وقد روى مكحول أن رجلا من المشركين سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول في سجوده: " يا رحمن يا رحيم " ، فقال: إنه يزعم أنه يدعو واحدا ، وهو يدعو اثنين. فأنزل الله هذه الآية. وكذا روي عن ابن عباس ، رواهما ابن جرير. حديث: من يشكو الدين فليقرأ: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن)؟ ما صحته؟. وقوله: ( ولا تجهر بصلاتك) الآية ، قال الإمام أحمد: حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية وهو متوار بمكة ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) قال: كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ، وسبوا من أنزله ، ومن جاء به. قال: فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( ولا تجهر بصلاتك) أي: بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن) ولا تخافت بها) عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك) وابتغ بين ذلك سبيلا). أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي بشر جعفر بن إياس به ، وكذا روى الضحاك عن ابن عباس ، وزاد: " فلما هاجر إلى المدينة ، سقط ذلك ، يفعل أي ذلك شاء ".
- قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى
- حديث: من يشكو الدين فليقرأ: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن)؟ ما صحته؟
- عظم حق الجار - ملتقى الخطباء
- التفريغ النصي - حق الجار - للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي
- حق الجار - ملتقى الشفاء الإسلامي
قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى
الإعراب: (الحمد) مبتدأ مرفوع (للّه) جارّ ومجرور متعلّق بخبر المبتدأ (أنزل) فعل ماض، والفاعل هو (على عبده) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنزل) والهاء ضمير مضاف إليه (الكتاب) مفعول به منصوب الواو عاطفة (لم) حرف نفي وجزم (يجعل) مضارع مجزوم، والفاعل هو اللام حرف جرّ والهاء ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول به ثان (عوجا) مفعول به أوّل منصوب. جملة: (الحمد للّه... ) لا محلّ لها ابتدائيّة. وجملة: (أنزل... ) لا محلّ لها صلة الموصول (الّذي). وجملة: (لم يجعل... 2- (قيّما) مفعول به لفعل محذوف تقديره جعله، منصوب اللام للتعليل (ينذر) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل هو، والمفعول الأول محذوف تقديره الكافرين (بأسا) مفعول به ثان منصوب (شديدا) نعت ل (بأسا) منصوب (من) حرف جرّ (لدن) اسم مبنيّ على السكون في محلّ جرّ متعلّق بنعت ثان ل (بأسا) والهاء ضمير مضاف إليه. والمصدر المؤوّل (أن ينذر) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (أنزل). الواو عاطفة (يبشّر) مثل ينذر معطوف عليه (المؤمنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت للمؤمنين (يعملون) مضارع مرفوع، وعلامة الرفع ثبوت النون.. قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن. والواو فاعل (الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (إنّ) حرف توكيد ونصب (لهم) مثل له متعلّق بخبر أنّ (أجرا) اسم أنّ منصوب (حسنا) نعت ل (أجرا) منصوب.
حديث: من يشكو الدين فليقرأ: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن)؟ ما صحته؟
وجملة: (ما لهم به من علم... وجملة: (كبرت... وجملة: (تخرج... ) في محلّ نصب نعت لكلمة. وجملة: (يقولون... ) لا محلّ لها تعليليّة. الصرف: (ماكثين)، جمع ماكث، اسم فاعل من الثلاثيّ مكث، وزنه فاعل. البلاغة: 1- التكرير في قوله تعالى: (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً). نفي العوج عنه معناه إثبات الاستقامة له، وقد جنح إلى التكرير لفائدة وهي التأكيد، فرب مستقيم مشهود له بالاستقامة ولا يخلو من أدنى عوج عند السبر والتصفح. 2- المطابقة فقد طابق سبحانه جل جلاله بين العوج والاستقامة، فكان رائعا لا مجال فيه لمنتقد. 3- نفي الشيء بإيجابه: في قوله تعالى: (قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) لهذا الفن تسمية أخرى وهي: عكس الظاهر. وهو أن تذكر كلاما، يدل ظاهره على أنه نفي لصفة موصوف، وهو نفي للموصوف أصلا. فاتخاذ اللّه ولدا في نفسه محال، فكيف قيل (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ). معنى ذلك: ما لهم به من علم، لأنه ليس مما يعلم لاستحالته، وانتفاء العلم بالشيء وإمّا للجهل بالطريق الموصل، وإمّا لأنه في نفسه محال لا يستقيم تعلق العلم به. فقد ورد الكلام على سبيل التهكم والاستهزاء بهم. قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى. الفوائد: للمفعول لأجله خمسة شروط: أ- كونه مصدرا.
(*) والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب في أول ما أوحي إليه: باسمك اللهم، حتى نزل: " إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " النمل، فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال مشركو العرب: هذا الرحيم نعرفه، فما الرحمن ؟ فنزلت هذه الآية، قاله ميمون بن مهران. (*) والثالث: أن أهل الكتاب قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لتقل ذكر الرحمن، وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم، فنزلت هذه الآية، قاله الضحاك.
وفي هذا تأكيد حق الجار، وأن الذي لا يحبّ لجاره ما يحبّ لنفسه من الخير فإنه ناقص الإيمان، وفي هذا غاية التحذير ومنتهى التنفير عن إضمار السوء للجار قريبًا كان أو بعيدًا. أيها المؤمنون: إن من الإحسان إلى الجار الحرص على بذل الخير له قليلاً كان أم كثيرًا، كما قال الله تعالى: ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) [الطلاق:7]، وفي صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: " يا نساء المسلمات: لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة ". فرسنُ الشاة هو حافرها. قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: " أي: لا تحقرن أن تهدي إلى جارتها شيئًا ولو أنها تهدي ما لا ينتفع به في الغالب ". والمقصود أن يتواصل الخير والود والبر بين الجيران، ففي صحيح مسلم من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " يا أبا ذر: إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ". وأولى الناس بالإحسان من الجيران أقربهم منك بابًا، ففي البخاري من حديث عائشة قالت: يا رسول الله: إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟!
