الحادثة المرتبطة بالأسباب والنتائج يهفو إليها السامع. فإذا تخللتها مواطن العبرة في أخبار الماضين كان حب الاستطلاع لمعرفتها من أقوى العوامل على رسوخ عبرتها في النفس. والقصة القرآنية تمثل هذا الدور أقوى تمثيل، وتصوره في أبلغ صوره. وقصة آدم في القرآن الكريم تأتي ضمن هذا الإطار، فقد وردت مجريات هذه القصة وأحداثها في سبعة مواطن في القرآن الكريم: في سور البقرة، والأعراف، والحِجر، والإسراء، وطه، والكهف، وص. شجره ادم عليه السلام من الجنه. وذُكرت أحداث هذه القصة في هذه السور على درجات متفاوتة من الطول والقصر، والبسط والاختصار، وهي في مجموعها تشكل وحدة متكاملة مترابطة، لا اختلال فيها ولا انقطاع. حاصل القصة وحاصل هذه القصة القرآنية أنه سبحانه أمر آدم عليه السلام بأن يسكن وزوجه في الجنة، وأن يأكلا منها حيث شاءا، إلا شجرة معينة، بيد أن الشيطان لم يتركهما وشأنهما، بل وسوس لهما، واستجرهما للأكل منها، فأكلا من تلك الشجرة، مخالفين في ذلك أمر الله سبحانه، ثم جاء الأمر الإلهي لهما بالهبوط من الجنة، والاستقرار في الأرض، وطلب منهما الالتزام بما يأتيهما من الهدي الإلهي. وبعد استقرارهما في الأرض تناسلت منهما ذرية البشر. وكان إبليس من المطرودين من الجنة بعد ما كان منه، وكان رد فعله على هذا الطرد أنه أقسم على نفسه بإغواء بني آدم، وصدهم عن سواء السبيل.
- شجره ادم عليه السلام الحلقه 27
شجره ادم عليه السلام الحلقه 27
سادساً: وصية الحق سبحانه لـ آدم ، وتحذيره من إغواء إبليس اللعين، قال سبحانه: { فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} (طه:117). شجرة ادم عليه السلام هو. سابعاً: النهي الإلهي لـ آدم وزوجه بعدم الأكل من الشجرة، قال سبحانه: { ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين} (البقرة:35). ويلاحظ أن الآية الكريمة نهت عن الاقتراب من الشجرة، لا عن الأكل منها، وهذا أبلغ في النهي؛ لأن مجرد الاقتراب يوقع في الإثم، فكيف بالأكل منها؟
ثامناً: إغواء إبليس لـ آدم وزوجه بالأكل من الشجرة، واستجابة آدم وزوجه لهذا الإغراء، قال عز وجل: { فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى * فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى} (طه:120-121). تاسعاً: عتاب الله لـ آدم لاستجابته لإغواء إبليس، وتوبته مما أقدم عليه، قال عز وجل: { وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} (الأعراف:22-23). وقال سبحانه: { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} (البقرة:37).
رابعاً: امتناع إبليس عن السجود لـ آدم وحجته على هذا الامتناع. وفي جميع المواضع السبعة التي جاء الأمر فيها بالسجود لآدم، جاء فيها امتناع إبليس عن السجود، وتأبيه عن فعل ذلك، نحو قوله سبحانه: { إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} (البقرة:34)، وقوله عز وجل: { فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين} (الأعراف:11). والآيات التي ذكرت امتناع إبليس عن السجود، ذكرت له صفات، تكشف حقيقة موقفه من أمر ربه، وتفضح فعلته التي فعلها. وقد علل إبليس امتناعه بالسجود بعلل واهية، كقوله: { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} (الأعراف:12)، وقوله: { لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون} (الحجر:33). خامساً: صدور الحكم الإلهي بحق إبليس جراء رفضه لأمر ربه بالطرد من الجنة، وهذا ما صرحت به بعض الآيات، من ذلك قوله تعالى: { قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين} (الأعراف:13). شــَجــَرة آدم (ع) في البصرة × - منتديات أنا شيعـي العالمية. ولم يتقبل إبليس هذا الحكم، بل عقب عليه بقوله: { قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم} (الأعراف:16)، بيد أنه سبحانه رد عليه جراءته ووقاحته، بقوله: { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} (الحجر:42).