الآية رقم 214
الآية: 214 { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}
قوله تعالى: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} " حسبتم" معناه ظننتم. قال قتادة والسدي وأكثر المفسرين: نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة، والحر والبرد، وسوء العيش، وأنواع الشدائد، وكان كما قال الله تعالى: { وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [1]. أم حسبتم أن تدخلوا الجنة - عبد الله بن المدني. وقيل: نزلت في حرب أحد، نظيرها - في آل عمران – { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} [2]. وقالت فرقة: نزلت الآية تسلية للمهاجرين حين تركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين، وآثروا رضا الله ورسوله، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله ﷺ، وأسر قوم من الأغنياء النفاق، فأنزل الله تعالى تطييبا لقلوبهم "أم حسبتم". و "أم" هنا منقطعة، بمعنى بل، وحكى بعض اللغويين أنها قد تجيء بمثابة ألف الاستفهام ليبتدأ بها، و "حسبتم" تطلب مفعولين، فقال النحاة: "أن تدخلوا" تسد مسد المفعولين.
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة - عبد الله بن المدني
وقد نوع الله -تبارك وتعالى- مواهب الخلق وما أعطاهم وما أولاهم، وكل مُيسر، فمن فُتح له في باب فذلك خير يلزمه، ولا يُطالب الجميع بما يكون عليه الواحد منهم، أو ما يكون في نظره أنه الأفضل والأجدى، ومن هنا تقوم حضارة الأمة، وتتحقق عزتها وقوتها، وكل على ثغر، لكن القعود عن طاعة الله هذا الذي ليس له مُبرر أيها الأحبة! في حال من الأحوال. ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما ياتكم. وهكذا فإن هذا الصبر الذي دلت عليه هذه الآية يدل على أن المطلوب إذا عظُم فإن ذلك يتطلب مزيدًا من البذل، وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- هذا المعنى، وأنه كلما عظُم المطلوب عظُمت وسيلته، والعمل الموصل إليه، يقول: "فلا يوصل إلى الراحة إلا بترك الراحة، ولا يُدرك النعيم إلا بترك النعيم، ولكن مكاره الدنيا التي تصيب العبد في سبيل الله عند توطين النفس لها، وتمرينها عليها، ومعرفة ما تأول إليه تنقلب عند أرباب البصائر منحًا يُسرون بها، ولا يُبالون بها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء" [4]. لا يُنال النعيم إلا بترك النعيم، إنسان يريد أن يتنعم في الدنيا، ويُخلد إلى اللذات، ثم هو يطلب النعيم المُقيم في الآخرة، وكذلك لا يوصل إلى الراحة إلا بترك الراحة، حتى في المطالب الدنيوية والمكاسب والأعمال الناس يغدون مع شروق الشمس إلى معايشهم وأعمالهم، ونحو ذلك، والنوم يُغالبهم، ولو بقوا مع شهوات النفوس لما قاموا من فُرشهم، فهكذا النهوض إلى الفريضة، صلاة الفجر، النهوض لقيام الليل، النهوض إلى طاعة الله -تبارك وتعالى-.
تفسير: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)
قوله تعالى: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب قوله تعالى: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة " حسبتم " معناه ظننتم. قال قتادة والسدي وأكثر المفسرين: نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة ، والحر والبرد ، وسوء العيش ، وأنواع الشدائد ، وكان كما قال الله تعالى: وبلغت القلوب الحناجر. وقيل: نزلت في حرب أحد ، نظيرها - في آل عمران - أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم. وقالت فرقة: نزلت الآية تسلية للمهاجرين حين تركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين ، وآثروا رضا الله ورسوله ، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأسر قوم من الأغنياء النفاق ، فأنزل الله تعالى تطييبا لقلوبهم أم حسبتم. آل عمران الآية ١٤٢Ali 'Imran:142 | 3:142 - Quran O. و " أم " هنا منقطعة ، بمعنى بل ، وحكى بعض اللغويين أنها قد تجيء بمثابة ألف الاستفهام ليبتدأ بها ، و " حسبتم " تطلب مفعولين ، فقال النحاة: " أن تدخلوا " تسد مسد المفعولين. وقيل: المفعول الثاني محذوف: أحسبتم دخولكم الجنة واقعا. و " لما " بمعنى لم.
