وقال في الرسالة التي رواها أبو العباس أحمد بن يعقوب الإصطخري وغيره:
"وخير الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، وعمر بعد أبي
بكر، وعثمان بعد عمر، وعلي بعد عثمان، ووقف قوم على عثمان، وهم خلفاء
راشدون مهديون، ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هؤلاء
الأربعة خير الناس، لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم، ولا يطعن
على أحد منهم بعيب ولا نقص، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه
وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قُبِلَ
منه، وإن ثبت أعاد عليه العقوبة، وخلَّده الحبس حتى يموت أو
يراجع". ما حكم سب الصحابة - حياتكِ. وحكى الإمام أحمد هذا عمَّن أدركه من أهل العلم ، وحكاه الكِرْمَاني
عنه، وعن إسحاق، والحُمَيْدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم. وقال الميموني: سمعت أحمد يقول: "ما لهم ولمعاوية؟! نسأل الله
العافية"، وقال لي: "يا أبا الحسن، إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم بسوء، فاتَّهِمْهُ على الإسلام". فقد نصَّ رضي الله عنه على: "وجوب تعزيره بالجلد، واستتابته حتى يرجع،
وإن لم يَنْتَهِ، حُبس حتى يموت أو يراجع"، وقال: "ما أراه على
الإسلام، وأَتَّهِمُهُ على الإسلام"، وقال "أَجْبُنُ عن قتله".
ما حكم سب الصحابة - حياتكِ
شرح العقيدة الطحاوية ". وقد فصَّل بعض أهل العلم في " بغض الصحابة " فقالوا: إن كان قد
وقع في بغض بعضهم لأمرٍ دنيوي فلا يقع في الكفر والنفاق ، وإن كان لأمرٍ ديني
باعتبار كونهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك في كفرهم. وهو تفصيل حسن لا يخالف ما قدمناه ، بل يبينه ويؤكده. قال أبو زرعة الرازي: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم: فاعلم أنه زنديق. وقال الإمام أحمد: إذا رأيت الرجل يذكر أحداً من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم بسوء: فاتهمه على الإسلام. قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف
بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك ، فهذا هو الذي يستحق
التأديب والتعزير ، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك ، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من
أهل العلم. ما حكم من سب الصحابة؟. وأما من لعن وقبح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم ، لتردد الأمر بين
لعن الغيظ ولعن الاعتقاد. وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه
الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً ، أو أنهم فسقوا عامتهم
، فهذا لا ريب أيضاً في كفره ، لأنه كذب لما نصه القرآن في غير موضع: من الرضى
عنهم والثناء عليهم ، بل من يشك في كفره مثل هذا فإن كفره متعين ، فإن مضمون هذه
المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق ، وأن هذه الآية التي هي كنتم خير
أمة أخرجت للناس وخيرها هو القرن الأول ، كان عامتهم كفاراً أو فساقاُ ، ومضمونها
أن هذه الأمة شر الأمم ، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها ، وكفر هذا مما يعلم
بالاضطرار من دين الإسلام.
ما حكم من سب الصحابة؟
وقال إسحاق بن راهَوَيه: "من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
يعاقب ويحبس، وهذا قول كثير من أصحابنا، منهم: ابن أبي موسى"، قال:
"ومن سب السلف من الروافض فليس بكفء ولا يزوج، ومن رمى عائشة رضي الله
عنها بما برَّأها الله منه، فقد مَرَقَ من الدين، ولم ينعقد له نكاحٌ
على مسلمة؛ إلا أن يتوب ويُظهِر توبتَه، وهذا في الجملة قول عمر بن
عبد العزيز، وعاصم الأحول، وغيرهما من التابعين، قال الحارث بن عتبة:
"إن عمر بن عبد العزيز أُتي برجل سبَّ عثمان، فقال: ما حملك على أن
سببته؟ قال: أُبْغِضُه، قال: وإن أبغضت رجلاً سببته؟! حكم من سب الصحابه. قال: فأمر به
فجُلد ثلاثين سوطاً". وقال إبراهيم بن ميسرة: "ما رأيت عمر بن عبد
العزيز ضرب إنساناً قط، إلا إنساناً شتم معاوية، فضربه أسواطاً"؛
رواهما اللالكائي. وقد تقدم أنه كتب في رجل سَبَّه: "لا يُقتل إلا من سب النبي صلى الله
عليه وسلم ولكن اجلده فوق رأسه أسواطاً، ولولا أني رجوت أن ذلك خيرٌ
له لم أفعل". وروى الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا عاصم الأحول، قال: "أُتيت
برجل قد سب عثمان، قال: فضربته عشرة أسواط، قال: ثم عاد لِما قال،
فضربته عشرة أُخرى، قال: فلم يزل يسبُّه حتى ضربته سبعين
سوطاً".
