التفريغ النصي الكامل
الله سبحانه وتعالى هو العزيز، الذي عز في منعه وعز في غلبته وقهره، وعز في حكمه وقضائه، تجلت عزته في خلقه في إحيائهم وإماتتهم، وفي إرسال رسله ليقيم الحجة على خلقه؛ ولذلك على المؤمن أن يعتز بالله العزيز، ويزداد شجاعة وقوة. (8) اسم الله (العليم) - شرح وأسرار الأسماء الحسنى - هاني حلمي عبد الحميد - طريق الإسلام. معنى اسم الله (العزيز) ووروده في القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين!
- الآيات التي ورد بها اسم الله تعالى (السميع العليم) | معرفة الله | علم وعَمل
- شيخ الأزهر: اسم الله العليم من الأسماء الحسنى ونشأت فى تفسيره مدارس مشهورة - اليوم السابع
- (8) اسم الله (العليم) - شرح وأسرار الأسماء الحسنى - هاني حلمي عبد الحميد - طريق الإسلام
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 41
- إعراب قوله تعالى: قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام الآية 41 سورة آل عمران
- تفسير قوله تعالى قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً - إسلام ويب - مركز الفتوى
الآيات التي ورد بها اسم الله تعالى (السميع العليم) | معرفة الله | علم وعَمل
علم الله شامل لكل ما أخفته صدور خلقه من إيمان وكفر، وحق وباطل، وخير وشر. بعض متعلقات علم الله جلَّ وعلا:1/ شمول علم الله عزَّ وجل لكل شيء في السماوات والأرض. 2/ علمه الشامل لكل ما يلج في الأرض، وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها. 3/ علمه المحيط، واختصاصه بمفاتح الغيب، وبما يحدث من صغير وكبير في البر والبحر. 4/ علمه المحيط مكنونات القلوب. 5/ علمه الشامل بما في الأرحام لكل أنثى. شيخ الأزهر: اسم الله العليم من الأسماء الحسنى ونشأت فى تفسيره مدارس مشهورة - اليوم السابع. 6/ علمه سبحانه لكل الأشياء قبل وقوعها، وأن ذلك في كتاب. 7/ علمه سبحانه لأحوال عباده تقيهم من فاجرهم، وغنيهم من فقيرهم. 8/ علمه المحيط الدقيق لكل مناجاة بين اثنين فأكثر مهما أسرُّوا النجوى. 9/ علمه الشامل بما ينزل من الشرائع على رسله، وأنه سبحانه أعلم بما ينزِّل. 10/ العلم الذي يعلمه الإنسان من علوم الدين والدنيا من تعليم الله تعالى له، واختصاصه بالعقل. 11/ اختصَّ الله تعالى لنفسه بعلوم الغيب. 12/ الله العليم لكمال علمه سبحانه يعلم ما كان وما يكون، ومالم يكن لو كان كيف يكون. ورد اسم الله ﴿ العليم ﴾ في القرآن مائة وسبعة وخمسين مرة. ماذا نفعل بعد ذلك
نثبت لله جلَّ وعلا صفة العلم كما يليق بعظمته وجلاله من غير تمثيل، ولا تحريف، ولا تكييف ولا تعطيل.
شيخ الأزهر: اسم الله العليم من الأسماء الحسنى ونشأت فى تفسيره مدارس مشهورة - اليوم السابع
فيصدق تصديقًا جازمًا بأن قدر الله سبحانه وتعالى لا يأتي إلا بالخير؛ لأنه الله عزَّ وجلَّ عـــالم بكل شيء وهو الحكيـــم سبحــــانه. 2) العلم عبـــادة القلب. فلا ينبغي أن يتوقف الإنسان أبدًا عن طلب العلم ؛ لإنه إذا توقف سيفسد قلبه. ولا بد في طلب العلم من منهجية.. بحيث لا يُقدِم شيء على الكتــــاب والسُّنَّة. كما لا بد له من مرحلية.. بحيث يبدأ بتعلُّم فرض العين عليه من العلوم الشرعية، وبعدها يتدرج في تعلُّم العلم الذي ينفعه. 3) العلم يورث الخشيــــة. كما في قوله تعالى { { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}} [فاطر:28]. 4) العلم يورث الحيـــــاء من الله عزَّ وجلَّ. معنى اسم الله العليم. فعندما يعلم أن الله سبحانه وتعالى يعلم سره وعلانيته، سيستحيي من ربِّه أن يطلِّع على قلبه فيجد فيه ما يكرهه وتعلقات بدنيـــا فانيــــة. 5) الطريـــق للعلم النـــافع هو التقوى. فالله سبحـــانه وتعالى لن يستودع قلبك معرفته ومحبته إلا إذا شـــاء.. { { وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}} [البقرة:255]، فإن كنت تريد أن يمُنَّ الله عزَّ وجلَّ عليك بالعلم النـــافع، عليك بالتقوى والطاعة له سبحانه وتعالى، يقول تعالى { { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}} [البقرة:282].