آل عمران الآية ١٤٢Ali 'Imran:142 | 3:142 - Quran O
الرسم العثماني أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جٰهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصّٰبِرِينَ الـرسـم الإمـلائـي اَمۡ حَسِبۡتُمۡ اَنۡ تَدۡخُلُوا الۡجَـنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ اللّٰهُ الَّذِيۡنَ جَاهَدُوۡا مِنۡكُمۡ وَيَعۡلَمَ الصّٰبِرِيۡنَ تفسير ميسر: يا أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أظننتم أن تدخلوا الجنة، ولم تُبْتَلوا بالقتال والشدائد؟ لا يحصل لكم دخولها حتى تُبْتلوا، ويعلم الله -علما ظاهرا للخلق- المجاهدين منكم في سبيله، والصابرين على مقاومة الأعداء. تفسير ابن كثير تفسير القرطبي تفسير الطبري تفسير السعدي تفسير الجلالين اعراب صرف ثم قال تعالى "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين" أي أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تبتلوا بالقتال والشدائد. كما قال تعالى في سورة البقرة "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا" الآية. وقال تعالى "الم. ام حسبتم ان تدخلوا الجنه ولما يعلم. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" الآية. ولهذا قال ههنا "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين" أي لا يحصل لكم دخول الجنة حتى تبتلوا ويرى الله منكم المجاهدين في سبيله والصابرين على مقاومة الأعداء.
(27) انظر معنى "البأساء والضراء" فيما سلف 3: 349- 352. (28) انظر ما سلف 1: 405 ، 406/ ثم 2: 230 ، 331. وقوله: "صلة" أي زيادة ، كما سلف شرحها مرارا ، فاطلبها في فهرس المصطلحات. (29) انظر تفسير "خلا" فيما سلف 3: 100 ، 128 ، 129. (30) انظر ما سلف: 1: 403. (31) الأثر: 4066 - هذا أثر ناقص ، ولم أجد تمامه في مكان آخر. (32) هو امرؤ القيس. (33) ديوانه: 186 ، ومعاني القرآن للفراء 1: 133 وسيبويه 1: 417/ 2: 203 ، ورواية سيبويه: "سريت بهم" وفي الموضع الثاني منه روى: "حَتَّى تَكِــــــلَّ غَـــــزِيّهم" مطا بالقوم يمطو مطوًا: مد بهم وجد في السير. يقول: جد بهم ورددهم في السير حتى كلت مطاياهم فصارت من الإعياء إلى حال لا تحتاج معها إلى أرسان تقاد بها ، وصار راكبوها من الكلال إلى إلقاء الأرسان وطرحها على الخيل. لا يبالون من تبعهم وإعيائهم ، كيف تسير ، ولا إلى أين. ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله. (34) قد استوفى الكلام في "حتى" الفراء في معاني القرآن 1: 132- 138 واعتمد عليه الطبري في أكثر ما قاله في هذا الموضع. الآية 213
تاريخ النشر: ٢٤ / جمادى الأولى / ١٤٣٨
مرات
الإستماع: 914
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
في سياق هذه التعزية لأهل الإيمان في هذه السورة الكريمة سورة آل عمران مما وقع، وجرى في أُحد إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِين وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِين [آل عمران:140-141]. هذا قد تحدثنا عن الحِكم مما يُجريه الله من الابتلاء، ومداولة الأيام بين الناس. وبقي الكلام على هذه الآية الكريمة التي يذكر الله بها حكمتين من هذه الحِكم وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِين ، فهذا الذي جرى هو اختبار وتمحيص وتنقية وتصفية لأهل الإيمان، هذا التمحيص لا يبعُد أن يشتمل على صور متنوعة، فيكون ذلك بتمحيص المؤمنين وتمييزهم من المنافقين، ويكون ذلك أيضًا بتمحيص النفوس من عوالق وشوائب تتعلق بها، سواء كان ذلك من التعلق بالدنيا والأرض، أو كان ذلك بلون من الاشتغال أو الالتفات عن الله -تبارك وتعالى- والدار الآخرة وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ.