- كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ في سفَرٍ فانطلقَ لحاجتِهِ فرأَينا حُمَّرةً معَها فرخانِ فأخَذنا فرخَيها فجاءت تعرِشُ فجاءَ النَّبيُّ فقالَ: مَن فجعَ هذِهِ بولدِها ؟ ردُّوا ولدَها إليها. ورأى قريةَ نملٍ قد حرَّقناها. فقالَ: مَن حرَّقَ هذِهِ ؟ قُلنا: نحنُ قالَ: إنَّهُ لا ينبَغي أن يعذِّبَ بالنَّارِ إلَّا ربُّ النَّارِ
الراوي:
عبدالله بن مسعود
| المحدث:
النووي
| المصدر:
تحقيق رياض الصالحين
| الصفحة أو الرقم:
519
| خلاصة حكم المحدث:
إسناده صحيح
| التخريج:
أخرجه أبو داود (2675) واللفظ له، وأحمد (3835) باختلاف يسير مختصراً
كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ فانطلق لحاجته فرأينا حمَّرةً معها فرخان فأخذْنا فرخَيها فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفرشُ فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال من فجع هذه بولدِها ؟ رُدُّوا ولدَها إليها.
من صور رحمة النبي بالحيوان.. &Quot;من فجع هذه بولدها؟&Quot;
قَالَ: " كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَني فَكَرِهْتُ أنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِىَ حَاجَتَهُ ". اللهُ أكبرُ أيها المسلمونَ! الحسنُ أو الحسينُ ركبَ على ظهرِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وهو ساجدٌ، فما رفعَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ظهرَهُ حتى نزلَ الصبيُّ من نفسِهِ خشيةَ أن يسقطَ. وها هوَ -بأبي هوَ وأمِّي- في موقفٍ أخرَ يرويهِ بُرَيْدَةُ بنُ الْحَصِيب -رضي الله عنه-، يقول: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَاقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ -رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا- عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أحمران، يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ فأخذهما، فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: "صَدَقَ اللَّهُ! ( إِنَّمَا أمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)، رأيت هَذَيْنِ فَلَمْ اصْبِرْ". ثُمَّ أخَذَ في الْخُطْبَةِ. صلى عليكَ اللهُ يا علمَ الهُدى، يا مَنْ بعثكَ اللهُ رحمةً للعالمينَ. حديث من فجع هذه بولدها. اسمعوا إلى هذا الشفيقِ الرقيقِ، الرحيمِ بأمتِهِ -صلى الله عليه وسلم-، وهو يقولُ: " إِنّي لأقوم في الصَّلاةِ أُرِيدُ أنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِي، فَأتَجَوَّزُ فِي صَلاتِي كَرَاهِيَةَ أنْ أشُقَّ عَلَى أُمِّهِ ".
قَالَ: فَأُتِيَ عُمَرُ -رضي الله عنه- بِبَعْضِ وَلَدِهِ فَقَبَّلَهُ، قَالَ: أتُقَبِّلُ هَذَا؟ مَا قَبَّلْتُ وَلَدًا قَطُّ. فَقَالَ عُمَرُ: فأنت بِالنَّاسِ أقَلُّ رَحْمَةً، هَاتِ عَهْدَنَا، لا تَعْمَلْ لِي عَمَلاً أبدا. من فجع هذه بولدها. أيها المسلمونَ: رحمةُ الأطفالِ، والشفقةُ بهم، والعطفُ والحنوُّ عليهِم، وعدمُ حرمانِهِم مِنْ أمَّهاتِهِم، واجبٌ عليكُم، حتى لو كانَ بينَكَ أيها الزوجُ وبينَ زوجتِكَ مشاكل وخصوماتٌ، وحتى لو كُنتَ قدْ طلقْتَها. الخصومةُ والطلاقُ بينكَ وبينَ الزوجةِ، أما الأطفالُ، فما ذنبُ هؤلاءِ الصغارِ؟ نحنُ أهلُ دينٍ وأهلُ رسالةٍ ربانيةٍ، يجبُ أنْ نكونَ قدوةً للأممِ والشعوبِ، في تعاملِنا وتربيتِنا ورحمتِنا وشفقتِنا. إنهُ مِنَ المؤسفِ حقاًّ، أنْ يطالِعُنا المجتمعُ بيْنَ حينٍ وآخرَ بقصصٍ مؤسفةٍ عنْ قسوةِ الآباءِ علَى الصغارِ، وحرمانِهِم من مصدرِ الحنانِ الذي لا يجدونَهُ في الدنيا، إلا بينَ أنفاسِ هذهِ الأمِّ وفي حِجرِها، بلا مبررٍ يُعرفُ، أوْ ذنبٍ يُقترفُ، وهذَا مخالفٌ لتعاليمِ دينِنَا الحنيفِ وللفطرةِ الإنسانيةِ السويةِ، ومُنافٍ لتقاليدِنا وأعرافِ مجتمعِنَا المتراحمِ الذِي يعيشُ أفرادُهُ كأسرةٍ واحدةٍ مترابطةٍ.