(8) اسم الله (العليم) - شرح وأسرار الأسماء الحسنى - هاني حلمي عبد الحميد - طريق الإسلام
علم الأرزاق والآجال: علِم الله -سبحانه وتعالى- الأرزاق والآجال، ومن هو منهم من أهل الجنة، ومن هو منهم من أهل النار، واستأثر الله -عز وجل- بمفاتح الغيب الخمس: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34]. وقد يُعلم الله -سبحانه وتعالى- مَن شاء بما شاء مِن بعض ذلك دون أن يطلعه على تفاصيل الغيب، فكما أطلع عباده على وجود أمور من الغيب تقع: كقيام القيامة، والبعث، والنشور، والجنة والنار، وأخبر على ألسنة الرسل بما هو آتٍ؛ إلا أنه لا يعلم البشر ولا حتى الرسل متى يقع ذلك؟ وقد يخبر الله -سبحانه وتعالى- عن بعض تفاصيل ذلك لبعض خلقه، كما يُطلع الملائكة ويأمرهم أن يكتبوا للجنين في بطن أمه قبل ولادته أجله ورزقه وشقي أم سعيد؟ لكن ذلك كله معلق على مشيئته، فإن شاء أمضاه، وإن شاء محاه: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39]. فمفاتح الغيب الخمس على عمومها لا يعلمها إلا الله، وهذه الآية لا تخصص، بل قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ: لا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلاَّ اللَّهُ، وَلا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللَّهُ، وَلا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ، وَلا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَلا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ اللَّهُ» [رواه البخاري].
وما أطلع الله عباده عليه فإنه قابل للتغيير، معلق على مشيئته -سبحانه وتعالى-، فالله -عز وجل- هو الذي يعلم: أينفذ هذا الأمر أم لا؟ كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول قبل يوم بدر: «هَذَا مَصْرَعُ فُلانٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» [رواه مسلم]، فليس ذلك بمعارض بقول الله -عز وجل-: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين أخبر عن أماكن موتهم ووقته فإنما علق ذلك على مشيئة الله -سبحانه وتعالى-، فهذا مما شأنه التفصيل.
وكذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تتآمر عليه الدنيا كلها, ويسخر منه كفار قريش, وهو عليه الصلاة والسلام ثابت القدم على الدين, رابط الجأش, ( يطوف بالكعبة فيغمزه المشركون بكلمة فيعرض عنهم, ثم يطوف ثانية فيغمزونه بكلمة فيعرض عنهم, ثم غمزوه الثالثة فالتفت إليهم وقال: تعلمون معشر قريش! اسم الله السميع العليم. لقد جئتكم بالذبح, فصار القوم وقد ألقى الله الرعب في قلوبهم كل يقول له: انصرف أبا القاسم والله ما كنت جهولاً). إن العزيز في الدنيا والآخرة هو من أعزه الله, فالعزة من الله وحده، قال تعالى: قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:26], فمن طلب العزة من غير الله فقد ضل ضلالاً مبيناً. وهذا شأن المنافقين, فالمنافقون يطلبون العزة من الكافرين, قال الله عز وجل: بَشِّرِ المُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ للهِ جَمِيعًا [النساء:138-139], فهؤلاء المنافقون يزيدهم الله عز وجل ذلاً كلما ازدادوا بالكفار تشبثاً.
