رحمة النبي – صلى الله عليه وسلم ـ بالحيوان
ترتيب وإعداد
أبي سليمان المختار بن العربي مؤمن
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين فهو رحمة للخلق جميعا، إنسانا، وحيوانا، ونباتا، لقد شملت رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ كل شيء في هذا الكون، ولم تقتصر على جانب دون آخر، ومن تأمل رحمته مع العجماوات من الطير والحيوانات، لكان ذلك له كافيا في إسلامه، وصدق الله حيث قال:] وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [ (سورة الأنبياء:107). وينطلق الهدي النبوي للرحمة بالحيوان في توازن يجمع بين منفعة الإنسان، وبين الرحمة والرفق به، فيأمر برحمة الحيوان وعدم القسوة معه، ولا يتجاهل احتياجات الإنسان الغذائية والمعيشية التي تتطلب الانتفاع به، ومن ثَمَّ فلا يسمح بالعبث بالحيوانات أو إيذائها أو تكليفها ما يشقّ عليها، بعكس ماتدّعيه بعض جماعات الرّفق بالحيوان المعاصرة التي تدعو إلى منع قتل الحيوانات بالكليّة، تذرعاً بالرّفق معها وحماية حقوقها. نماذج من رحمته مع الحيوان:
النهي عن تعذيب الحيوان: عن سعيد بن جبير، قال: مرَّ ابن عمر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا، وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كلّ خاطئة من نَبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: «من فعل هذا لعن الله، من فعل هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا» رواه مسلم (رقم الحديث:1958).
رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالحيوان – موقع الشيخ مختار بن العربي مؤمن الجزائري
أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين، فهو الذي قال فيه ربنا عزو وجل: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، بل هو الرحمة المهداة للكون بأسره وليس بني آدم فقط، يقول تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، وهو ما يشمل الإنس والجن والحيوان والمخلوقات أجمعين. وقد تجلت رحمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحيوانات في مواقف كثيرة نقلتها لنا كتب الحديث وكتب السيرة النبوية المشرفة، في معجزات باهرات، فها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسير يومًا في بستان أحد الأنصار، فرآه جمل من بعيد فحن إليه الجمل وأتاه مسرعًا واقترب منه وهو يبكي ومال على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأنه يحدثه، فمسح رسول الله سراته وذفراه فسكن الجل فقال النبي: من صاحب الجمل؟، فقال شباب من الأنصار: هو لي يا رسول الله، قال النبي: "أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله لك إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه". وقد ارشدنا النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله في مواضع كثيرة إلى حسن معاملة الحيوانات، فذكر لنا قصة المرأة التي دخلت النار في "قطة" حبستها، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
وضرب الوجه بسيفٍ أو نحوه، إن ترك تشويهًا فيه، عاش صاحبه طيلة حياته منغَّص النفس، معذَّب القلب، ناقمًا على الحياة والأحياء، بعد أن فقَد جمال صورته ورُواءها، وإن كانت الضَّربة لطمةً أو نحوها، فهي الإهانةُ التي لا تُغتَفَر، وقد تجرُّ إلى القتال وسفكِ الدماء؛ لذلك جعَل الله - سبحانه وتعالى - ضَرْب الوجوه من أشدِّ ألوان التحقير والإهانة في الآخرة:
﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [الأنفال: 50]. نعم، في منطق الإسلام: الرحمة مطلوبة، الإنسانية لازمة، حتى في مقامٍ درَج الناسُ فيه على إسقاطِ الرحمة والإنسانية من قائمةِ حسابهم. وإذا كان هذا هو مكانَ الرحمة في قائمة القِيَم المحمدية، فلا عجبَ أن يربطها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالخير، بل يجعل الخيرَ بأوسعِ معانيه متوقفًا عليها: ((من يُحرَمِ الرِّفقَ، يُحرَمِ الخيرَ)) [6] ، إنه يُحرَم خير الدنيا حين يفقد - بفظاعته وقسوته - حبَّ الآخرين، فهم منه نافِرون، وهم له كارهون، إنه يُحرَم خيرَ الآخرة؛ لأنه حصادُ العمل الصالح في الدنيا، والقلب الذي يفقِد الرحمة لا يعرف الطريقَ إلى العمل الصالح، وكم من لمسةٍ حانية فتَحَت مغالق القلوب، وألاَنَتْ شِماس الأخلاق، وكم من كلمة طيبة فرَّجت أزمات، وحلَّت مشكلات معضلات.
