وأهل الذكر هم من نزلت تلك الكتب على رسلهم كاليهود والنصارى، والمأمور بسؤالهم هم المشركون من أمة محمد صل الله عليه وسلم الذين أنكروا أن يكون محمد صل الله عليه وسلم رسولًا، لكونه من البشر والرسل تكون من الملائكة ، وذلك ليين لهم أهل الذكر من اليهود والنصارى أن من سبقه من الرسل إنما كانوا من البشر لا الملائكة. هل سؤال أهل الذكر يكون في أمور الدنيا والدين؟ أم يقتصر فقط على أمور الدين من فرائض وسنن ؟
هاتين الآيتين وإن نزلتا في أمر المشركين أن يسألوا أهل الكتب السابقة عن رسلهم ليتبين لهم أنهم من البشر، فهما دالتان على أمر كل من يجهل شيئًا ينفعه أن يسأل عنه أهل العلم به ليستفيد ما يعود عليه بالخير، وينهض به في دينه ودنياه، ويدخل في ذلك شؤون الدين أولًا، وما يحتاجه من شؤون الدنيا التي لها تعلق بالدين، فإن المكلف مأمور أن يعمل لدينه ودنياه.
- فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ - اليوم السابع
- بيان معنى قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )
- قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذِكر إنْ كنتم لا تعلمون)
فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ - اليوم السابع
...
صفحات أخرى من الفصل: آية سؤال أهل الذكر
آية سؤال أهل الذكر
قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذِكر إنْ كنتم لا تعلمون)(1). قال السيّد رحمه اللّه:
«وأهل الذكر الّذين قال: (فاسألو أهل الذِكر إن كنتم لا تعلمون)». فقال في الهامش:
«أخرج الثعلبي في معنى هذه الآية من تفسيره الكبير عن جابر، قال: لمّا نزلت هذه الآية قال عليّ: نحن أهل الذِكر(2). وهذا هو المأثور عن سائر أئمة الهدى، وقد أخرج العلاّمة البحريني في الباب 35 نيّفاً وعشرين حديثاً صحيحاً في هذا المضمون»(3). فقيل:
«حينما نزلت هذه الآية في هذه السورة لم يكن عليّ رضي اللّه عنه قد تزوّج بعد، فهذه السورة مكّية بالاتّفاق، فكيف يقول عليّ: نحن أهل الذِكر؟! وهذا الذي أخرجه الثعلبي في معنى هذه الآية لا يصحّ، وليس مجرّد روايته له في تفسيره يعتبر دليلاً، بل لا بُدّ من صحّة النقل. قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذِكر إنْ كنتم لا تعلمون). أمّا ما أخرجه البحريني وأشار إليه المؤلّف دون تفصيل، فإنّه ليس بحجّة علينا. وعلى كلّ حال، فإنّ المقصود بأهل الذِكر هم أهل العلم كاليهود والنصارى وسائر الطوائف من الأُمم السابقة، التي أُرسل إليها الأنبياء، وسؤالهم عن حقيقة هؤلاء الأنبياء، هل كانوا بشراً أم ملائكة؟». أقول:
أوّلاً: لم يكن القائل «نحن أهل الذِكر» خصوص أمير المؤمنين عليه السلام فقط، بل قاله غيره من أئمّة أهل البيت عليهم السلام.
بيان معنى قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )
الآلوسي - تفسير الآلوسي - الجزء: ( 14) - رقم الصفحة: ( 147)
- وخصهم بعض الإمامية بالأئمة أهل البيت احتجاجا بما رواه جابر. ومحمد بن مسلم منهم عن أبي جعفر (ر) أنه قال: نحن أهل الذكر ، وبعضهم فسر الذكر بالنبي (ص) لقوله تعالى: ذكرا رسولا على قول ، ويقال على مقتضى ما في البحر: كيف يقنع كفار أهل مكة بخبر أهل البيت في ذلك وليسوا بأصدق من رسول الله (ص) عندهم وهو عليه الصلاة والسلام المشهور فيما بينهم بالأمين.......
