4) تدلنا القصة على ملامح الشخصية القيادية عند شخصية رسول الله (ص) فهو لما عزم على الإنطلاق لغزوة تبوك، لم يترك المدينة دون والٍ، فعيّن علياً (ع) لهذه المهمة، كما أنّه كان إذا خرج إلى المعارك استعمل التورية في تحديد وجهة السير ولم يعلم المسلمين بمقصده خشية تسرب الخبر. قصة الثلاثة الذين خلفوا - ثمرات علمية. فتنة أخرى لكعب
وتجدر الإشارة إلى أنه قد جاء في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني أنّ كعباً بن مالك وحسان بن ثابت والنعمان بن بشير كانوا عثمانية، يقدمون بني أمية على بني هاشم، ويقولون: الشام خير من المدينة، واتصل بهم أن ذلك بلغ علياً (ع) فدخلوا عليه فقال له كعب: أخبرنا عن عثمان أقتل ظالماً فنقول بقولك أو قتل مظلوماً فتقول بقولنا، أو نكلك إلى الشبهة فيه؟ فالعجب من تيقننا وشكك فيه! وقد زعمت العرب أنّ عندك علم ما اختلفنا فيه فهاته نعرفه، فقال لهم علي (ع): " لكم عندي ثلاثة أشياء: استأثر عثمان فأساء الأثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع، وعند الله ما تختلفون فيه إلى يوم القيامة" ، فقالوا: لا ترضى بهذا العرب ولا تعذرنا به، فقال علي(ع): "أتردون عليّ بين ظهراني المسلمين بلا نية صادقة ولا حجة واضحة! اخرجوا عني فلا تجاوروني في بلد أنا فيه أبداً" فخرجوا من يومهم فساروا حتى أتوا معاوية، فقال: لكم الكفاية أو الولاية، فأعطى حساناً ألف دينار وكعباً ألف دينار، وولى النعمان حمص.
- قصة الثلاثة الذين خلفوا - ثمرات علمية
- إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الأنفال - قوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل - الجزء رقم11
- نسيم الشام › خطبة د. توفيق البوطي: وأعدوا لهم ما استطعتم
قصة الثلاثة الذين خلفوا - ثمرات علمية
[٣]
تقديم العذر لرسول الله -عليه الصلاة والسلام- أغلب الذين تخَلَّفوا تعذَّروا بأعذار كاذبة حين سألهم رسول الله -عليه الصلاة والسلام- عن سبب تخلفهم، أما كعبٌ فقد قال: (إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلاً، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي). [٤] ويكمل: (ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عفو الله لا والله ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك). قصه الثلاثه الذين خلفوا عن غزوه تبوك. [٤]
عقاب رسول الله للمتخلِّفين قال في ذلك كعب بن مالك في روايته للقصة: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا، فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان وأما أنا فكنتُ أشبَّ القوم وأجلدَهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد). [٥] وأيضًا بعد مرور ثلاثين يومًا أمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باعتزال نسائهم، إلا أنَّه أذنَ لزوجة الهلال بن أميَّة أن تخدمه لكِبَر سنِّه بعدما استأذنت من الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
اعتزال النساء
ثم وبعد مضي أربعين ليلة على القطيعة تصاعد التشديد، فأمر النبي (ص) نساء الثلاثة الذين خلّفوا باعتزال أزواجهم، وهذه قمة المعاناة والعذاب، فيأتي مبعوث النبي إلى كعب ويقول له: إنّ رسول الله(ص) يأمرك باعتزال زوجتك! ماذا أفعل أطلقها؟ بل اعتزلها ولا تقربها، باستثناء زوجة هلال فسمح لها فقط بخدمة زوجها، لأنّه رجل كبير، ومضت عشر ليال على هذا الحال، فأصبح المجموع خمسون ليلة. وفي صبيحة اليوم الخميسين، وفيما كان كعب يصلي صلاة الفجر وقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت إذا بالبشير يأتيه: يا كعب أبشر يقول: فخررت ساجداً، وعرفت أن قد جاء فرج وأذن رسول الله بتوبة الله علينا، يقول: فنزعت ثوباي وأهديتهما للبشير، ثم ارتديت غيرهما وهرولت إلى رسول الله والناس يتلقوني فوجاً فوجاً يهنؤنني بالتوبة، يقول: فدخلت المسجد فإذا رسول الله جالس والناس حوله تقدم الرجل وسلم على رسول الله فقال له النبي (ص) ووجهه يبرق بالسرور: أبشر بخيرِ يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك! قال: قلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله، قال: بل من عند الله، ونذر الرجل أن يتصدق بجميع ماله، فقال له النبي(ص): أمسك عليك بعضه، فهو خير لك، فقال: يا رسول الله إنّ الله إنّما نجاني بالصدق، وإنّ من توبتي أن لا أحدث إلاّ صدقاً ما بقيت.