رحمة رسول الله ﷺ بالحيوان | حلقة 27 | كأنك تراه | الشيخ حسانين التركي | قناة مودة - Youtube
وقد ارشدنا النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله في مواضع كثيرة إلى حسن معاملة الحيوانات، فذكر لنا قصة المرأة التي دخلت النار في "قطة" حبستها، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. وفي المقابل ذكر لنا قصة امرأة بغي كانت في بني إسرائيل رأت كلبًا يموت عطشًا فسقته فدخلت بذلك الجنة، وكذلك فعل رجل أن سقى كلبًا عطشانًا الماء في نعله فدخل الجنة. ونهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقص المرء اجزاء من الحيوان قد تضايقه أو تضره، فقال: "لا تقصوا نواصىَ الخيل ولا معارفها، ولا أذنابها، فإن أذنابها مذابها ومعارفها دفاؤها، ونواصيها معقود فيها الخير". ومن صور رحمة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر بالإحسان إلى البهيمة حتى في حال ذبحها كالأضحية وغيرها، وأثنى على من فعل ذلك، بل ونهى أن تحد آلة الذبح أمامها، فقال صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته". بل أخبرنا أن الرحمة بالذبيحة سبيل إلى رحمة الله لنا، فعن معاوية بن قرة عن أبيه - رضي الله عنه - أن رجلا قال: "يا رسول الله إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، فقال: والشاة إن رحمتها رحمك الله".
اتسعت رحمته صلى الله عليه وسلم لتشمل الطير والحيوان؛ فأمر بالرِّفقِ بها، وتوعَّد من عذَّبها أو حبسها حتى الموت بالعذاب والنار في الآخرة. ☼ ونهى صلى الله عليه وسلم أن تُجعل الطيور أو غيرها؛ من ذوات الأرواح، هدفًا للرمي بالسهام وغيرها من الأسلحة؛ فقال صلى الله عليه وسلم: « لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا » ( مسلم). ☼ ونهى صلى الله عليه وسلم أن تُصْبَر البهائم ( البخاري ومسلم) ؛أي أن تُحبس وهي حيَّة؛ لتُقتَل بالرمي ونحوه. ☼ وقال صلى الله عليه وسلم محذرًا من يؤذي الحيوان الضعيف: « دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا؛ فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ » ( البخاري ومسلم). و ( خَشَاشِ الأَرْضِ): حشرات الأرض وهوامها. ☼ ومَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعيرٍ قد لَحِقَ ظهره ببطنه، فقال: « ا تَّقُوا الله في هذِهِ البَهَائِمِ المُعجَمَةِ؛ فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً » ( أبو داود وصححه الألباني). ☼ وفي المقابل؛ فقد جعل الإحسان إلى هذه الحيوانات سببًا لمغفرة الذنوب العظيمة؛ فقال صلى الله عليه وسلم: « بَيْنَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ، قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ؛ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا؛ فَاسْتَقَتْ لَهُ؛ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ » ( البخاري ومسلم).
رحمة النبي بالحيوان | Afayane
من عذب حيوانا عذِّب بالنار:
إن استقراء صور الرحمة بالحيوان في سيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر يطول، فقد تعددت مظاهر وصور هذه الرحمة، ومن ذلك نهيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن تعذيب الحيوان وحبسه حتى الموت، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ سَقَتْهَا، إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» رواه البخاري (حديث رقم:3482). أمره صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الحيوان عند إرادة ذبحه:
لقد أمر صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى البهيمة في كل حال لاسيما حال ذبحها ، وأثنى على من فعل ذلك، بل ونهى أن تحد آلة الذبح أمامها، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» البخاري حديث رقم: (1955).