إبن الصباغ - الفصول المهمة في معرفة الأئمة - الجزء: ( 2) - رقم الصفحة: ( 889)
- وعن معاوية بن عمار الدهني ، عن محمد بن علي بن الحسين في قوله عزوجل: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ، قال: نحن أهل
الذكر. الحاكم الحسكاني - شواهد التنزيل - الجزء: ( 1) - رقم الصفحة: ( 432)
459 - أخبرنا عقيل بن الحسين ، قال: أخبرنا علي بن الحسين ، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله ، قال] حدثنا عبدويه بن محمد بشيراز قال: حدثنا سهل بن نوح بن يحيى أبو الحسن الحبابي قال: حدثنا يوسف بن موسى القطان عن وكيع ، عن سفيان ، عن السدي: عن الحارث قال: سألت عليا عن هذه الآية: فاسألوا أهل الذكر ؟ فقال: والله إنا لنحن أهل الذكر ، نحن أهل العلم ، ونحن معدن التأويل والتنزيل ، ولقد سمعت رسول الله (ص) يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأته من بابه.
قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذِكر إنْ كنتم لا تعلمون)
وقفات مع القاعدة القرآنية
{فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} [ النحل: ٤٣]. وقفات مع القاعدة القرآنية { فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} [ النحل: ٤٣]. المقدمة: فهذه وقفات مع قاعدة من قواعد القرآن الكريم ،وقد تكررت في القرآن مرتين وهي على وجازتها قاعدة عظيمة النفع. وفي هذه الوقفات نتعرف على بعض دلالاتها. الوقفة الأولى: في دلالة الآية على سؤال أهل العلم وأمره تعالى بذلك، يقول الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (٣٧٥/٢). أول ما يلزم المستفتي إذا نزلت به نازلة أن يطلب المفتي ليسأله عن حكم نازلته، فإن لم يكن في محله وجب عليه أن يمضي إلى الموضع الذي يجده فيه، فإن لم يكن ببلده لزمه الرحيل إليه وإن بعدت داره، فقد رحل غير واحد من السلف في مسألة. انتهى. - وفي وقتنا هذا والحمد لله ،وسائل التواصل مع أهل العلم متيسرة، وهي أحسن من الزمن السابق. وقال العلامة السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره على هذه الآية في سورة الأنبياء: " أهل الذكر ": وهم أهل العلم، فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين، أصوله وفروعه، إذا لم يكن عند الإنسان علم منها، أن يسأل من يعلمها.
وجاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي (دام ظله الوارف):
من هم أهل الذكر؟
﴿ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾. وعن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير الآية أنه قال: "الذكر القرآن وآل الرسول أهل الذكر وهم المسؤولون ". وفي روايات أخرى: أن " الذكر " هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و " أهل الذكر " هم أهل البيت (عليهم السلام). وثمة روايات متعددة أخرى تحمل نفس هذا المعنى. وفي تفاسير وكتب أهل السنة روايات تحمل نفس المعنى أيضا، منها: ما في التفسير الاثني عشري: روي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، قال: هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) هم أهل الذكر والعقل والبيان. فهذه ليست هي المرة الأولى في تفسير الروايات للآيات القرآنية ببيان أحد مصاديقها دون أن تقيد مفهوم الآية المطلق. وكما قلنا ف " الذكر " يعني كل أنواع العلم والمعرفة والاطلاع، و " أهل الذكر " هم العلماء والعارفون في مختلف المجالات، وباعتبار أن القرآن نموذج كامل وبارز للعلم والمعرفة أطلق عليه اسم " الذكر "، وكذلك شخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو مصداق واضح لل " ذكر " والأئمة المعصومون باعتبارهم أهل بيت النبوة ووارثوا علمه (صلى الله عليه وآلهوسلم) فهم (عليهم السلام) أفضل مصداق ل " أهل الذكر ".