إنَّ خيرَ أهلِ الأرض بعد الأنبياءِ هم صحابة نبيِّنا -عليه الصلاة والسلام-، في حياتهم من العجائبِ ما لا يُصدَّقُ، وفي سيرتهم ما لا يُتوقع، في أخبارهم الكثير مما لا نعرف، والقليل مما عرفنا، هنا ستجد من كلِّ بحرٍ قطرة، ومن كلِّ بستانٍ ثمرة، كيفَ كانت حياتُهم، وكيفَ صدقوا ربَّهم، وجاهدوا في سبيله، وأعلَ
وا كلمَتَه، وكانوا للحقِّ عونًا وعلى الباطلِ سيفًا مُصلتًا، هنا ستجد "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ".
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
وفي قوله تعالى: «رجال» إشارة إلى أنهم أناس قد كملت رجولتهم، وسلِمت لهم إنسانيتهم، فكانوا رجالاً حقًّا، لم ينتقص من إنسانيتهم شيء، فالكفر والشرك والنفاق، وضعف الإيمان، كلها أمراض خبيثة، تغتال إنسانية الإنسان، وتفقده معنى الرجولة فيه.
وإن المسلمين اليوم مطالبون بمراجعة ذواتهم بخصوص ما عاهدوا عليه الله عز وجل كل في موضعه ، ومن موقع مسؤوليته التي قلّدها سواء كانت صغيرة أم كبيرة. وإذا ما كانوا حريصين على صدق إيمانهم ورجولتهم ، فإنه يجب عليهم أن يصدقوا في عهودهم مع خالقهم من خلال صدقهم في عهودهم مع الخلق ،لأن الخالق سبحانه هو الرقيب و الضامن والوكيل عليهم. اللهم إنا نعوذ بك من نقض عهد بيننا وبينك أو بيننا وبين خلقك. اللهم تفضل علينا جودا منك ورحمة بنا بما وصفت به عبادك المؤمنين الرجال الذين صدقوك ما وعدوك ولم يبدّلوا تبديلا. اللهم تدارك أمة الإسلام وبصّرها بخطورة نقض العهد معك ومع رسولك صلواتك وسلامك عليه ومع المؤمنين. اللهم لا تجعل الشيطان الرحيم يزين لنا المصالح على المبادىء ، واجعل اللهم طاعتك وطاعة رسولك عليه الصلاة والسلام أحب إلينا من عرض الدنيا الزائل. والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. تفسير قوله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}. Loading...