تدبر عبرات الشتاء
وذكر السوسي أنّ هذا الفصل هو رحمة من الله -سبحانه وتعالى- فهو يرحم الناس بهذا المطر كونه يُحيي به الأرض بعد موتها، وتعطي السماء للناس هذا الماء الذي هو سبب لحياتهم، وهذا أمر لا يستطيع أحد من البشر فعله، "فالعبرة التي ينبغي أن يتدبرها الناس هي أن الله قادر على ما لا يقدر عليه أحد من البشر، إذ لا يستطيع إحياء الموتى إلا الله، ولا يستطيع أن يُنزّل هذا الماء، وأن يقلب الليل والنهار ويبدل فيما بينهما في الطول والقصر إلاّ الله". وأضاف: "كما يجب أن نتأمل الحكمة البالغة في الحر والبرد، ونفكر في دخول أحدهما على الآخر بالتدريج والمهلة حتى يبلغ نهايته ، فلو دخل عليه مفاجأة لأضنَّ ذلك بالأبدان وأهلكها". وتابع: "على المسلم في فصل الشتاء أن يتذكر زمهرير جهنم، ويوجب الاستعاذة منها". حكم خبر: «الشتاء ربيع المؤمن» | الموقع الرسمي لمعالي الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - حفظه الله تعالى -. وذكر السوسي أنّ: "قيام ليل الشتاء يشق على النفوس من وجهين أحدهما القيام من الفراش من شدة البرد، والثاني بما يحصل بإسباغ الوضوء في شدة البرد من التألم، وإسباغ الوضوء في شدة البرد من أفضل الأعمال". وأكد على أنّ الصحابة كانوا يعملون بمحض وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما بيّن لهم أن الشتاء ربيع المؤمن، فكانوا صوّامين نهار الشتاء قوّامين ليله، وما أُثر عن الصحابة أنهم كانوا أقرب إلى الله على مدار العام وكانوا أكثر عطاءً ورفقاً من غيرهم.
حكم خبر: «الشتاء ربيع المؤمن» | الموقع الرسمي لمعالي الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - حفظه الله تعالى -
الشتاء ربيع المؤمن، يصوم نهاره ويقوم ليله. في نهاره القصير البارد يكون احتمال الصوم أكثر، وفي ليله الطويل يكون استثماره للعابد المخبت ركوعاً وسجوداً أرجى. قد لا نكون من هذه الطبقة الفاخرة الآيلة للانقراض من المؤمنين، فنجد العزاء في الموسيقى ونحن متدثرون في سكون الليل ونسائم الهواء الباردة تتسلل من النوافذ ومن شقوق الأبواب الموصدة. يمكننا أن نجعل من شتائنا موسماً للروح، وغذاء للعقل وسلوى لنفوسنا المرهقة. نجدها في الساعات الطوال مع من نهوى ونعشق، وكلماتنا تتحشرج في أفواهنا، وخفقات قلوبنا ترجف بالصبابة، أو نبحر مع أعظم ما أبدعته الأمم أدباً وشعراً وأساطير. وفينا من يجد السلام حينما ينسل خفية ويقطع أميالاً أو أياماً ليفرج عن يتيم فقد أبويه أو أرملة مهيضة الجناح أو مسن فقد معيله. يُقال إننا أسرى منذ الأزل، من حين فارقنا جنة عدن، فأرواحنا كالناي الحزين الذي يحن إلى أصله. كيف يكون الشتاء ربيعاً للمؤمن؟ – بصائر. ندرك منه صوته ويخفى علينا سر نواحه. تشبيه الإنسان الغريب بالناي الحزين هو قصيدة لمولانا جلال الدين الرومي الذي عاش فترة عصيبة من تاريخ الإسلام، فقد شهد القرن الثالث عشر اجتياح المغول للممالك الإسلامية، فلاذت عائلة مولانا بالفرار تحت وطأة الرعب والمجازر التي تنتزع القلوب والشائعات التي كانت تسبق جحافل التتر فتزلزل الأرض وتطيش بالألباب.