جملة: (قال... وجملة: (النداء: ربّ) في محلّ نصب مقول القول. وجملة: (يكون لي غلام... وجملة: (كانت امرأتي عاقرا... ) في محلّ نصب حال من الياء في (لي). وجملة: (بلغت... ) في محلّ نصب حال أو معطوفة على جملة الحال. الصرف: (عتيّا)، مصدر عتا يعتو عتوّا- بضم العين وكسرها كبّر. واللفظ هنا بكسر العين- وهي قراءة حفص- وفيه إعلال من عدّة وجوه، أصله عتوو كقعود، كسرت التاء تخفيفا لثقل الضمّتين فانقلبت الواو الأولى إلى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فأصبح عتيو، ثمّ جرى قلب الواو الثانية ياء لمجيء الياء والواو، والأولى ساكنة، فأصبح عتيّ بضمّ العين وكسر التاء، ثمّ كسرت العين للمجاورة فأصبح عتيّ. البلاغة: - الإيجاز: في قوله تعالى: (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ). الظاهر أن نبي اللّه زكريا، استبعد ما وعده اللّه عز وجل بوقوعه. ولا يجوز للنبي النطق بما لا يسوغ، أو بما في ظاهره الإيهام، فجاء الكلام موجزا، وتقديره: هل تعاد لنا قوتنا وشبابنا فنرزق بغلام؟! أو هل يكون الولد لغير الزوجة العاقر؟.. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 41. إعراب الآية رقم (9): {قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (9)}. الإعراب: (كذلك) خبر لمبتدأ محذوف تقديره: الأمر كذلك (عليّ) متعلّق ب (هيّن)، الواو حاليّة (قبل) اسم مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق ب (خلقتك)، الواو حاليّة (تك) مضارع ناقص مجزوم وعلامة الجزم السكون الظاهرة على النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر تقديره أنت (شيئا) خبر تك منصوب.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 41
وقال أبو حنيفة: ذلك جائز إذا كانت إشارته تعرف ، وإن شك فيها فهي باطل ، وليس ذلك بقياس وإنما هو استحسان. والقياس في هذا كله أنه باطل; لأنه لا يتكلم ولا تعقل إشارته. قال أبو الحسن بن بطال: وإنما حمل أبا حنيفة. على قوله هذا أنه لم يعلم السنن التي جاءت بجواز الإشارات في أحكام مختلفة في الديانة. ولعل البخاري حاول بترجمته " باب الإشارة في الطلاق والأمور " الرد عليه. وقال عطاء: أراد بقوله ألا تكلم الناس صوم ثلاثة أيام. وكانوا إذا صاموا لا يتكلمون إلا رمزا. إعراب قوله تعالى: قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام الآية 41 سورة آل عمران. وهذا فيه بعد ، والله أعلم. الرابعة: قال بعض من يجيز نسخ القرآن بالسنة: إن زكريا عليه السلام منع الكلام وهو قادر عليه ، وإنه منسوخ بقوله عليه السلام: لا صمت يوما إلى الليل. وأكثر العلماء على أنه ليس بمنسوخ ، وأن زكريا إنما منع الكلام بآفة دخلت عليه منعته إياه ، وتلك الآفة عدم القدرة على الكلام مع الصحة; كذلك قال المفسرون. وذهب كثير من العلماء إلى أنه ( لا [ ص: 77] صمت يوما إلى الليل) إنما معناه عن ذكر الله ، وأما عن الهذر وما لا فائدة فيه ، فالصمت عن ذلك حسن. قوله تعالى: واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار أمره بألا يترك الذكر في نفسه مع اعتقال لسانه; على القول الأول.
