والدعاء في عرف الشرع ينقسم إلى قسمين: ١ - دعاء العبادة. ٢ - ودعاء المسألة. كتاب الدعاء هو العبادة النفي والاثبات. فدعاء العبادة هو العبادة نفسها، والتي يتقرب بها العبد إلى ربه تبارك وتعالى، طالبًا رضوانه والجنة، وأن يبعده من النار وما يقرب إليها، ويدخل في ذلك جميع ما يتعبد به الله تعالى، ومن أعظم العبادات هي سؤاله والطلب منه سبحانه وتعالى، وهو النوع الثاني من أنواع الدعاء وهو: دعاء المسألة، وهو أن يسأل الله ويطلب منه تحقيق أمر من أمور الدنيا أو الآخرة. يقول الإمام ابن أبي العز الحنفي: "وإذا علم العباد أنه قريب يجيب دعوة الداعي علموا قربه منهم، وتمكنهم من سؤاله، وعلموا علمه ورحمته وقدرته فدعوه دعاء العبادة في حال، ودعاء المسألة في حال، وجمعوا بينهما في حال؛ إذ الدعاء اسم يجمع العبادة والاستعانة" (١). ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ في بيان المقصود بدعاء المسألة: "دعاء المسألة: وهو دعاؤه سبحانه في جلب المنفعة ودفع المضرة، بقطع النظر عن الامتثال، ولفظ الصلاة في اللغة أصله الدعاء، وسميت الصلاة دعاء لتضمنها معناه، وهو الدعاء الشامل للعبادة والمسألة" (٢). ويقول الشيخ محمود شكري الألوسي معرفًا له: "وهو طلب العبد من ربه بالصيغة القولية" (٣).
كتاب الدعاء هو العبادة النفي والاثبات
(١) "الصحاح" (٤/ ١٦٢٣). (٢) "العين" (٢/ ١٨٨). (٣) "الزاهر" (١٤٣). (٤) "تفسير الطبري" (٣/ ٢٦٢). (٥) "الصحاح" (٦/ ٢٤٢٦). (٦) "معجم مقاييس اللغة" (٤/ ٣٢٢). (٧) "تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٦٤٦)، "زاد المسير" (١/ ٣٨٦). (٨) "تفسير الطبري" (٧/ ٢٠٣) وسنده جيد. (٩) "التفسير البسيط" (٥/ ٢٤٢)، (٨/ ١٦٢). (١٠) "الوابل الصيب" ص (٢٠٠)، وانظر: "الكلم الطيب" ص (٣٠)، "الفتوحات الربانية" (٣/ ٧٣).
كتاب الدعاء هو العبادة للاطفال
نعم، فهما في النص متفقان، أي أن النص من الكتاب والسنة إذا ورد فيه لفظ (دعا) وما تصرف منها فإنه يصح أن يفسر بدعاء العبادة وبدعاء المسألة، وقد يترجح أحدهما في بعض النصوص لبعض القرائن، فإذا رأينا المفسرين قد اختلفوا على قولين في تفسير لفظ الدعاء الوارد في النصوص فقال بعضهم المراد دعاء المسألة، وقال بعضهم بل المراد دعاء العبادة، فنعلم أنه من قبيل خلاف التنوع لا التضاد؛ لأنهما متلازمان لا ينفكان أبدا
كتاب الدعاء هو العبادة لغير الله
قد يستبعد أن يصيد أبو قتادة الحمار الوحشي لأجله وحده، دون رفقته، وهو إشكال في موضعه. والذي يزيل هذا الإشكال هو أن نفهم أن الصيد عند العرب هواية محببة لديهم، وظرف يتعشقه ملوكهم وكبارهم. فلا يبعد أن أبا قتادة، لما رأى حمر الوحش، شاقه طرادها قبل أن يفكر في أنه سيصيدها ليأكل لحمها هو وأصحابه. أدب الزيارة المسافر إلى المدينة المنورة لقصد العبادة يشرع له أن يقصد بسفره إليها زيارة المسجد النبوي الشريف، وعبادة الله تعالى فيه لأنه المسجد الثاني في الفضل ومضاعفة العبادة، والدليل على ذلك ما جاء في حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه إذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" رواه الإمام أحمد وصححه ابن حبان. كتاب الدعاء هو العبادة لغير الله. هذا هو القصد المسنون شرعاً، وليس زيارة قبره الشريف، لأنه نص في الحديث الذي رواه البخاري على أن الزيارة للمسجد، وذلك في قوله: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام. ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى" وقد روى مسلم هذا الحديث أيضاً. وليس النهي عن شد الرحل إلى قبره الشريف استخفافاً بحقه صلى الله عليه وسلم، فإن محبته مقدمة على محبة كل شئ بعد الله.
ولكنه امتثال لأمره، وقد قال الله تعالى في حقه: {ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا}. فإذا وصل الزائر إلى المسجد النبوي الشريف استحب له عند الدخول أن يقدم رجله اليمنى، ويقول: " بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم يصلي ركعتين، والأفضل أن يكونا في الروضة الشريفة لقوله صلى الله عليه وسلم: " ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة " ويزور بعد الصلاة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فيقف تجاه القبر مما يلي وجهة الكريم بأدب وخفض صوت ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ". وذلك لما جاء في سنن أبي داو د عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من