اثنتا عشرة أوقية تساوي أربعمائة وثمانين درهما أي مائة وخمسة
وثلاثون ريال فضة تقريبا (134. 4)
فهذا كان صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه. قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى " (32/194): فمن دعته نفسه
إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل
صفة فهو جاهل أحمق ، وكذلك صداق أمهات المؤمنين ، وهذا مع القدرة
واليسار ، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر
على وفائه من غير مشقة اهـ. وقال أيضا في "الفتاوى الكبرى": "وكلام الإمام أحمد في رواية حنبل
يقتضي أنه يستحب أن يكون الصداق أربعمائة درهم, وهذا هو الصواب مع
القدرة واليسار فيستحب بلوغه ولا يزاد عليه" اهـ. الصداق. وذكر ابن القيم في "زاد المعاد" (5/178) بعض الأحاديث الدالة على
تخفيف المهر وأنه لا حد لأقله ثم قال: فتضمنت هذه الأحاديث أن الصداق
لا يتقدر أقله... وأن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من
قلة بركته وعسره اهـ. وبهذا يتبين أن ما يفعله الناس الآن من زيادة المهور والمغالاة فيها
أمر مخالف للشرع. والحكمة من تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه واضحة: وهي تيسير الزواج
للناس حتى لا ينصرفوا عنه فتقع مفاسد خلقية واجتماعية متعددة.
- الصداق
- ص1238 - كتاب التنبيه على مشكلات الهداية - باب المهر - المكتبة الشاملة
- بوربوينت درس ضوابط التفسير مادة تفسير 1 مقررات 1443 | مؤسسة التحاضير الحديثة
الصداق
2- أن الزوج إذا تكلف من الصداق ما لا يقدر عليه ولا يتناسب مع حاله استحق الإنكار عليه؛ لأنه فعل شيئاً مكروهاً، ولو كان ذلك الصداق دون صداق النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد روى مسلم في صحيحه (1424) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا ، فَإِنَّ فِي عُيُونِ الأَنْصَارِ شَيْئًا ؟ قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا. قَالَ: عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا ؟ قَالَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ! كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ! مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ. ص1238 - كتاب التنبيه على مشكلات الهداية - باب المهر - المكتبة الشاملة. قَالَ: فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ..
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: معنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج اهـ. 3- ومما لا شك فيه أن الزواج أمر مشروع مرغوب فيه، وفي غالب الحالات يصل إلى حد الوجوب، وأغلب الناس لا يتمكن من الوصول إلى هذا المشروع أو المستحب مع وجود هذه المغالاة في المهور.
ص1238 - كتاب التنبيه على مشكلات الهداية - باب المهر - المكتبة الشاملة
ولكن بعض الأولياء وضعوا العقبات أمام الزواج ، وصاروا حائلا دون حصوله في كثير من الحالات. وذلك بالمغالاة في المهر ، وطلبهم من المهر الشيء الكثير مما يعجز عنه الشاب الراغب في الزواج. حتى صار الزواج من الأمور الشاقة جدا لدى كثير من الراغبين في الزواج. والمهر حق مفروض للمرأة ، فرضته الشريعة الإسلامية ، ليكون تعبيرا عن رغبة الرجل فيها ، قال الله تعالى: ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) النساء /4. ولا يعني هذا اعتبار المرأة سلعة تباع ، بل هو رمز للتكريم والإعزاز ، ودليل على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق. ولم يحدد الشرع المهر بمقدار معين لا يزاد عليه. ومع ذلك فقد رَغَّب الشرع في تخفيف المهر وتيسيره. قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان. وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300). وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خير الصداق أيسره) رواه الحاكم والبيهقي. وصححه الألباني في صحيح الجامع (3279). وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج: ( التمس ولو خاتماً من حديد). متفق عليه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته المثل الأعلى في ذلك ، حتى ترسخ في المجتمع النظرة الصادقة لحقائق الأمور ، وتشيع بين الناس روح السهولة واليسر.