الشتاء ربيع المؤمن | رابطة خطباء الشام
قال أبو نعيم: " غريب، لا يحفظ إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الله عن عمرو ". قلت: لم يتفرد، بل تابعه: رشدين بن سعيد. أخرجه أبو يعلى في المسند (2/ 324 / 1061). قال الدارقطني: " تفرد به عمرو عن دراج ". قلت: ودراج عن أبي الهيثم ضعيف، فقول الهيثمي: " إسناده حسن " (المجمع 3/ 200) ليس بحسن! ـ [أبو هاشم الحسني] ــــــــ [15 - 11 - 05, 09: 04 م] ـ قال الامام السخاوي رحمه الله تعالى في المقاصد الحسنة: "حديث الشتاء ربيع المؤمن طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه، أبو يعلى والعسكري بتمامه، وأحمد وأبو نُعيم باختصار، كلهم من حديث دراج، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد به مرفوعاً. ودراج ممن ضعفه جماعة، وعد هذا الحديث فيما أنكر عليه، لكن قد وثقه ابن معين وابن حبان، وقال ابن شاهين في ثقاته: ما كان من حديثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، فليس به بأس، وعليه مشى شيخي في تقريبه حيث قال: إنه صدوق في حديثه عن أبي الهيثم، ضعيف، يعني في غيره، وعكس أبي داود فقال: أحاديثه مستقيمة، إلا ما كان عن أبي الهيثم عن أبي سعيد. الشتاء ربيع المؤمن | رابطة خطباء الشام. وعلى كل حال فلهذا الحديث شواهد، منها ما رواه ابن أبي عاصم والطبراني وغيرهما من حديث سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس مرفوعاً: الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة، وسعيد ضعيف عند أكثرهم، وقد رواه همام عن قتادة، فجعله عن أنس عن أبي هريرة موقوفاً أخرجه البيهقي وأبو نُعيم، وعبد اللَّه بن أحمد، وهو أصح، ومنها ما رواه أحمد والترمذي وابن خزيمة في صحيحه، والطبراني والقضاعي من حديث الثوري عن أبي إسحاق عن نمير بن عريب عن عامر بن مسعود رفعه، بلفظ حديث أنس كما بينت ذلك كله في الأمثال".
كيف يكون الشتاء ربيعاً للمؤمن؟ – بصائر
{ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19]. إنَّ المؤمنَ ليتميزُ عن غيره بحسن صبرِهِ عند الضراء، وبجميلِ شكرِهِ عند السراء، وإنّ ما نجدُهُ ونُحِسُّهُ مِن شدةِ البرودةِ في فصل الشتاء إنما هو نفسٌ من الزمهرير، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اشتكتِ النارُ إلى ربها فقالت: ربِّ أَكَلَ بعضي بعضاً، فأذِنَ لها بنفسين، نفسٍ في الشتاء ونفسٍ في الصيف، فهو أشدُّ ما تجدون من الحرِّ وأشدُّ ما تجدون من الزمهرير). أخرجه الشيخان
ما أوقعَ ذلك في نفوسِ المتقينَ! وما أشدَّ تأثيرَهُ على قلوبِ المخبتينَ! يُحِسُّون بذلك فيتذكرون الزمهريرَ، فيزيدُهم ذلك إيماناً وتوبةً وإقبالاً على رب العالمين. وهكذا حالُ المؤمنينَ الصادقين، كلُّ ما حولَهم يُذكِّرُهُم فيتذكَّرون، وبدقيقِ صنعةِ اللهِ يتفكرون، ثم لربهم يشكُرون، ولذنوبهم يستغفرون، وعلى تقصيرهم يحزنون. فما أحرانا معاشرَ المؤمنين أنْ نعتبرَ ونتعظَ! فمهما تكنْ شدةُ الحرِّ فليستْ أشدَّ مِنَ الحميم، ومهما تكنْ شدةُ البردِ فلن تصيرَ أشدَّ من الزمهرير: { قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة81].
إننا والله الذي لا إله غيره لم نُحْرَمْ صلاةَ الليلِ إلا بذنوبنا وإسرافنا على أنفسنا، ذلك الثلثُ الأخيرُ الذي تتنزَّلُ فيه الرحماتُ، وتُقسَمُ فيه الهباتُ مِن لَدُنْ ربِّ الأرضِ والسموات، باسطاً يده سحّاءَ، يَغفِرُ ذنوبَ المذنبين، ويَكشِفُ الضُّرَّ عن الملهوفين، ويُنفِّسُ كربَ المكروبين، يُجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعاه. كَرَمٌ وتفضُّلٌ منه نحن عنه معروضون، وبلذيذ المنام نحن مشتغلون. لو دُعِيَ أحدُنا في كلِّ ليلةٍ في الثلثِ الأخيرِ ليُعطى مالاً لما تأخَّرَ أبداً، فما بالُنا نتخلّفُ عن أمرٍ هو خيرٌ من الذهب والورِقِ! لقد صَدَقَ فينا قولُ الله تعالى: { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * والآخرة خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16- 17]. في فصلِ الشِّتاء تشتدُّ الحاجةُ إلى بعضِ الرُّخَصِ التي شرَعَها الإسلام بسماحته ويُسْره؛ ففي الشتاء -وكذا في الصيف- يُرخَّصُ للمسلم أنْ يمسحَ على الجواربِ؛ درئاً للمشقَّة، يومًا وليلةً للمُقيم، وثلاثةَ أيامٍ بلياليها للمسافِر، بشروطٍ مُبيَّنةٍ في كتبِ الفقهِ. عباد الله: ذلك فضلُ اللهِ يؤتيه من يشاء، وأبوابُ الخيرِ كثيرةٌ ومشرَعَةٌ، لاسيما في هذا الموسم، فمن الناس مَن لا يملك ما يَدفَعُ عن نفسه ضررَ هذا البردِ، فها قد سنَحَتِ الفرصةُ لأهل الثراءِ والأغنياءِ ومحبي الخيرِ أن يتفقَّدوا جيرانَهم والمحتاجينَ مِن أقاربهم.