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة (القضية الفلسطينية)
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة (القضية الفسطينية)
يقول الله عز وجل:
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَي&uacuشَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
هذه الآية الكريمة, هي من أكثر الآيات القرآنية التي تم تطويعها لخدمة أولئك الذين استغلوا القرآن الكريم وطوعوا آياته لخدمة مصالحهم الفئوية والمذهبية وحتى السياسية. وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ورباط الخيل. ففسرت القوة بالقوة العسكرية, وفسرت كلمة ترهبون بالقيام بالأعمال الإرهابية, وذلك لإرهاب العدو وتخويفه من خلال عمليات قتل عشوائية طالت نتائجها التدميرية البشر الأبرياء والحجر. وحتى نعيد لهذه الآية القرآنية الكريمة مدلولاتها القرآنية العملية والإنسانية, كان لابد من أن نتدبر كلماتها, ونسقط هذا التدبر على الواقع الحالي الذي نعيشه, وعلى القضية الفلسطينية كمثال للتطبيق العملي لهذه الآية الكريمة. في البداية وكالعادة نعود إلى رأي السلف, وقد رأيت الأخذ برأي الطبري رحمة الله عليه من كتب التفسير:
"الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة وَمِنْ رِبَاط الْخَيْل} يَقُول تَعَالَى ذِكْره: وَأَعِدُّوا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ الَّذِينَ بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ عَهْد, إِذَا خِفْتُمْ خِيَانَتهمْ وَغَدْرهمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله { مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة} يَقُول: مَا أَطَقْتُمْ أَنْ تَعُدُّوهُ لَهُمْ مِنْ الْآلَات الَّتِي تَكُون قُوَّة لَكُمْ عَلَيْهِمْ مِنْ السِّلَاح وَالْخَيْل.
إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الأنفال - قوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل - الجزء رقم11
وما تبذلوا من مال وغيره في سبيل الله قليلا أو كثيرًا يخلفه الله عليكم في الدنيا، ويدخر لكم ثوابه إلى يوم القيامة، وأنتم لا تُنْقصون من أجر ذلك شيئًا. تفسير ابن كثير تفسير القرطبي تفسير الطبري تفسير السعدي تفسير الجلالين اعراب صرف فقال "وأعدوا لهم ما استطعتم" أي مهما أمكنكم "من قوة ومن رباط الخيل" قال الإمام أحمد; حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي علي ثمامة بن شفي أخي عقبة بن عامر أنه سمع عقبة بن عامر يقول; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر " "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي" رواه مسلم عن هرون بن معروف وأبو داود عن سعيد بن منصور وابن ماجه عن يونس بن عبدالأعلى ثلاثتهم عن عبدالله بن وهب به.
نسيم الشام › خطبة د. توفيق البوطي: وأعدوا لهم ما استطعتم
الإرهاب صنعة أتقنتها دول الطغيان العالمي التي تعمل تحت راية أميركا، ولقد بلغت ذروة إرهابها في عدوانها على وطننا، هذا الوطن له سيادته وهو يسعى لبناء نفسه وتطوير ذاته وحماية حقوقه، وكان مضرب المثل في أمان أبنائه وعيشهم بسلام على تعدد أطيافهم، حتى ثار مرتهَنون لبرامج معادية خارجية حاقدة تريد أن تمزق وحدة وطننا وتعايش أبنائه وسعيه للتقدم والازدهار. وباسم الحرية مزقوا الحرية، وباسم الإصلاح عاثوا في الأرض فساداً، واستعانوا بالعدو على الوطن وأبنائه، وصاروا أداة قذرة لتمزيق وطن وتشتيت شعب طالما كان ملاذ الشعوب المستضعفة والمعتدى عليها.
فقوله: لا تعلمونهم أي لم تكونوا تعلمونهم قبل هذا الإعلام ، وقد علمتموهم الآن إجمالا ، أو أريد: لا تعلمونهم بالتفصيل ولكنكم تعلمون وجودهم إجمالا مثل المنافقين ، فالعلم بمعنى المعرفة. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الأنفال - قوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل - الجزء رقم11. ولهذا نصب مفعولا واحدا. وقوله: ( من دونهم) مؤذن بأنهم قبائل من العرب كانوا ينتظرون ما تنكشف عنه عاقبة المشركين من أهل مكة من حربهم مع المسلمين ، فقد كان ذلك دأب كثير من القبائل كما ورد في السيرة ، ولذلك ذكر من دونهم بمعنى: من جهات أخرى; لأن أصل ( دون) أنها للمكان المخالف ، وهذا أولى من حمله على مطلق المغايرة التي هي من إطلاقات كلمة ( دون) لأن ذلك المعنى قد أغنى عنه وصفهم بـ " آخرين "
وجملة الله يعلمهم تعريض بالتهديد لهؤلاء الآخرين ، فالخبر مستعمل في معناه الكنائي ، وهو تعقبهم والإغراء بهم ، وتعريض بالامتنان على المسلمين بأنهم بمحل عناية الله ، فهو يحصي أعداءهم وينبههم إليهم. وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي: للتقوي ، أي: تحقيق الخبر وتأكيده ، والمقصود تأكيد لازم معناه ، أما أصل المعنى فلا يحتاج إلى التأكيد إذ لا ينكره أحد ، وأما حمل التقديم هنا على إرادة الاختصاص فلا يحسن ، للاستغناء عن طريق القصر بجملة النفي في قوله: لا تعلمونهم فلو قيل: ويعلمهم الله لحصل معنى القصر من مجموع الجملتين.