حكم سب الصحابة واهم اقوال العلماء في ذلك - موقع محتويات
الحمد لله. لاشك أن من الخذلان الكبير وعدم التوفيق من الله تعالى للعبد أن
يجعل من نهجه وسعيه الوقوع في صحابة خير الخلق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ورضي عنهم أو الخوض فيما وقع بينهم بدلاً من أن يشغل عمره بما ينفعه في أمر دينه
ودنياه
وليس هناك أي وجه لأحدٍ أن يسب أو يبغض صحابة النبي صلى الله
عليه وسلم ، ففضائلهم كثيرة متعددة ، فهم الذين نصروا الدين ونشروه ، وهم الذين
قاتلوا المشركين ، وهم الذين نقلوا القرآن والسنَّة والأحكام ، وقد بذلوا أنفسهم
ودماءهم وأموالهم في سبيل الله ، وقد اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه
وسلم ، فلا يسبهم ولا يبغضهم إلا منافق لا يحب الدين ولا يؤمن به. حكم سب الصحابة واهم اقوال العلماء في ذلك - موقع محتويات. عن البراء رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الأنصار: لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ، فمن أحبهم أحبه الله ،
ومن أبغضهم أبغضه الله ". رواه البخاري ( 3572) ومسلم ( 75). فإذا كان الإيمان ينتفي عن رجل يبغض الأنصار ويثبت له النفاق:
فكيف بمن يبغض الأنصار والمهاجرين والتابعين لهم بإحسان ويشتمهم ويلعنهم ويكفرهم ،
ويُكفِّرُ من يواليهم ويترضى عليهم ، كما تفعل الرافضة ؟ لاشك أنهم أولى بالكفر
والنفاق ، وانتفاء الإيمان.
ونقل الخلال عن الإمام أحمد أنه سئل عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين فقال: ما أراه على الإسلام. وأما من سب من تواترت النصوص بفضله بما لا يقدح في دينه وعدالته، كأن يصفه بالبخل أو الجبن، أو سب بعض من لم تتواتر النصوص بفضله، فلا يكفر بمجرد ذلك السب، لعدم إنكاره ما علم من الدين بالضرورة، ولكنه يكون قد أتى ما يوجب تأديبه وتعزيره. والله أعلم.
ساق اللالكائي بسنده أن الحسن بن زيد، لما ذكر رجل بحضرته عائشة بذكر قبيح من الفاحشة، أمر بضرب عنقه، فقال له العلويون: هذا رجل من شيعتنا فقال معاذ الله، هذا رجل طعن على النبي ، قال الله عز وجل: الخَبِيثَاتُ لِلخَبِيثِينَ وَالخَبِيثُونَ لِلخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَرِيمٌ [النور:26] فإن كانت عائشة رضي الله عنها خبيثة فالنبي خبيث، فهو كافر فاضربوا عنقه، فضربوا عنقه. أخي المسلم:
إن سب الصحابة رضي الله عنهم يستلزم تضليل أمة محمد ويتضمن أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة شرارها، وكفر هذا من يعلم بالإضطرار من دين الإسلام. اللهم ارزقنا حبك وحب دينك وكتابك ونبيك وصحابته الكرام، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.