إعراب قوله تعالى: قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام الآية 41 سورة آل عمران
وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا; أي أوجدتك بقدرتي فكذلك [ ص: 76] أوجد لك الولد. واختار هذا القول النحاس وقال: قول قتادة إن زكريا عوقب بترك الكلام قول مرغوب عنه; لأن الله عز وجل لم يخبرنا أنه أذنب ولا أنه نهاه عن هذا; والقول فيه أن المعنى اجعل لي علامة تدل على كون الولد ، إذ كان ذلك مغيبا عني. و رمزا نصب على الاستثناء المنقطع; قاله الأخفش. تفسير قوله تعالى قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً - إسلام ويب - مركز الفتوى. وقال الكسائي: رمز يرمز ويرمز. وقرئ " إلا رمزا " بفتح الميم و ( رمزا) بضمها وضم الراء ، الواحدة رمزة. الثالثة: في هذه الآية دليل على أن الإشارة تنزل منزلة الكلام وذلك موجود في كثير من السنة ، وآكد الإشارات ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمر السوداء حين قال لها: ( أين الله ؟) فأشارت برأسها إلى السماء فقال: ( أعتقها فإنها مؤمنة). فأجاز الإسلام بالإشارة الذي هو أصل الديانة الذي يحرز الدم والمال وتستحق به الجنة وينجى به من النار ، وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يقول ذلك; فيجب أن تكون الإشارة عاملة في سائر الديانة ، وهو قول عامة الفقهاء. وروى ابن القاسم عن مالك أن الأخرس إذا أشار بالطلاق أنه يلزمه. وقال الشافعي في الرجل يمرض فيختل لسانه فهو كالأخرس في الرجعة والطلاق.
تفسير قوله تعالى قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً - إسلام ويب - مركز الفتوى
وقرأ جمهور الناس: "رمزا" - بفتح الراء وسكون الميم - وقرأ علقمة بن قيس: "رمزا" بضمهما، وقرأ الأعمش: "رمزا" بفتحهما. والرمز في اللغة: حركة تعلم بما في نفس الرامز بأي شيء كانت الحركة; من عين أو حاجب أو شفة أو يد أو عود أو غير ذلك. وقد قيل للكلام المحرف عن ظاهره: رموز، لأنها علامات بغير اللفظ الموضوع للمعنى المقصود الإعلام به. وقد يقال للتصويت الدال على معنى: رمز، ومنه قول جؤية بن عائد: وكان تكلم الأبطال رمزا... وغمغمة لهم مثل الهدير
وأما المفسرون فخصص كل واحد منهم نوعا من الرمز في تفسيره هذه الآية، فقال مجاهد: "إلا رمزا" معناه: إلا تحريكا بالشفتين، وقال الضحاك: معناه إلا إشارة باليد والرأس، وبه قال السدي وعبد الله بن كثير، وقال الحسن: أمسك لسانه فجعل يشير بيده إلى قومه، وقال قتادة: "إلا رمزا" معناه: إلا إيماء. وقرأ جمهور الناس: "ألا تكلم الناس" بنصب الفعل بأن، وقرأ ابن أبي عبلة: "ألا تكلم" برفع الميم، وهذا على أن تكون "أن" مخففة من الثقيلة ويكون فيها ضمير الأمر والشأن، والتقدير: آيتك أنه لا تكلم الناس. والقول بأن هذه الآية نسخها قول النبي عليه السلام: "لا صمت يوما إلى الليل" قول ظاهر الفساد من جهات.
قوله تعالى: قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار
فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى: قال رب اجعل لي آية " جعل " هنا بمعنى صير لتعديه إلى مفعولين. و " لي " في موضع المفعول الثاني. ولما بشر بالولد ولم يبعد عنده هذا في قدرة الله تعالى طلب آية - أي علامة - يعرف بها صحة هذا الأمر وكونه من عند الله تعالى; فعاقبه الله تعالى بأن أصابه السكوت عن كلام الناس لسؤال الآية بعد مشافهة الملائكة إياه; قال أكثر المفسرين. قالوا: وكذلك إن لم يكن من مرض خرس أو نحوه ففيه على كل حال عقاب ما. قال ابن زيد: إن زكريا عليه السلام لما حملت زوجه منه بيحيى أصبح لا يستطيع أن يكلم أحدا ، وهو مع ذلك يقرأ التوراة ويذكر الله تعالى; فإذا أراد مقاولة أحد لم يطقه. الثانية: قوله تعالى: إلا رمزا الرمز في اللغة الإيماء بالشفتين ، وقد يستعمل في الإيماء بالحاجبين والعينين واليدين; وأصله الحركة. وقيل: طلب ، تلك الآية زيادة طمأنينة. المعنى: تمم النعمة بأن تجعل لي آية ، وتكون تلك الآية زيادة نعمة وكرامة; فقيل له: آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام أي تمنع من الكلام ثلاث ليال; دليل هذا القول قوله تعالى بعد بشرى الملائكة له.