وقد صور القرآن هذا المشهد بأخصر المواعظ، التي نقلت أولئك العتاة إلى تصور أنفسهم بين يدي خالقهم، وقربت إلى أذهانهم عظم الجرم الذي يرتكبونه «وإذا الموءودة سئلت، بأي ذنبٍ قتلت» ، «يوصيكم الله في أولادكم»، «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق». وهذه الفعال كانت قبل أن يتكوّن مجتمع المسلمين تحت قيادة خير نبي صلى الله عليه وآله وسلم، ودونها القرآن الكريم كتعاليم شرعية تدحض كل فرية تنسب لهذا الدين الرحيم، الذي ما مرت عليه بضع سنين لا غير إلا وقد أصبحت تلك الجاهلية وأهلها في خبر "كان"، وحقًّا فقد كان بعض الصحابة إذا أراد أن يشكر الله على نعمة من النعم يقول "كنا وكنا"، ويعدد أوابد الجاهلية "فأصبحنا، وأصبحنا"، ويعدد محاسن الإسلام.
- المفتي: معاني الرحمة بلغت نسقها الأعلى في الرسول عليه الصلاة والسلام
- المفتي: معاني الرحمة بلغت نسقها الأعلى في الرسول عليه الصلاة | مصراوى
- نعمة بلوغ رمضان - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
المفتي: معاني الرحمة بلغت نسقها الأعلى في الرسول عليه الصلاة والسلام
الأخلاق في شريعتنا تشمل جميع جوانب الحياة: علاقة الإنسان مع ربه، ومع الناس، ومع زوجه وأولاده ووالديه، في بيته وفي عمله، في خلواته وجلواته، في البيع والشراء والسلم والحرب والظاهر والباطن؛ ولكل هذه الجوانب أخلاقٌ تدعو المسلم إلى التميز بالسلوك الفاضل في جميع مجالات الحياة وبصورة متكاملة. الأخلاق في شريعتنا متوازنة لا تغلِّبُ جانباً على حساب آخر. وحينما نستعرض حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم نجد أثر التوازن البالغ فيها، فهو نفسه صلى الله عليه وسلم من يعطي للسيدة عائشة رضي الله عنها حقَّ الراحةِ حينما يسابقُها فتسبقه ثم يسبقها ويقول مازحاً: ( هذه بتلك يا عائشة). سنن أبي داود 2578
وهو هو الذي يبكي بين يدي ربه ولصدره أزيزٌ كأزيز المرجل؛ وهو ذاته الذي يقول عنه عليٌّ رضي الله عنه: " كنا إذا حمي الوطيسُ اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ". المفتي: معاني الرحمة بلغت نسقها الأعلى في الرسول عليه الصلاة | مصراوى. وهو الذي يقول لمعاذ رضي الله عنه: ( والله إني لأحبك يا معاذ). أخرجه أبو داود: 1522، والنسائي: 9937، وأحمد: 22119 واللفظ له
ويقول للحِبِّ ابن الحِب مغضباً: ( أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة ؟). أخرجه مسلم 1688
فالأخلاق مع تكاملها متوازنةٌ، تدعو إلى العزة والتواضع، وإلى الانتصار والعفو.
وشبّه المفتي صفة الرحمة بأنها صفة يومية «أقبل الحسن والحسين في المسجد بين الناس ورسول لله على المنبر ولما رأهما نزل من على المنبر أخذهما وصعد على المنبر وقال: صدق الله حينما قال إن أموالكم وأولادكم فتنة»، لافتًا إلى أن تصرف رسول الله يجعلنا نقف كثيرًا أمام هذا الموقف. ولفت إلى أن رسول الله جاء إليه رجل أعرابي فوجده يُقبّل الحسن والحسين «قال لرسول الله إن لي عشرًا من الأولاد لم أقبل أحدًا فيهم قط، فرد الرسول عليه قائلًا وما أملك لك أن نزع الله الرحمة من قبله؛ من لا يرحم لا يُرحم»، مؤكدًا أن حب النبي للحسن والحسين كان ظاهرًا «كان حنانه قويًا ناحية الحسن والحسين». اخر الاخبار, الاخبار المصرية, الاخبار الايطالية, الاخبار الرياضية, بث مباشر لمباريات اليوم,
المفتي: معاني الرحمة بلغت نسقها الأعلى في الرسول عليه الصلاة | مصراوى
وتحدَّث مفتي الجمهورية عن ترجمة المسلمين العملية لقيمة الرحمة، وكيف حوَّلوها إلى منظومة متكاملة طبَّقوها في شتى مناحي الحياة: في الأسرة والمجتمع، وفي المستشفيات، وكذلك في إنشاء الأوقاف للإنسان والحيوان. وأشار إلى أن الرفق بالأبناء والأحفاد والحنوَّ عليهم من مكارم الأخلاق، وهو أمر غريزي تلقائي عند كل الآباء والأمهات؛ ولذا لم يأتِ في نصوص شرعية كثيرة مقارنةً بالنصوص الواردة في الحضِّ على بر الوالدين والإحسان إليهما.