و ( يُطِيف): يحــوم، و ( الرَكِيَّة): البئر، و ( الُموق): الخف. ☼ ومن مظاهـر شفقته ورحمته صلى الله عليه وسلم بهذه المخلوقـات الضعيفة؛ ما يرويه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ، قائلاً: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمَّرَة معها فرخان، فأخذنا فَرْخَيْهَا، فجاءت الحُمَّرَة فجعلت تُعَرِّشُ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا » ( أبو داود والحاكم وصححه الألباني). ☼ فلا عجب إذن أن يبكي الحيوان البهيم بين يدي نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، ويشتكي له ما يجده من قسوة صاحبه!! فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فدخل حائطًا ( بستانًا) لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلمَّا رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فمسح ذِفْرَاه ( أصل أذنه) فسكن، فقال: « مَنْ رَبُّ هَذَا الجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الجَمَلِ؟ » ، فجاء فتًى من الأنصار، فقال: هو لي يا رسـول الله. فقال: « أَفَـلا تَتَّقِي الله فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ الله إِيَّاهَا؟ فَإِنَّهُ شَكَى إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ » ( أبو داود وأحمد وصححه الألباني).
ثم ذكر حديث علي قال: قال رسول الله ﷺ: البخيل من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح [8]. البخيل يعني: كأن هنا دخول (أل) تشعر بالوصف الكامل، استحقاق الوصف الكامل، يعني البخيل حقًا، البخيل تام البخل، تقول: الكريم فلان، والبخيل هو الذي يبخل بكذا، يعني البخيل حقيقة، البخيل بخلاً تامًا هو من ذكر عنده النبي ﷺ فلم يصل عليه؛ وذلك أن رسول الله ﷺ قد أمر بالصلاة عليه؛ وذلك لا يكلف شيئًا، والنبي ﷺ هو سبب لسعادته ونجاته في الدنيا والآخرة، حيث جعله الله بهذه المثابة أرسله إلى الناس، فجاء بهذا الدين، وبهذا الوحي، وبهذه الشريعة من عند ربه -تبارك وتعالى-، فما يحصل للناس من علم وخير وهداية، ونحو ذلك، إنما تعلموه من طريق النبي ﷺ، فإذا ذُكر فيصلون عليه -عليه الصلاة والسلام-. والله تعالى أعلم. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه. 442 من حديث: (البخيل من ذكرت عنده، فلم يصل علي). أخرجه أبو داود في باب تفريع أبواب الوتر، باب في الاستغفار برقم (1531) وصححه الألباني. أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الدعوات برقم (3545) وقال الألباني: "حسن صحيح". أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الدعوات برقم (3546) بلفظ: ((البخيل الذي من ذكرت عنده فلم يصل علي)) وصححه الألباني.
442 من حديث: (البخيل من ذكرت عنده، فلم يصل علي)
البخيل
لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا
ملف نصّي
البخيل
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي
صححه الألباني
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
حديث «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة..» إلى «البخيل من ذكرت عنده..» - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
فإن صلاتكم معروضة عليّ تعرض عليه، يعرضها عليه ملائكة مختصون بذلك، أو ما شاء الله -جل جلاله-. "فقالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرَمت؟" يعني صرت رميمًا، وكما سبق أن الكثيرين ضبطوه بالكسر، أرِمت بمعنى: صرت رميمًا، يعني هنا فسره وقال: يقول: بليت، يعني: صار إلى البِلى، حيث يتحلل الجسد، ويذهب في الأرض. قال: إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء فهذا نص في أن أجساد الأنبياء لا تأكلها الأرض كرامة من الله لهم، وقد يشكل على ذلك ما جاء في قصة موسى ، حينما أراد الخروج من أرض مصر، وأنه طلب قبر يوسف -عليه السلام-، ودلتهم عليه تلك المرأة العجوز، واشترطت ما اشترطت، والقصة معروفة في هذا.
الدرر السنية
عن الموسوعة
نسعى في الجمهرة لبناء أوسع منصة إلكترونية جامعة لموضوعات المحتوى الإسلامي على الإنترنت، مصحوبة بمجموعة كبيرة من المنتجات المتعلقة بها بمختلف اللغات. © 2022 أحد مشاريع مركز أصول. حقوق الاستفادة من المحتوى لكل مسلم
البخيل من ذكرت عنده – موقع محتويات – عروبـة
أما ما يعتقده كثير من العامة من أنه إذا جاء للمسجد النبوي سواء جاء من سفر، أو غير ذلك أنه يأتي إلى القبر ويسلم، فهذا ليس له أصل، لكن لو أن الإنسان إذا جاء من سفر أو قدم من سفر، أو أراد سفرًا، فله أسوة بابن عمر ، لكن الذي يكون في البلد، ويتردد على القبر، ويعتقد إنه إذا مضى عليه أسبوع جمعة، أو نحو ذلك، وما جاء إلى القبر أن ذلك من الجفاء، فهذا غير صحيح، وإنما يسلم على النبي ﷺ، من موضعه الذي صلى فيه؛ ولهذا أنكر بعض السلف مثل علي بن الحسين زين العابدين على من رآه يأتي إلى القبر، ويتردد عليه، وبيّن له أن ذلك خلاف المشروع [6]. فالنبي ﷺ يقول: لا تجعلوا قبري عيدًا فكون الناس يعتادون المجيء، ويترددون على قبره، فيأتي كل يوم، أو يأتيه كل أسبوع، أو كل جمعة، أو نحو ذلك، فهذا من جعله بهذه المثابة، والله تعالى أعلم. قال: وصلوا عليّ لاحظ هذا أمر فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم يخاطب الصحابة ، وهذا خطاب يرشدهم فيه إلى ما يكون بعد موته -عليه الصلاة والسلام-، وكيف يفعلون؟ يقول: لا تأتون إلى القبر لا تجعلوا قبري عيدًا تتردون عليه صلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ولهذا كانوا يأتون إلى المسجد، ويصلون ركعتين، ويسلمون على النبي ﷺ من مكانهم.
شرح وترجمة حديث: البخيل من ذكرت عنده، فلم يصل علي - موسوعة الأحاديث النبوية
رواه الترمذي وحسنه. وأما الحديث المذكور فرواه الترمذي وقال حسن صحيح وصححه الحاكم. وقد ذكره ابن القيم رحمه الله ضمن سياق حجة الموجبين للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، وقرر احتجاجهم به بما عبارته: قَالُوا: فَإِذا ثَبت أَنه بخيل فَوجه الدّلَالَة بِهِ من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن الْبُخْل اسْم ذمّ وتارك الْمُسْتَحبّ لَا يسْتَحق اسْم الذَّم قَالَ الله تَعَالَى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ويأمرون النَّاس بالبخل} الْحَدِيد 23 24 فقرن الْبُخْل بالاختيال وَالْفَخْر وَالْأَمر بالبخل وذم على الْمَجْمُوع، فَدلَّ على أَن الْبُخْل صفة ذمّ. البخيل من ذكرت عنده – موقع محتويات – عروبـة. وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل // إِسْنَاده صَحِيح // الثَّانِي: أَن الْبَخِيل هُوَ مَانع مَا وَجب عَلَيْهِ. فَمن أدّى الْوَاجِب عَلَيْهِ كُله لم يسم بَخِيلًا وَإِنَّمَا الْبَخِيل مَانع مَا يسْتَحق عَلَيْهِ إِعْطَاؤُهُ وبذله. انتهى. وأبى ذلك الجمهور، وأجابوا عن الحديث بما فيه من المقال، ثم على تسليم صحته فليس اسم البخل مختصا بتارك الواجب. قال الشوكاني: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، لَكِنْ بَعْدَ تَسْلِيمِ تَخْصِيصِ الْبُخْلِ بِتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ وَالْعُرْفِ يُطْلِقُونَ اسْمَ الْبَخِيلِ عَلَى مَنْ يَشِحُّ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْحَدِيثِ الْوُجُوبُ.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعدُ:
ففي باب فضل الصلاة على رسول الله ﷺ أورد المصنف -رحمه الله- حديث أوس بن أوس قال: قال رسول الله ﷺ: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليّ الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ فقالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أَرَمْتَ؟ وضبطه بعضهم: أَرِمْتَ، قال: يقول: بليت، قال: إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء [1]. قوله ﷺ: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة و(من) هذه للتبعيض، ولا يخفى ما ورد في يوم عرفة، وأنه أيضًا من أعظم الأيام، وأفضل الأيام عند الله -تبارك وتعالى-، وكذلك يوم النحر، وهكذا يوم القر، وهو اليوم الحادي عشر، فهذه أيام شريفة، فأفضل أيام الأسبوع هو يوم الجمعة، وأفضل أيام العام اُختُلف فيه، هل هو يوم النحر، أو يوم عرفة؟
وعلى كل حال تلك أيام شريفة؛ ولهذا قال النبي ﷺ: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة والأحاديث الواردة في فضله كثير، وليس هذا موضع الحديث عنها، وقد مضى طرف من ذلك.