عظم حق الجار - ملتقى الخطباء
وكذلك فإنه قال كما في صحيح البخاري: ( الجار أحق بسقبه)، والسقب والصقب، بالسين والصاد، معناه: القرب؛ فمعناه: أن من كان أقرب إليك من جيرانك؛ فحقه أعظم، وقد عرف هذا اللفظ، وهو: الصقب، بمعنى: القرب، ومن ذلك قول عبد الله بن قيس الرقيات في قصيدته لـ عبد الملك بن مروان: كوفية نازح محلتها لا أمم دارها ولا صقب "لا أمم دارها" معناه: لا بعيدة، ولا صقب، أي: لا قريبة. وكذلك فإنه كان في صدر الإسلام يؤخذ بالشفعة للجار، وقد أخذ بذلك الحنفية إلى اليوم فهو مذهبهم، ومذهب الجمهور: أن الشفعة للشريك فقط، والحنفية يرون أن شفعة الجار باقية؛ فإذا باع الإنسان داره دون أن يستشير جاره؛ فلجاره أن يأخذها بنفس الثمن غصباً عن المشتري والبائع، فيدفع الثمن إلى صاحبها؛ لئلا ينزل فيها من لا يحب جواره، لأن جار السوء في دار المقام مما يتعوذ منه. نماذج من رعاية حقوق الجوار
رعاية النبي صلى الله عليه وسلم لحق الجار
رعاية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لحق الجار
وكذلك كان أصحابه رضوان الله عليهم، فقد تربوا هذه التربية فكانوا يُحسنون إلى الجيران ويؤدون حقوقهم، حتى إن رجلاً من قريش كانت له دار وكان بجواره عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فباع القرشي داره لـ معاوية بن أبي سفيان بثمن غال، فلما أراد معاوية إخلاء الدار وأخذها قال: قد بقي شيء من ثمنها، فقال: ما هو؟ قال: ثمن الجار، قال: ومن جارك؟ قال: عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ؛ فضاعف له معاوية الثمن.
التفريغ النصي - حق الجار - للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي
تعريف الجار وأقسامه
الحث على حسن الجوار وعلاقته بالمروءة والكرم
فوائد حسن الجوار
وحق الجار بالإضافة إلى هذه النصوص التي تدعو إليه يودي الوفاء به إلى كثير من الفوائد للإنسان، ففي الآخرة فيه طاعة الله ورسوله وامتثال للأمر، وفي الدنيا فيه بركة عظيمة؛ فإن من تعاهد جيرانه لا بد أن يوسع له في رزقه؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي ذر رضي الله عنه: ( إذا طبخت لحماً فأكثر مرقه ثم تعاهد جيرانك), فإن ذلك مما يوسع على الإنسان في رزقه. وكذلك يأمن به الإنسان، فإنه إذا كان يأمن جيرانه مكره، وكانوا يأمنون على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم منه؛ فإنه سيؤمنه الله سبحانه وتعالى حين أمنه جيرانه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا إيمان لمن لا أمانة له). وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم مراتب الجار في الفضل فقد ورد عنه أنه قال: ( أربعون داراً جار)، وهذا يقتضي أن الجيران ليسوا الذين يلون الباب مباشرة، بل يتعدى ذلك الجوار إلى ما هو أبعد منه حتى يصل ذلك إلى أربعين داراً، ومفهوم العدد قيل: هو مخرج لما فوقه، أي: أن ما زاد على ذلك لا يكون جاراً، وقيل: بل ليس مخرجاً له، فمن بينك وبينه تواصل، ولو كان بينك وبينه أربعون داراً؛ فإن حق الجوار باق في حقه.
حق الجار - ملتقى الشفاء الإسلامي
وهذا يدل على تأكيد حق الجار؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- ظن أن نهاية هذا الحرص وتلك الوصايا من جبريل -عليه السلام- أن يكون للجار نصيب من الميراث. أيها المؤمنون: إن حقوق الجار كثيرة عديدة، وهي في الجملة دائرة على ثلاثة حقوق كبرى: الإحسان إليهم، وكف الأذى عنهم، واحتمال الأذى منهم. أما الحق الأول فإنه الإحسان إلى الجيران، فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- بذلك في كتابه فقال سبحانه: ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ) [النساء:36]. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: " ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ". وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإكرام الجار وجعل ذلك من لوازم الإيمان، فقال -صلى الله عليه وسلم-: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ". أيها المؤمنون: إن من الإحسان إلى الجيران سلامة القلب عليهم، وحب الخير لهم، ففي البخاري ومسلم من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه ".
(11) أخرجه البخاري في الأدب برقم 6020. (12) أخرجه البخاري في كتاب الأدب برقم 6018 وأخرجه مسلم في الإيمان برقم 47. (13) أخرجه البخاري في الأدب برقم 6016. (14) أخرجه مسلم في الإيمان برقم 46. (15) أخرجه البخاري في تفسير القرآن برقم4477 وأخرجه مسلم في الإيمان برقم 86. (16) أخرجه أحمد من حديث المقداد بن الأسود برقم 23342. (17) أخرجه أحمد من حديث أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - (رقم 21020).