اهـ [7]. • وزاد السعدي في تكميل تفسيرها فقال:
﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ﴾ أي: ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك، ﴿ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ يحتمل أن معناها: ونقدسك، فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص، ويحتمل أن يكون: ونقدس لك أنفسنا، أي: نطهرها بالأخلاق الجميلة، كمحبة الله وخشيته وتعظيمه، ونطهرها من الأخلاق الرذيلة. اهـ [8]. • وقال البغوي -رحمه الله- في معالم التنزيل ما نصه:" ﴿ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ المصلحة فيه، وقيل: إني أعلم أن في ذريته من يطيعني ويعبدني من الأنبياء والأولياء والعلماء وقيل: إني أعلم أن فيكم من يعصيني وهو إبليس، وقيل إني أعلم أنهم يذنبون وأنا أغفر لهم. تأملات في قوله تعالى.. وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً - الكلم الطيب. اهـ [9]. وقال ابن القيم- رحمه الله- عن الجزئية الأخيرة من الآية:
فالرب تعالى كان يعلم ما في قلب إبليس من الكفر والكبر والحسد ما لا يعلمه الملائكة. فلما أمرهم بالسجود ظهر ما في قلوب الملائكة من الطاعة والمحبة، والخشية والانقياد، فبادروا إلى الامتثال، وظهر ما في قلب عدوه من الكبر والغش والحسد. فأبى واستكبر وكان من الكافرين. اهـ [10]. [1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق ( 1 /92)
[2] تفسير القرآن العظيم لأبن كثير- الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع (1 / 216)
[3] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة (1 / 448 /598)
[4] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر: دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت - لبنان ( 1 /20)
[5] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 /76).
تفسير: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة)
كقوله تعالى: ﴿ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾ [البقرة: 30]. ومعلوم أن آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ليس ممن يفسد فيها ولا ممن يسفك الدماء، وكقوله: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [فاطر: 39]، وقوله: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ ﴾ [الأنعام: 165]، وقوله: ﴿ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ ﴾ [النمل: 62]. ونحو ذلك من الآيات. تفسير الاية ( و إذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة)- للشيخ الشعراوي - YouTube. ويمكن الجواب عن هذا بأن المراد بالخليفة آدم، وأن الله أعلم الملائكة أنه يكون من ذريته من يفعل ذلك الفساد، وسفك الدماء. فقالوا ما قالوا، وأن المراد بخلافة آدم الخلافة الشرعية، وبخلافة ذريته أعم من ذلك، وهو أنهم يذهب منهم قرن ويخلفه قرن آخر. اهـ [4].
تفسير الاية ( و إذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة)- للشيخ الشعراوي - Youtube
اهـ [3]. وزاد الشنقيطي-رحمه الله- بياناً فقال:
قوله: (خليفة) وجهان من التفسير للعلماء:
أحدهما: أن المراد بالخليفة أبونا آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام; لأنه خليفة الله في أرضه في تنفيذ أوامره. وقيل: لأنه صار خلفا من الجن الذين كانوا يسكنون الأرض قبله، وعليه فالخليفة: فعيلة بمعنى فاعل، وقيل: لأنه إذا مات يخلفه من بعده، وعليه فهو من فعيلة بمعنى مفعول. وكون الخليفة هو آدم هو الظاهر المتبادر من سياق الآية. الثاني: أن قوله: (خليفة) مفرد أريد به الجمع؛ أي: خلائف، وهو اختيار ابن كثير. والمفرد إن كان اسم جنس يكثر في كلام العرب إطلاقه مرادا به الجمع كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴾ [القمر: 54] يعني «وأنهار» بدليل قوله: ﴿ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ﴾ [محمد: 15]. وقوله: ﴿ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]) ، وقوله: ﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا ﴾ [النساء: 4]. تفسير: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة). ثم قال- رحمه الله:
وإذا كانت هذه الآية الكريمة تحتمل الوجهين المذكورين. فاعلم أنه قد دلت آيات أخر على الوجه الثاني، وهو أن المراد بالخليفة: الخلائف من آدم وبنيه لا آدم نفسه وحده.