محتوي مدفوع
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن وصية القرآن الكريم كانت دائمًا توجه بالإحسان للوالدين «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانا». وأضاف مفتي الجمهورية، خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق ببرنامج «مكارم الأخلاق في بيت النبوة» المذاع عبر قناة «صدى البلد»، أن كل الآيات تتحدث عن الإحسان للوالدين، وهذا يرجع لأن غريزة الأبوة دافعة للرحمة والشفقة «الرحمة متأصلة في سيدنا رسول الله (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) لما لا يمكن أن يصل إليه البشر». وتابع أنه عند كل عمل نقوم به نبدأه بـ بسم الله الرحمن الرحيم «وكأننا نعمل أي عمل بإتقان محاط بالرحمة؛ وكل عمل لا يُبدأ فيه بـ بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر»، لافتًا إلى أن السلام يعيش بيننا طوال اليوم؛ فضلاً عن العبادة. وأوضح أننا نصلي 5 صلوات مفروضات نقول في كل ركعة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين «لتردد في الركعة الواحدة 4 مفردات الرحمن الرحيم، وهذا يستدعي أن يكون هذا الكلام محل تدبر ودراسة بين الإنسان ونفسه»، لافتًا إلى أن هذا الأمر مُدعاة لأن يتصف الإنسان بالرحمة. وشبّه صفة الرحمة بأنها صفة يومية «أقبل الحسن والحسين في المسجد بين الناس ورسول لله على المنبر ولما رأهما نزل من على المنبر أخذهما وصعد على المنبر وقال: صدق الله حينما قال إن أموالكم وأولادكم فتنة»، لافتًا إلى أن تصرف رسول الله يجعلنا نقف كثيرًا أمام هذا الموقف.
نعمة بلوغ رمضان - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
ولكن هناك نفوس لا تميل إلى الاستقامة ولا ترغب السير في الطريق المنير بل تعشق الظلام وتختفي إذا سطع النور شأنها شأن الخفافيش لا تستطيع الحركة إلا في الظلام. فيا ترى ما أثر الصوم في نفوس هؤلاء ما أثره في نفوس مريضة وأفئدة عليله وأعين لا ترى وقلوب لا تهتدي[ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور]سورة النور الآية 40. إن العمل بدون إيماناً كبناء على غير أساس بل على شفا جرف هار كهشيم تذروه الرياح كم من الناس من يصوم النهار ومع صومه هذا يلغ في أعراض الناس ما يفعل الله بجوعه وهو يتمرغ في أوحال الخطايا والأوزار. الناس حال بلوغهم رمضان على صنفين:
صنف يفرح ويستبشر لأنه تعود على الطاعات وألفها فهو ينتقل من طاعة إلى طاعة ومن عبادة إلى عبادة ولذا فالصيام سهل وميسر لأنه ألفه سائر العام وصنف يستثقل شهر رمضان لأنه يعتبره حبساً للنفس عن الشهوات ولم يعتد الطاعة فيحسن بثقلها على نفسه ولذا يقضي نهار الصوم بالنوم وليله بالعبث والسهر ما حرم الله. إن معاني رمضان أن يمسك المسلم عن الطعام والشراب ويتذكر إخوة له منأهل الفقر والحاجة يحبون سائر العام فهم يصومون عن الطعام لأنهم لا يجدون ما يأكلون وصدق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (من فطر صائماً كان له مثل أجره) ولو أن المسلمين اقتطعوا شيئاً يسيراً من مأكلهم ومشربهم ولو على الأقل في رمضان ووفرة لذوي الحاجات من الفقراء والمساكين لتحقق الخير لفئات كثيرة من المجتمع ولصدق فيهم حث نبيهم صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
وقال (صلى الله عليه وسلم): «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وفي حديث آخر يقول (صلى الله عليه وسلم): «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً»، وقال أيضاً: «خير الناس أنفعهم للناس». وكما كانت الزكاة ركناً أساسيّاً في التكافل الاجتماعي، كانت «المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار» أعظم نموذج للتكافل الاجتماعي لإقامة دولة قوية بالمدينة المنورة، قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (الحشر: 9). يروي أبو هريرة رضي الله عنه – كما جاء في صحيح البخاري – ما حدث من شأن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، فيقول: «قالت الأنصار للنبي (صلى الله عليه وسلم): اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، قال: لا، فقالوا: تكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمرة، فقالوا سمعنا وأطعنا».