وعلا: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [المعارج:34، 35] فتبين بهذا عظم شأن الصلاة، وأن المحافظين عليها والخاشعين فيها والمعتنين بها لهم شأن عظيم ولهم أجر كبير، وهم وراثوا الفردوس ومن أصحاب الكرامة يوم القيامة في دار النعيم، فجدير بك يا أخي في الله، وجدير بك يا أختي في الله العناية بهذه الصلاة والإقبال عليها وتعظيم شأنها والمحافظة عليها في جميع أوقاتها الخمسة. هي عمود الدين، وهي أول شيء تحاسب عنه يا عبدالله ويا أمة الله يوم القيامة من أعمالك، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال في الصلاة: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر هذا يدل على عظم خطر التهاون بها وأن تركها كفر بالله نعوذ بالله من ذلك، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة فدل على أن تركها يوقع في الكفر والضلال ويوقع في الشرك.
القناعة في الإسلام - سطور
[١١] التراحُم
بأن يكون المجتمع المسلم مجتمعاً مُتراحماً مُتماسكاً قويّاً كالجسد الواحد، قائماً على المَودّة والرحمة، بعيداً عن المَكر أو الشرّ. الله في الإسلامي. التعاوُن
أمر الله -تعالى- المؤمنين بالتعاون فيما بينهم بما يُحقّق لهم الخير والتقوى؛ قال -عزّ وجلّ-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ، [١٢] ومن صُور التعاون على البِرّ والتقوى: الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكَر، ومساعدة الآخرين بقضاء ما يحتاجون إليه، ورعاية الأيتام، وإكرام الضيوف، والوقوف إلى جانب الضعيف، وبذلك تتحقَّق وحدة المسلمين. قال -تعالى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). [١٣] التناصُح
ويقصد بها تقديم النّصيحة وتقبّلها، وهو باب واسع، يتضمّن الإخلاص والصدق في الرأي لمن طلب المشورة، وإرشاد المسلمين بعضهم لما فيه مصالحهم، كما يعدّ ذبّ المسلم عن عرض أخيه إذا رأى من يريد أذاه في غيبته من باب النّصح.
واحرص على نبذ الفرقة والاختلاف. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولو كان كل ما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا، لم يبق بين المسلمين عصمةٌ ولا أخوة". خامسًا: من حقوق المسلم على المسلم: دلالته على الخير، وإعانته على الطاعة، وتحذيره من المعاصي والمنكرات، وردعه عن الظلم والعدوان، قال صلى الله عليه وسلم: « ليَنصُر الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَو مَظلُومًا. إِن كَانَ ظَالِمًا فَليَنهَهُ فَإِنَّهُ لَهُ نَصرٌ، وَإِن كَانَ مَظلُومًا فَليَنصُرهُ » (رواه مسلم؛ برقم: [2584]). سادسًا: وتكتمل المحبة بين المؤمنين في صورة عجيبة ومحبة صادقة عندما يكونان متباعدين، وكل منهما يدعو للآخر بظهر الغيب في الحياة وبعد الممات، قال صلى الله عليه وسلم: « دعوةُ المسلمِ لأخيه بظهرِ الغيبِ مُستجابةٌ. عند رأسِه ملَكٌ مُوكَّلٌ، كلما دعا لأخيه بخيرٍ قال الملَكُ الموكلُ به: آمين. الله في الاسلام. ولكَ بمِثل » (رواه مسلم؛ برقم: [2733]). سابعًا: تلمس المعاذير لأخيك المسلم، والذب عن عرضه في المجالس، وعدم غيبته أو الاستهزاء به، وحفظ سره، والنصيحة له إذا استنصح لك، وعدم ترويعه وإيذائه بأي نوع من أنواع الأذى، قال صلى الله عليه وسلم: « لا يحِلُّ لِمُسلِمٍ أنْ يُروِّعَ مُسلِمًا » (رواه أحمد؛ برقم: [23064]، وأبو داود؛ برقم: [5004]).