بقلم: شاكر فريد حسن
تشكل تجربة الراحل جبرا إبراهيم جبرا نموذجًا فريدًا وفذًا في مشروعه الثقافي الذي نهض به على مستويات متعددة، بإنتاج أدب أصيل ينتصر للحداثة والحضارة والتنوير والتجديد. فهو كاتب وأديب وروائي ومثقف وناقد تشكيلي فلسطيني، ويُعد أحد العلامات الفارقة المتميزة في الأدب الفلسطيني، ومن أكثر الأدباء العرب انتاجًا وتنوعًا، انشغل بالرواية والشعر والنقد، وصدر له ما يزيد عن سبعين مؤلفًا من الانتاجات الأدبية والإبداعية، وقدم للمكتبة العربية سبع روايات، كلّ واحدة منها تشكل علامة هامة من علامات السرد العربي، وبقيت حتى اليوم مثلًا ونموذجًا في أسلوب الكتابة السردية وانعكاسًا واقعيًا عن العالم العربي. و"البئر الأولى" من الكتب التي قرأناها في مقتبل شبابنا وبدايات حياتنا الأدبية، وهو كتاب في السيرة الذاتية، كتب فصوله وهو في العراق، للتأكيد على هويته وخصوصيته الفلسطينية، لأن الكثيرين تعرفوا عليه وعرفوه ككاتب ومثقف عراقي، وكمساهمة في ترميم الذاكرة الفلسطينية المشتتة، وللتأكيد على الظروف الخاصة التي عاشها في طفولته وكانت ظروفًا صعبة للغاية لم تفت في عضده، بل كانت محفزًا لنجاحاته العلمية والأدبية.
- البئر الاولى جبرا ابراهيم جبرا
- تعريف جبرا ابراهيم جبرا
- جبرا إبراهيم جبرا pdf
- كان في قلبي مكان
البئر الاولى جبرا ابراهيم جبرا
لم أكن أتصور أن الروائي والشاعر جبرا إبراهيم جبرا، صاحب الترجمات المهمة التي جذبت قراء كثراً، ومنها "مآسي" شكسبير، ورواية وليم فوكنر "الصخب والعنف"، وفصل من موسوعة "الغصن الذهبي" وسواها، قد يقبل على ترجمة "حكايات" أو "الحكايات الخرافية" للشاعر الفرنسي جان دو لافونتين (1621- 1695) وعن الإنجليزية وليس عن اللغة الأصل. كنت أبحث عن ترجمات عربية للشاعر لافونتين، في سياق احتفال فرنسا هذه السنة بالذكرى الأربعمئة لولادة الشاعر الذي يعد من ركائز التراث الفرنسي الأدبي، عندما وقعت بالصدفة على المختارات التي انتقاها وترجمها جبرا في كتاب عنوانه "حكايات من لافونتين" صدر في عام 1987 عن دار ثقافة الأطفال التابعة لوزارة الثقافة والإعلام في العراق. استوقفتني فعلاً هذه الترجمة وفاجأتني، وقد أشار جبرا إلى أنه اعتمد ترجمة إنجليزية أنجزها إدوارد مارش صدرت في 1933، مع ملاحظة صغيرة تفيد بأنه عاد إلى أحد الأصول الفرنسية خلال العمل على الترجمة. اغتراب شعري
لكنّ قارئ لافونتين بالفرنسية، ولا سيما قصائده الشهيرة التي حفظها الطلاب الفرنسيون والفرنكوفونيون (وحفظناها نحن الطلاب اللبنانيين أيضاً في الصفوف الابتدائية)، يجد في ترجمة جبرا حالاً من الاغتراب الشديد عن الأصل.
تعريف جبرا ابراهيم جبرا
وهو يقول في نص له من كتابه «الحرية والطوفان» انه يفترض ان الشكل الفني قائم على هيكل محجوب له هندسته وتعقيده وكوامنه التي تنطلق منها دينامية الشكل ويضيف: «لا شك ان في كل عمل فني ناجح سراً يعجز الناقد عن فتح مغلقاته مهما أوتي من براعة. غير ان الناقد يجب ان يبحث عن الصلات والشوائج والتصاميم الخفية في كل جزء من أجزاء العمل وابرازها للعين، لكي تنطلق المعاني الأوسع والأعمق الحبيسة فيه. وهذا يحتم على الناقد ان تكون لديه ثقافة تؤهله لفهم المؤلَف فهماً كاملاً، يشمل ما قد يلجأ إليه المؤلف من أجزاء الأساطير أو الإشارات التاريخية أو نواحي المعرفة العديدة. وعلى الناقد ان يتناول العمل الفني كشيء بحد ذاته، له كيانه الخاص المحدود: أي أنه يجب الا يخلط بينه وبين حياة صاحبه». تؤلف هذه الفقرة لجبرا نوعاً من «دليل عمل» أو «خارطة طريق» يرسمها جبرا لنفسه كما يرسمها لغيره. ولا شك ان فيها الكثير من الصحة أو مما يمكن للناقد - أياً كان - ان ينتفع به. ولكن ما يلفت النظر فيها توصية الناقد بالا يخلط بين العمل الأدبي أو الفني وبين حياة صاحبه. فكأنه من أنصار نظرية موت المؤلف التي شاعت أيما شيوع في النقد الغربي ومن المعروف ان جبرا كان من أنصار جماعة «النقد الجديد» التي ازدهرت بعد الحرب العالمية الثانية في الغرب والتي كانت تعنى بالنص وبنيته دون الاهتمام بالنواحي الشخصية للفنان أو بالنواحي التاريخية أو الخارجة عن النص نفسه.
جبرا إبراهيم جبرا Pdf
لقد تفاعلتْ الثقافات دائمًا لكنّها لم تتفاعل أبدًا لما فيه إضرار بوعي الأمّة لطاقاتها الحيّة وهويّتها المميّزة الخاصّة بها. إنّني على ثقة، ضمن هذا الإطار، بأنّ العرب، بما يمتلكون من لغة ثريّة وإرث حيّ لحضارات الشرق الأوسط المتعاقبة الّتي خلقها أسلافهم، قادرون على امتصاص التأثيرات الثقافيّة بشكل صحّيّ، كما فعلوا قبل ألف عام، وقادرون على إنتاج أدب وفنّ أصيلين وصادقين في التعبير عن أعماق ذواتهم وأخلاقيّتهم. وهكذا يستعيدون مكانتهم؛ مسهِمين فاعلين في رؤى زمنهم وخياله وطريقته في التفكير. وهكذا يكونون على اتّصال وثيق مع زمنهم، ولكن مختلفين بما فيه الكفاية لإعطاء عبقريّتهم تميّزها الخاصّ بها. ربّما يكون من المناسب أن أقول هنا شيئًا عن إغواء الكتابة باللغة الإنجليزيّة، هذه «السيرانة»[1] الشقراء الّتي تتردّد أغنيتها أبدًا في أذنيّ المفتوحتين. لم تعد الكتابة باللّغة الإنجليزيّة ظاهرة استثنائيّة لافتة للنظر؛ فالعديد من المثقّفين والأساتذة الجامعيّين العرب في إنجلترا والولايات المتّحدة وفي لبنان ومصر والأردنّ، على نطاق أضيق، يكتبون بالإنجليزيّة. لكنّ اللافت للنظر، على أيّة حال، هو أنّهم جميعًا وبدون استثناء تقريبًا، يكتبون بها دراسات أدبيّة أكاديميّة أو مقالات سياسيّة واجتماعيّة ذات طبيعة رصينة جدًا، لكنّ القليل منهم جازف في الكتابة الإبداعيّة بها.
العربي الجديد
«قلبي يؤلم بقلق على عائلتي. حاولت العودة لإخراجهم، لكنني لم أحصل عليه. لم اسمع منهم». محمد محسن في قلبي مكان. ويصف رحلة العودة بأنها «فوضى هائلة وذعر» جعلته يدرك «أن الوضع كان أسوأ مما كان يعتقد. لقد رأينا فوهات عملاقة بين كتل الشقق، ومحلات السوبر ماركت المدمرة، والمرافق الطبية والمدارس، وحتى الملاجئ، حيث بحث الناس عن مكان للذهاب فيه، ودمرت». تمكن ساشا من مغادرة ماريوبول مع بعض رفاقه و «في الوقت الحالي» هم آمنون، «لكننا لا نعرف ما يخبئه لنا المستقبل»، كما يعترف. رئيس
lht/المعمل/vh
كان في قلبي مكان
وفي يوم ذهب والدي إلى الخليل واشترى لحم جمل، فاستغربت ذلك، ولم أشأ تناوله، ولكن حين طبخته أمي تغير القرار، فأكلت منه، وكان شهيا..
