ينتقل الفيلم إلى البطلة التي تُجسّد آلام الوباء، حيثُ تقضي وقتاً طويلاً بالنظر من النافذة، لترى العالم والجيران الذين ينظرون بدورهم إلى مدينة محفوفة بجدران أعلى. على مستوى نفسيّ دقيق، يعود القلق إلى أنجيلا جرّاء تعرُّضها إلى حادثة اعتداء في الماضي، فاقمه الحَجْر، الأمر الذي يعيقُ إقدامَها على الخروج. تحزم تحزم تحزم تحزم. إنّها إشاراتٌ تُذكّرُ بالساق المكسورة لبطل فيلم "النافذة الخلفية" ل ألفرد هيتشكوك ، الذي عبّدَ طريق القلق والتوتر في السينما، ليخطو عليه المخرجون من بَعدِه. يظن المشاهد في البداية أن الفيلم عن الأنشطة المملة؛ لما فيه من مشاهد طويلة عن نشاطات العزلة. لكنّ هذا التأثير يزيد من مزاج القلق، تشفعُه استراتيجية تصوير تبدو مثل قطعات متتالية سريعة. ولا ننسى الزاوية العمودية من الأعلى إلى الأسفل، التي ساهمت في التحضير لذروة الفيلم وتعميق حالة الاضطراب لدى أنجيلا، فنرى البطلة تكتشف تسجيلاً صوتياً على أحد أجهزة KIMI، التي تعمل عليها، يثبت تعرض امرأة للاغتصاب والقتل. تُقرر أنجيلا إبلاغ الشركة بما سمعت وتبدأ معركتها مع البيروقراطية والسياسة التي تُكثفها شخصية المدير العام ومديرة قسم الدعم وعلاقتهما بالعصابات.
- بالفيديو:ضرب و سب.. مستشار بلطجي يخرب ممتلكات الدولة بدورة المجلس الجماعي بسطات – جريدة سوس بلوس الإخبارية
بالفيديو:ضرب و سب.. مستشار بلطجي يخرب ممتلكات الدولة بدورة المجلس الجماعي بسطات – جريدة سوس بلوس الإخبارية
يزداد التشويق عندما تحزم أنجيلا أمرها للخروج، ليتحول التكوين السينمائي إلى الهذيان المتسارع والتخفي والانسلال. تضعفُ حبكةُ القصّة قليلاً مع سيطرة المطاردة على المَشَاهِد، لكنّ المخرج ينجو من السقوط في الكليشيهات، حيث يُبرز الموقف النقدي من جنون العالم، وامتلاك الشركات العملاقة اليد الخفية المتحكّمة بالبيانات العملاقة، وتحويلها لاحتكار خاص، بمراقبة زبائنها والمشتركين، حتى الموظفين الذي يعملون على المراقبة. وصولاً إلى لقاء أنجيلا مع مديرة قسم الدعم، ليتّضح للمُشَاهِد أن الخصوصية هي وهمٌ مُتبخّر. يُشار إلى أنّ سودربرغ هو أول مخرج سينمائي يصنع فيلماً عن الركود العظيم (The Girlfriend Experience) وفيلماً آخر عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الرياضة والتجارة، وله تجارب جريئة منها تصوير فيلم Unsane بالكامل على جهاز آيفون. شيله تحزم تحزم خويي تحزم. وما زال يحافظ على محور الأسئلة في أفلامه، التي تدور حول الرأسمالية والأخلاقية والتشكيك في الغزوات الرقمية للخصوصية. الأرشيف
التحديثات الحية
الصلة بين التكنولوجيا البيولوجيّة والجريمة مطروحة في KIMI ومرحلة الوباء، وما تلاها من إغلاقات، أكثر ما جسّدت هذه الصّلة. كذلك حرب احتكار البيانات مشتعلة في الكوكب اليوم، وغيرها من الصّراعات اللامرئية النّاعمة.
تكرس المجموعة القصصية (البهجة تحزم حقائبها) لقدرة الفن القصصي على اكتساب روح متجددة تصل لأجيال قادمة عبر رصد هامس لمواقف وحالات إنسانية بعيدا عن السائد في الكتابة بمصر منذ الاحتجاجات الشعبية التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك في مطلع 2011. وفي هذه المجموعة ينجو الكاتب المصري مكاوي سعيد من "فخ" الكتابة عن "25 يناير" ويتجاوز هذا الإغراء مراهنا على أن ما يبقى هو النص الذي يتحدى اختبار الزمن ولا يكون مجرد صدى لزلزال كبير بحجم ما يجري في البلاد منذ ثلاث سنوات. فعقب اسقاط مبارك يوم 11 فبراير شباط 2011 كتبت العشرات من دواوين الشعر والروايات والمجموعات القصصية والكتب التي توثق جوانب من الاحتجاجات ومنها كتاب صدر في مطلع 2014 بعنوان (كراسة التحرير.. تحزم تحزم خوي تحزم. حكايات وأمكنة) رصد فيه سعيد على مهل تفاصيل إنسانية صغيرة وعميقة عن مهمشين أسهموا في الاحتجاجات بنصيب كبير وإن أهملتهم الفضائيات. وفي مجموعة (البهجة تحزم حقائبها) لا يقترب المؤلف مما جرى باستثناء مشهد النهاية في قصة (لا أحد قادرا على قهرها) إضافة إلى قصة (صابرين) وبطلتها فتاة فقيرة في الرابعة عشرة كانت في ميدان التحرير منذ "جمعة الغضب" 28 يناير كانون الثاني والتي كانت ذروة الاحتجاجات ثم اختفت صابرين في الاحتفالات بتنحي مبارك.