حيث كان يعم الفقر والجوع على أهل مكة. فعندما ينفذ الطعام من عائلة كانوا يقومون بما يسمى الاعتفار، أي الجلوس في مكان معين حتى الموت. ثم قام هاشم بن عبد مناف عندما اشتد عليه الجوع برفض ذلك الوضع. كما قرر القيام برحلة تجارة مع أخوته وأرباب الأسر لجلب الطعام. مدة رحلة الشتاء وَالصَّيْفِ
لم تكن مدة الرحلة الزمنية محددة، وغير موجودة في كتب تفسير القرآن الكريم، ولم يتم البحث فيها لعدم أهمية تحديد الوقت. حيث لا يرجع ذلك بأي فائدة، فإن الرحلتان كانتا في أمن وأمان. رحلة الشتاء والصيف اين كانت ستدفعه للانتحار. كما ترتب عليه أنهم كانوا إذا أرادوا البقاء في بلدة لبعض الوقت فكانوا يبقون. فقد ذكر فقط سبب الذهاب إلى اليمن في الشتاء والشام في الصيف. حيث أن بلاد الشام كانت معروفة ببردها القارس، مما يصعب الذهاب لها في الشتاء. لقد كان الناس من حول القبيلة يختطفون وينهبون، أما القافلة الذاهبة في رحلة الشتاء والصيف كانت تسير في الطريق بأمان. خريطة رحلة الشتاء والصيف
توضح هذه الخريطة، طريق رحلة الشتاء والصيف، حيث الطريق من مكة إلى اليمن. وهي رحلة الشتاء، والطريق من مكة إلى بلاد الشام، وهي رحلة الصيف. إيلافهم رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ
يقصد بهذه الآية أن أهل مكة كانوا يألفون رحلة الشتاء والصيف، حيث الذهاب إلى الرحلة للتجارة ثم العودة بالغنائم إلى مكة.
رحلة الشتاء والصيف اين كانت خطاياك مثل زبد
سبب سن رحلة الشتاء والصيف كان أول من سنّ هاتين الرحلتين كما ذكرنا هاشم بن عبد مناف، وكان سبب ذلك أنّ عادةً سادت في قريش تسمى الاعتفار، فكان رب البيت إن أصابته فاقةٌ فلم يجد طعاماً لأهل بيته حمل عياله إلى موقع معروف، ينصبُ خيامه فيه، ويظل وأهل بيته حتّى يموتوا جوعاً فيه، حتّى قام رجلٌ من بني مخزوم بنصب خيامه، ليقوم بتلك العادة، لكن خبره بلغ هاشم بن عبد مناف فوقف خطيباً في قريش وقال: (إنكم أحدثتم حدثاً تقلون فيه وتكثر العرب، وتذلون وتعز العرب، وأنتم أهل البيت الحرام والناس لكم تُبَّعْ ويكاد هذا الاعتفار يأتي عليكم). ثم سُنتْ هذه السنة فصار يجمع من كل بني أب ليقوم على رحلتين للتجارات؛ فما يربحه الغني يقسمه بينه وبين الفقير من عشيرته، هكذا حتى صار فقيرهم كغنيّهم.
وقرأ ابن عامر «لئلاف» بغير ياء بعد الهمزة. مقاتل ـ باب 1 ـ جزء 4: { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} [ آية: 1] وذلك أن قريشاً كانوا تجاراً يختلفون إلى الأرض ، ثم سميت قريش ، كانوا يمتارون فى الشتاء من الأردن وفلسطين ، لأن ساحل البحر أدفا ، فإذا كان الصيف تركوا طريق الشتاء والبحر من أجل الحر ، وأخذوا إلى اليمن للميرة ، فشق عليهم الاختلاف لهم ولا تجارة قد قطعناها عنهم ، فذلك: { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشتآء والصيف} [ آية: 2] فقذف الله عز وجل فى قلوب الحبشة أن يحملوا الطعام فى السفن إلى مكة للبيع ، فحملوا إليهم فجعل أهل مكة يخرجون إليهم بالإبل والحمير ، فيشترون الطعام على مسيرة يومين من مكة ، وتتابع ذلك عليهم سنين فكفاهم الله مؤمنة الشتاء والصيف. ثم قال: { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت} [ آية: 3] لأن رب هذا البيت كفاهم مؤنة الخوف والجوع ، فليألفوا العبادة له ، كما ألفوا الحبشة ، ولم يكونوا يرجونهم ، { الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ} حين قذف فى قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم الطعام فى السفن { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [ آية: 4] يعنى القتل والسبى ، وذلك أن العرب فى الجاهلية كان يقتل بعضهم بعضاً ، ويغير بعضهم على بعض ، كفان الله عز وجل يدفع عن أهل الحرم ، ولا يسلط عليهم عدواً ، فذلك قوله: { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}.
ومنها: أنها وقايةٌ لك من النار، قال صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ) رواه مسلم. ومنها: حصولك على دعاء الملائكة لك، قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا) متفق عليه. ومنها: أن للجنة باباً للمتصدقين، قال صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ) متفق عليه. ومنها: أنها سبب لإنفاق الله عليك، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ اللَّهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) متفق عليه. فضل الصدقة يوم الجمعة يوم عيد. ومنها: أن الصدقة من أعظم ما يُنجِّي النساء من النار، قال صلى الله عليه وسلم: (تَصَدَّقْنَ، فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ) رواه مسلم. ومنها: أنها متى اجتمعت مع الصيام واتباع الجنازة وزيارة المريض إلا أوجبت لك الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: («مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ) رواه مسلم.