6- لا يخفي ما سببته المغالاة في المهور من المفاسد، فكم من حرة مصونة عضلها أولياؤها وظلموها فتركوها بدون زوج ولا ذرية
وكم من امرأة ألجأها ذلك إلى الاستجابة لداعي الهوى والشيطان فَجَرَّت العار والخزي على نفسها وعلى أهلها وعشيرتها مما ارتكبته من المعاصي التي تسبب غضب الرحمن!! وكم من شاب أعيته الأسباب فلم يقدر على هذه التكاليف التي ما أنزل الله بها من سلطان فاحتوشته الشياطين وجلساء السوء حتى أضلوه وأوردوه موارد العطب والخسران، فخسر أهله، وفسد ا تجاهه ، بل خسرته أمته ووطنه ، وخسر دنياه وآخرته!! 7- من أضرار المغالاة في المهور: حدوث الأمراض النفسية لدى الشباب من الجنسين بسبب الكبت ، وارتطام الطموح بخيبة الأمل. 8- ومنها: أن تكليف الزوج فوق طاقته يجلب العداوة في قلبه لزوجته لما يحدث له من ضيق مالي بسببها ، والهدف هو السعادة وليس الشقاء. 9- أن كثرة الصداق لو كان فيها شيء من المصلحة للمرأة وأوليائها فإن ما يترتب على ذلك من المفاسد يربو على تلك المصلحة إن وجدت ، والقاعدة الشرعية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. 10- أما القصة المروية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما نهى أن يزاد في المهر عن أربعمائة درهم اعترضته امرأة من قريش فقالت:يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم ، فقالت: أما سمعت قول الله تعالى: وآتيتم إحداهن قنطاراً النساء /20.
كما يُمكنك قراءة المزيد من المواضيع:
فوائد التفسير بالتفصيل
بحث عن علم التفسير
بوربوينت درس ضوابط التفسير مادة تفسير 1 مقررات 1443 | مؤسسة التحاضير الحديثة
تاريخ النشر: الأحد 17 ذو الحجة 1432 هـ - 13-11-2011 م
التقييم:
رقم الفتوى: 166841
45316
0
510
السؤال
أريد أن أسأل عن ضوابط تفسير القرآن، هل يجوز أن أفهم فهما من آية أو حديث لم يقله أحد من السلف، علما بأن هذا الفهم لا يؤدى إلى تحريم حلال أو تحليل حرام أو تأويل للصفات، إنما هو زيادة إلى إعجاز الآية وحملها لمعاني كثيرة؟ وسؤالي هذا لأنني أسمع دورات لأحد الأطباء النفسيين خريجي الأزهر الشريف وله رؤية عميقة في تفسير الآيات من جهة ما يخص علوم النفس والذات وتدعيما للأفكار الإيجابية وتصحيح ومحو الأفكار السلبية والتشاؤمية، فما حكم ذلك؟.
قال في تحفة الأحوذي: من قال في القرآن برأيه أي بغير دليل يقيني أو ظني نقلي أو عقلي مطابق للشرعي، قاله القاري ومن قال ـ أي من تكلم ـ في القرآن أي في معناه أو قراءته برأيه أي من تلقاء نفسه من غير تتبع أقوال الأئمة من أهل اللغة والعربية المطابقة للقواعد الشرعية، بل بحسب ما يقتضيه عقله وهو مما يتوقف على النقل، وقوله: من قال في القرآن ـ أي في لفظه أو معناه برأيه أي بعقله المجرد فأصاب أي ولو صار مصيباً بحسب الاتفاق فقد أخطأ أي فهو مخطئ بحسب الحكم الشرعي. قال ابن حجر: أي أخطأ طريقة الاستقامة بخوضه في كتاب الله تعالى بالتخمين والحدس لتعديه بهذا الخوض مع عدم استجماعه لشروطه فكان آثماً به مطلقا ولم يعتد بموافقته للصواب، لأنها ليست عن قصد ولا تحر، بخلاف من كملت فيه آلات للتفسير فإنه مأجور بخوضه فيه وإن أخطأ، لأنه لا تعدي منه فكان مأجورا أجرين كما في رواية، أو عشرة أجور كما في أخرى إن أصاب، وأجر إن أخطأ كالمجتهد، لأنه بذل وسعه في طلب الحق واضطره الدليل إلى ما رآه فلم يكن منه تقصير بوجه. اهـ. والله أعلم.