تأملات في قوله تعالى.. وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً - الكلم الطيب
فهذا كله يدل على تكريم الإنسان وتشريفه على غيره من المخلوقات. ولهذا بدأ السياق بقول المولى تبارك وتعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. وقول الملائكة عليهم السلام: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء. ليس باعتراض على المولى تبارك وتعالى، ولا طعناً في بني آدم... وإنما هو تعجب واستكشاف عن ما خفي عليهم من الحكمة... واستخبار عما يرشدهم ويزيح شبهتهم.. لأنهم "عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون"
وأما سؤالكم هل كانت الملائكة تعلم أن ذرية آدم عليه السلام ستفسد في الأرض؟ فالظاهر أنهم علموا ذلك، وقد قال أهل التفسير: يحتمل أن يكون الله تعالى أعلمهم بطبيعة بني آدم وأنهم سيفسدون في الأرض، ويحتمل أن يكونوا فهموا ذلك من قول الله تعالى: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً. فالمقصود من الخليفة الإصلاح ورد الفساد والعدل بين الناس فيما يقع بينهم من مظالم... ويحتمل أن يكون قياسا منهم على فساد الجن في الأرض عندما كانوا فيها قبل بني آدم...
وقد أخذ أهل العلم من هذه الآية ومن أمثالها في القرآن الكريم وجوب نصب إمام وخليفة للمسلمين، قال القرطبي في تفسيره: هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يُسمع له ويطاع لتجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة، ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة، ولا بين الأئمة.... وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1099.
تفسير قوله تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
(سورة البقرة: الآية 30)
إعراب مفردات الآية [1]:
الواو استئنافية (إذ) ظرف للزمن الماضي مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بفعل قالوا الآتي، (قال) فعل ماض (ربّ) فاعل مرفوع والكاف في محلّ جرّ مضاف إليه (للملائكة) جارّ ومجرور متعلّق بـ (قال). (إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد والياء ضمير متّصل في محلّ نصب اسم، (جاعل) خبر مرفوع (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق بـ (جاعل). (خليفة) مفعول به لاسم الفاعل جاعل، منصوب. (قالوا) فعل ماض مبنيّ على الضم والواو فاعل، الهمزة للاستفهام (تجعل) فعل مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (في) حرف جرّ والهاء ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق بـ (تجعل). (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (يفسد) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (فيها) مثل الأول متعلّق بـ(يفسد). الواو عاطفة (يسفك) مثل يفسد (الدماء) مفعول به منصوب الواو حاليّة (نحن) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (نسبّح) فعل مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن (بحمد) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل نسبّح أي: مشتملين بحمدك والكاف مضاف إليه الواو عاطفة (نقدّس) مثل نسبّح اللام حرف جرّ والكاف ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق بـ (نقدّس).
وحذر من مخالفتهم وإتباع غيرهم و الزهد بهم فضلاً عن السخرية بهم أو التندر بأقوالهم ولمز آرائهم و التنقص من فتواهم، فهذا من علامات الضلال و البعد عن الطريق المستقيم، فهذا طريق مزلة، وحافة خطر ليس على الفرد ذاته بل على الأمة بأكملها إذا تنكبت طريقهم، كيف لا وقد زكاهم المولى سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم وسخر الله سبحانه الملائكة في السماء و الطيور في الهواء و الحيتان في الماء، لتستغفر لهم. * * * * وحق للأمة أن تفتخر بوجودهم وبعلمهم وبأعمالهم. وحق لها أن تحزن لفقدهم لأن بذلك فتحاً لثلمة في جدار الإسلام و المسلمين وضراً للديار، ونقصاً في الأرض، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) [الرعد: 41] ، قال ابن عباس في رواية: خرابها بموت علمائها وفقهائها و أهل الخير منها. وكذا قال مجاهد: هو موت العلماء. ونسق الشاعر على هذا قوله: الأرض تحيى إذا ما عاش عالمها *** متى يمت علم فيها يمت طرف كالأرض تحيى إذا ما لغيث حل بها *** وإن أبى عاد في أكنافها التلف وبموت العلماء ينقص العلم ويكثر الجهل فيكون سبباً لضلال الناس، وبعدهم عن الحق عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقَ عالماً أتخذ الناس رؤوساً جهّالاً يستفتون فيفتونهم برأيهم فيضلون ويضلون).