بعد المرحلة الابتدائية انتقلنا للدراسة في قرية بدو، وهي مركز القرى، أمضينا فيها ست سنوات، انتقلت بعدها إلى مصر للدراسة الجامعية، وبعدها زرت عدة بلاد، ولم أتخلص من عادتي في تأمل الأماكن بحماس طفل ووعي كبير، ورأت كيف أن البلاد تختلف في طبيعة الأرض، والمناخ، واللغة والثقافة والملابس والطعام والشراب. وحين كنت أعود إلى فلسطين، كنت أدهش كيف أن بلادنا الصغيرة كأنها قارة بمناخات مختلفة وتراب مختلف، فرحت أتجول فيها، وأكتب عنها، كل ما أرى، فهبطت إلى البحر الميت والأغوار، وصعدت الجبال، وهبطت إلى السهول في الداخل، والسهول على البحر، وقد كنا نذهب في رحلة، نتنقل فيها بين عدة مناخات، وكنا نرى كيف أن لكل منطقة نباتات وحيوانات خاصة بها. فالجمل في الغور، وفي برية القدس، والغزلان في الجبال، كذلك الشجر، فالموز في أريحا والبرتقال في يافا والعنب في الخليل.. عن المكان: ما بين عتبة دارنا ودار الحجة ليلى الى آخر الدنيا. وحينما وقفت على جبل الشيخ المكسو بالثلج، قفز قلبي أبيض مني، فهتفت من كل قلبي: كم أحبك يا بلادي! وكم أنت كبيرة يا فلسطين، وهكذا قررت أن أكتب عن كل مكان أزوره فيها.
وقد كان يبدو الطريق طويلا ومفاجئا لي، حين تبعثني أمي بشيء لبيت أختي الكبرى، سهيلة أم حمدي، كان المشي الى هناك بالنسبة لي سفرا، إن زيادة 200 متر كانت تعني لي السفر خارج المكان. في تلك المساحة الكبيرة، بالسماء والشمس، درجنا أنا وأخويّ سعيد وداود، لتقاربنا بالسن، ن الأكبر منا كانا قد غادرا المساحة، وسلمونا إياها. أما نصار فإلى رام الله حيث مدرسة الهاشمية العريقة، أما الأخ الأكبر منصور فمن الهاشمية طار الى مصر لدراسة الطب. صرنا نسمع عن رام الله ومصر، القاهرة، ونهر النيل، وبالطبع هذا بالإضافة الى القدس، مدينة القرويين في ذلك الوقت. منذ تفتحت عيناي على ما حولي، بدأت ألاحظ موجودات المكان من حيوانات وشجر وأرض، كان لدينا من الحيوانات بضع دجاجات وديك، وشاتان وبقرة بلدية، وبغلة، وحمار، وقطان أبيض وأسود، وكان أخي الكبير يضيف إلي البيت اليمام البري في كل صيف. الصحة SPS: مع التفجيرات في ماريوبول، توقف عالمنا عن الوجود - Infobae. ولم يكن لدينا في حوش البيت أشجار، لكن أمام البيت بعدة أمتار فقط، كانت أشجار البرقوق والمشمش والتين والدراق، والذي كنا نشتهي قطف حبات منه، لكننا منعنا من ذلك من صغرنا، ربما حتى لا تقع الأسرة في مشاكل من وراء ذلك. ما زلت أتذكر البقرة البلدية، بشكل خاص، وقد اعتادت جدتي سارة رحمها الله أن تطلب مني تقليد والدي رحمه الله وهو يحلبها.. أما الشاتان فقد كنا نسعد بسخولهما في كل شتاء، فكنا نلاعبها وندفئها تقودنا إلى أفعالنا براءتنا، وقد امتد حنانا إلى القط الذي كنا نسمح له بالتمدد تحت كانون النار، طلبا للدفء، وأحيانا نحنو عليه فينام قسطا من الليل عندنا، ثم يطلب الإذن للخروج.