فضل الصدقة يوم الجمعة بيت العلم
(صحيح البخاري ١٤٤٢)
وبهذه الدعوة يُوفَّق صاحبها للطاعات وتغمره بركات الرزق والزيادة، وإن هو أهمل الصدقة وأمسك إمساك الشحيح فقد تناله دعوة الملك الآخر الذي يقولُ فيها الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا. (البخاري ت ٢٥٦)
لذلك كانت الصدقة اليومية بركة يستفتح بها العبد يومه ويستفيد منها، وهناك أنواع من الصدقات المستمرّة التي توصل لصاحبها الأجر المستمر طالما دامت منافعها وهي ما يُسمى بالصدقة الجارية، ومن ذلك: حفر بئر والتصدّق به أو التصدق بحديقة وما تنتجه من ثمار أو تعبيد طريق وجعله صالحاً ليسير عليه المسلمين، أو زرع الأشجار ووقفها صدقة لله، أو وقف الأرض لبناء مسجد أو مركز تعليم ديني، أو شراء الكتب لطالب علم الدين.. فهذه كلها من الصدقات الجارية وربما تكون فائدتها يومية فتكون بمثابة الصدقة اليومية وينال صاحبُها الأجر الوافر والثواب العظيم. فضل الصدقة يوم الجمعة بيت العلم. فينبغي على المسلم أن يراعي هذه الأمور ويكثر من الصدقة ويساهم في نفع المجتمع ومساعدة الفقراء ليكسب رضا الله عز وجل، وهكذا تجب أن تكون أفعال المسلم مليئة بالخير وحب الناس ومساعدتهم، وبهذا نكون قد حافظنا على وصايا حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين.
فضل الصدقة يوم الجمعة يوم عيد
عبادَ اللهِ: وقد كانَ نبُّينَا ﷺ أعظمَ الناسِ إنفاقًا في سبيلِ اللهِ، وكانَ يُنفقُ إنفاقَ مَنْ لا يَخشى الفقرَ، وهكذا صحابتُه الكرامُ رضيَّ اللهُ عنهم كانوا أسرعَ النَّاسِ في الإنفاقِ، وكانوا أحرصَ النَّاسِ على الإخلاصِ في عملِهم. فعنْ زيدِ بنِ أسلمَ عن أبيهِ، قال: سمعتُ عمرَ بنَ الخطَّابِ، يقولُ: أَمَرَنَا رسولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نتصدَّقَ فوافقَ ذلِكَ عندي مالاً فقلتُ اليومَ أسبقُ أبا بَكرٍ إن سبقتُهُ يومًا قالَ فَجِئْتُ بنِصفِ مالي فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ ما أبقيتَ لأَهْلِكَ قلتُ مثلَهُ وأتى أبو بَكرٍ بِكُلِّ ما عندَهُ فقالَ يا أبا بَكرٍ ما أبقَيتَ لأَهْلِكَ فقالَ أبقيتُ لَهُمُ اللَّهَ ورسولَهُ قلتُ لا أسبقُهُ إلى شيءٍ أبدًا) رواه أبو داود (1678)، والترمذي (3675) واللفظ له، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (3675). وهكذا عمرُ رضيَّ اللهُ عنه تصدَّق بأرضٍ لهُ في خيبرْ وَجَعَلهَا صدقةً للمسلمينَ، وهذا عثمانُ رضيَّ اللهُ عنه لمَّا رأى معاناةَ المسلمينَ من أجلِ الحصولِ على الماءِ اشترى بِئْرَ رومةَ من يهوديٍّ في المدينةِ وجَعَلهَا للمسلمينَ، وهذا أبو طلحةَ رضيَّ اللهُ عنه كانَ يملكُ حائطًا في المدينةِ يُسمَّى بَيرُحاءَ، وكانتْ مِنْ أحبِّ المالِ إليه، فتصدَّقَ بها رضيَّ اللهُ عنه ابتغاءَ الأجرِ والثَّوابِ من اللهِ.
قيل للرضا (ع): يا بن رسول الله!.. ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله (ص) أنه قال: إنّ الله تبارك وتعالى ينزل كلّ ليلةٍ إلى السماء الدنيا ؟.. فقال (ع): لعن الله المحرِّفين الكلم عن مواضعه ، والله ما قال رسول الله كذلك إنما قال (ص):
إنّ الله تبارك وتعالى يُنزل ملكاً إلى السماء الدنيا كلّ ليلةٍ في الثلث الأخير ، وليلة الجمعة في أول الليل ، فيأمره فينادي هل من سائلٍ فأُعطيه ؟.. هل من تائبٍ فأتوب إليه ؟.. هل من مستغفرٍ فأغفر له ؟.. فضل الصدقة يوم الجمعة وفوائدها ومتى تجب على المسلم | شؤون دينية | وكالة أنباء سرايا الإخبارية - حرية سقفها السماء. يا طالبَ الخير أقبل!.. يا طالبَ الشرِّ أقصر!.. فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر عاد إلى محلّه من ملكوت السماء ، حدثني بذلك أبي عن جدّي عن آبائه عن رسوله (ص). ص266
المصدر:أمالي الصدوق ص246
قال رسول الله (ص): يوم الجمعة سيّد الأيام ، وأعظم عند الله عزّ وجلّ من يوم الأضحى ويوم الفطر ، فيه خمس خصالٍ:
خلق الله عزّ وجلّ فيه آدم (ع) ، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض ، وفيه توفّى الله آدم ، وفيه ساعةٌ لا يسأل الله العبد فيها شيئاً إلاّ آتاه ما لم يسأل حراماً ، وما من مَلَكٍ مقرَّبٍ ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا برّ ولا بحر إلا وهنَّ يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة.