وشرائعه الباطنة كالمحبة والخوف والرجاء والإنابة، والإحسان في الشرائع الظاهرة والباطنة بأن تعبد اللّه فيها كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فطرة الله التي فطر الناس عليها | معرفة الله | علم وعَمل. وخص اللّه إقامة الوجه لأن إقبال الوجه تبع لإقبال القلب ويترتب على الأمرين سَعْيُ البدن ولهذا قال: { حَنِيفًا} أي: مقبلا على اللّه في ذلك معرضا عما سواه. وهذا الأمر الذي أمرناك به هو { { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}} ووضع في عقولهم حسنها واستقباح غيرها، فإن جميع أحكام الشرع الظاهرة والباطنة قد وضع اللّه في قلوب الخلق كلهم، الميل إليها، فوضع في قلوبهم محبة الحق وإيثار الحق وهذا حقيقة الفطرة. ومن خرج عن هذا الأصل فلعارض عرض لفطرته أفسدها كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" { { لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}} أي: لا أحد يبدل خلق اللّه فيجعل المخلوق على غير الوضع الذي وضعه اللّه، { { ذَلِكَ}} الذي أمرنا به { { الدِّينُ الْقَيِّمُ}} أي: الطريق المستقيم الموصل إلى اللّه وإلى كرامته، فإن من أقام وجهه للدين حنيفا فإنه سالك الصراط المستقيم في جميع شرائعه وطرقه، { { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}} فلا يتعرفون الدين القيم وإن عرفوه لم يسلكوه.
- التوحيد هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها
- فطرة الله التي فطر الناس عليها - منبع الحلول
- فطرة الله التي فطر الناس عليها | معرفة الله | علم وعَمل
التوحيد هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها
المراجع
^
الروم: 30
^, تفسير الآية
الروم: 30
فطرة الله التي فطر الناس عليها - منبع الحلول
{ { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ}} وهذا تفسير لإقامة الوجه للدين، فإن الإنابة إنابة القلب وانجذاب دواعيه لمراضي اللّه تعالى. ويلزم من ذلك حمل البدن بمقتضى ما في القلب فشمل ذلك العبادات الظاهرة والباطنة، ولا يتم ذلك إلا بترك المعاصي الظاهرة والباطنة فلذلك قال: { { وَاتَّقُوهُ}} فهذا يشمل فعل المأمورات وترك المنهيات. وخص من المأمورات الصلاة لكونها تدعو إلى الإنابة والتقوى لقوله تعالى: { { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}} فهذا إعانتها على التقوى. فطرة الله التي فطر الناس عليها - منبع الحلول. ثم قال: { { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}} فهذا حثها على الإنابة. وخص من المنهيات أصلها والذي لا يقبل معه عمل وهو الشرك فقال: { { وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}} لكون الشرك مضادا للإنابة التي روحها الإخلاص من كل وجه. ثم ذكر حالة المشركين مهجنا لها ومقبحا فقال: { { مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ}} مع أن الدين واحد وهو إخلاص العبادة للّه وحده وهؤلاء المشركون فرقوه، منهم من يعبد الأوثان والأصنام. ومنهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد الأولياء والصالحين ومنهم يهود ومنهم نصارى. ولهذا قال: { { وَكَانُوا شِيَعًا}} أي: كل فرقة من فرق الشرك تألفت وتعصبت على نصر ما معها من الباطل ومنابذة غيرهم ومحاربتهم.
فطرة الله التي فطر الناس عليها | معرفة الله | علم وعَمل
ورواه مسلم من حديث عبد الله بن وهب ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن الزهري ، به. وأخرجاه - أيضا - من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي معنى هذا الحديث قد وردت أحاديث عن جماعة من الصحابة ، فمنهم الأسود بن سريع التميمي. قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل ، حدثنا يونس ، عن الحسن عن الأسود بن سريع [ التميمي] قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوت معه ، فأصبت ظهرا ، فقتل الناس يومئذ ، حتى قتلوا الولدان. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما بال أقوام جاوزهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية ؟ ". فقال رجل: يا رسول الله ، أما هم أبناء المشركين ؟ فقال: " ألا إنما خياركم أبناء المشركين ". ثم قال: " لا تقتلوا ذرية ، لا تقتلوا ذرية ". وقال: " كل نسمة تولد على الفطرة ، حتى يعرب عنها لسانها ، فأبواها يهودانها أو ينصرانها ". التوحيد هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها. ورواه النسائي في كتاب السير ، عن زياد بن أيوب ، عن هشيم ، عن يونس - وهو ابن عبيد - عن الحسن البصري ، به. ومنهم جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل مولود يولد على الفطرة ، حتى يعرب عنه لسانه ، فإذا عبر عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا ".
فيتدبره آيةً، آيةً، باعتبار أنها تنـزلت عليه لتخاطبه هو في نفسه ووجدانه، فتبعث قلبه حيا في عصره وزمانه! ومن هنا وصف الله تعالى العبد الذي (يتلقى القرآن) بهذا المعنى؛ بأنه (يُلْقِي) له السمع بشهود القلب! قال تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (ق:37). ذلك هو الذاكر بالقرآن حقا، الذي يُحَصِّلُ ثمرة الذكرى ولا يكون من الغافلين. فأن تتلقى القرآن: معناه إذن؛ أن تصغي إلى الله يخاطبك! فتبصر حقائق الآيات وهي تتنـزل على قلبك روحا. وبهذا تقع اليقظة والتذكر، ثم يقع التَّخَلُّقُ بالقرآن، على نحو ما هو مذكور في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، لما سئلت عن خُلُقِه عليه الصلاة والسلام؛ فقالت: (كان خُلُقُهُ القرآنَ! )([2]). وأنْ تتلقى القرآن: معناه أيضا أن تتنـزل الآيات على موطن الحاجة من قلبك ووجدانك! كما يتنـزل الدواء على موطن الداء! فآدم عليه السلام لما أكل هو وزوجه من الشجرة المحرمة؛ ظهرت عليهما أمارة الغواية؛ بسقوط لباس الجنة عن جسديهما! فظل آدم عليه السلام كئيبا حزينا. قال تعالى: (فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا!