وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " س: أفيدكم بأني متزوج ولله الحمد ولي أولاد ، وأسكن في مدينة غير المدينة التي يسكن فيها أهلي ، وفي الإجازات نأتي إلى المدينة التي بها أهلي. وفي عيد الأضحى هذا أتيت أنا وأولادي قبل العيد بخمسة أيام ولم نضحّ على الرغم من أنني قادر ولله الحمد. فهل يجوز لي أن أضحي ؟ وهل تجزئ أضحية الوالد عني وعن زوجتي وأولادي ؟ وما حكم الأضحية على من كان قادرا ؟ وهل تجب على غير القادر ؟ وهل يجوز أخذ الأضحية دينا على الراتب ؟
فأجاب: الأضحية سنة وليست بواجبة ، وتجزئ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي كل سنة بكبشين أملحين أقرنين يذبح أحدهما عنه وعن أهل بيته ، والثاني عمن وحد الله من أمته صلى الله عليه وسلم. وإذا كنت في بيت مستقل أيها السائل فإنه يشرع لك أن تضحي عنك وعن أهل بيتك ، ولا تكفي عنك أضحية والدك عنه وعن أهل بيته ؛ لأنك لست معهم في البيت ، بل أنت في بيت مستقل. ولا حرج أن يستدين المسلم ليضحي إذا كان عنده قدرة على الوفاء. هل يجوز ان يشترك شخصان في أضحية من الغنم على غيرهم؟ بلا. وفق الله الجميع " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (18/37). رابعا:
بناء على ما سبق ، فأضحيتك لا تجزئ عن أخيك ، ولو اجتمعتما في أيام العيد ، وكذلك العكس.
هل يجوز ان يشترك شخصان في أضحية من الغنم على غيرهم؟ بلا
قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي "زَادِ الْمَعَادِ: " وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الشَّاةَ تُجْزِئُ عَنْ الرَّجُلِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَوْ كَثُرَ عَدَدُهُمْ ". وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي "نيْلِ الأوطار": " وَالْحَقُّ أَنَّ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ تُجْزِئُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ, وَإِنْ كَانُوا مِائَةَ نَفْسٍ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا قَضَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ " انتهى باختصار. ثالثا: يدخل في أهل البيت: الزوجة والأولاد ، وكذلك القريب إذا كان يسكن في البيت ، وهو مشمول بنفقة رب البيت ، أو يشتركان في النفقة ويجتمعان في المأكل والمشرب. أما من كان في بيت مستقل ، أو له نفقة مستقلة ، فلا يجزئ اشتراكه في الأضحية ، ويشرع له أضحية مستقلة. قال مالك رحمه الله ـ في أهل بيته الذين يشركونه في أضحيته ـ: هم " أهل نفقته قليلا كانوا أو كثيرا. هل يجوز ان يشترك شخصان في أضحية من الغنم والابل. زاد محمد عن مالك: وولده ووالديه الفقيرين. [ وقال] ابن حبيب: وله أن يدخل في أضحيته من بلغ من ولده وإن كان غنيا, وأخاه وابن أخيه وقريبه إذا كانوا في نفقته وأهل بيته ، فأباح ذلك بثلاثة أسباب: القرابة ، والمساكنة ، والإنفاق عليه ، [ وقال] محمد: وله أن يدخل زوجته في أضحيته لأن الزوجية آكد من القرابة " انتهى من "التاج والإكليل شرح مختصر خليل" (4/364).
اهـ. فالأضحية بالبقرة يصح أن تشترك في ملكيتها أنت، وأبناؤك الستة الذي لا يقيمون معك، وزوجتك وأولادك الذين يقيمون معك نصيبك من الأضحية بالبقرة يجزئ عنهم، كذلك نصيب كل واحد من أولادك يجزئ عنه وعن أهل بيته.
إن حقيقة العلم البشري المادي لا تتجاوز النسبة بين غرفة كبيرة بداخلها كرة تنس! وهذه النسبة قد يكون فيها نوع من المبالغة لتضخيم حجم المعرفة البشرية، ومَن يطالع تسارع حركة تضاعف المعرفة والعلوم يدرك ذلك بكل طمأنينة، ولذلك الإنسان العاقل يعرف عجز قدراته الخاصة عن فهم حقيقة الكون بأدواته المادية، ويسلم بالحاجة للعلم الرباني الذي أرسله لنا وبلّغه لنا رسلُه وآخرهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وما أجمل قول الشاعر:
ومن البليّة أن ترى لك صاحبا في صورة الرجل السميع المُبْصر فَطِن بكل مصيبة في مالِه وإذا يُصاب بدينه لم يشعر
يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا
وهذا -عباد الله- له أثره السيئ الكبير على أمة الإسلام؛ لأن من كان عن الآخرة غافلاً، وللعمل لها تاركًا، وعلى الدنيا مقبلاً وحاضرًا ولها عاملاً، فسوف يُصاب بالوَهَن والخَوَر أمام أعداء الله -عز وجل-، ويُبْتَلى بالذل لأعداء الله والهوان على الناس، ومن الآثار السيئة ترك الاهتمام بالمسلمين وقضاياهم، وعدم حمل الهمّ في القلوب لمصابهم ولأوائهم، ولا تدمع له عين، وهو يرى أعداء الله -عز وجل- وأعداء رسله، يسومون المسلمين سُوء العذاب، ولا يتحرك له قلب ولا لسان، ولو أنه فقَدَ شيئًا من دنياه لأقام الدنيا وأقعدها من أجل هذا المفقود، ولربما أُصِيبَ في عقله -والعياذ بالله-. ومن الآثار السيئة: ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا أمرٌ مُشاهَد؛ لأن من كانت الدنيا وشؤونها ومكاسبها وشهواتها، أكبر همّه ومبلغ علمه، فإنه لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، بل يسكت على أقل تقدير، إن لم يجعل نفسه داعية من دعاة الضلالة والشر، فيضعف جانب الأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، بل يسكت على أقل تقدير، إن لم يجعل نفسه داعيةً من دعاة الضلالة والشر، فيضعف جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجانب أهله، ومِن ثَمَّ تكثر المنكرات والأعمال الفاسدة في المجتمعات الإسلامية، وتقل الخيرات والأعمال الصالحة، وحينئذ يسهل على أعداء الإسلام القضاء على المسلمين.
وعاب ذلك النوع من العلم بعيبين عظيمين:
أحدهما: قلته وضيق مجاله، لأنه لا يجاوز ظاهراً من الحياة الدنيا، والعلم المقصور
على ظاهر من الحياة الدنيا في غاية الحقارة، وضيق المجال بالنسبة إلى العلم بخالق
السماوات والأرض جل وعلا، والعلم بأوامره ونواهيه، وبما يقرب عبده منه، وما يبعده
منه، وما يخلد في النعيم الأبدي من أعمال الخير والشر. والثاني منهما: هو دناءة هدف ذلك العلم، وعدم نيل غايته؛ لأنه لا يتجاوز الحياة
الدنيا، وهي سريعة الانقطاع والزوال ويكفيك من تحقير هذا العلم الدنيوي أن أجود
أوجه الإعراب في قوله: يَعْلَمُونَ ظَاهِراً
أنه بدل من قوله قبله: (لا يعلمون)، فهذا العلم كلا علم لحقارته". 1
عباد الله:"وهذه العلوم الدنيوية التي بينا حقارتها بالنسبة إلى ما غفل عنه أصحابها
الكفار، إذا تعلمها المسلمون، وكان كل من تعليمها واستعمالها مطابقاً لما أمر الله
به، على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-: كانت من أشرف العلوم وأنفعها؛ لأنها
يستعان بها على إعلاء كلمة الله ومرضاته جل وعلا، وإصلاح الدنيا والآخرة، فلا عيب
فيها إذن كما قال تعالى: وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا
استطعتم مِّن قُوَّةٍ سورة الأنفال (60) فالعمل في إعداد المستطاع من القوة
امتثالاً لأمر الله تعالى وسعياً في مرضاته، وإعلاء كلمته ليس من جنس علم الكفار
الغافلين عن الآخرة، كما ترى الآيات بمثل ذلك كثيرة" 2.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الروم - الآية 7
(16) [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قال ابن رجب: «وهذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا، وأن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطناً ومسكناً فيطمئن فيها، ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر يُهيِّئ جهازه للرحيل، وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم.. (17) وعـن عـديِّ بـن حاتم - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا النار، قال: وأشاح، ثم قال: اتقوا النار، ثم أعرض وأشاح ثلاثاً حتى ظننا أنه ينظر إليها، ثم قال: اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة؛ فمن لم يجد فبكلمة طيبة ». (18) ألا فليسعنا ما وسع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وصحبه رضوان الله عليهم؛ فإن خير الهدي هدي نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم -.
كم هو موجع حقاً حال طائفة منا - معشرَ الدعاة وطلابَ العلم - إذ كانوا في ريعان شبابهم على حظ كبير من الزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة ، والبذل والحرص على أداء القربات وأنواع التضحيات ، ثم لما وهن العظم ، واشتعل الرأس شيباً ، ودنا الرحيل ؛ إذا هم ينكبُّون على حطام الدنيا الزائل ، ويتثاقلون عن تلك القربات ، ويغالبهم العجز والكسل! « واعجباً! كلما صعد العمر نزلتَ، وكلما جدَّ الموت هزلتَ! أتُراك ممن ختم بفتنة ، وقُضيت عليه عند آخر عمره المحنة ؟ كنت في زمن الشباب أصلح منك في زمن أيام المشيب » [15]. واحسرتاه!
تفسير قوله تعالى: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن
(11) ومع كثرة الخطط الدعوية والبرامج التربوية عند الإسلاميين؛ إلا أن هذا الجانب الإيماني الروحاني الجليل لم يُعْطَ حقه من الاحتفاء وتربية الأجيال عليه؛ إذ لا يتولى هذا الشأن إلا من قلَّ علمه وقدره. لقد كان الوعاظ في قديم الزمان علماء وفقهاء، وكان الإمام أحمد بن حنبل يقول: ما أحوج الناس إلى قاضٍ صدوق. (12) إن الناظر في واقع الصحوة الإسلامية - فضلاً عن واقع عامة المسلمين - ليلاحظ جملة من الآفات السلوكية والأخلاقية، باعثها ضعف الإيمان باليوم الآخر، ومن ذلك: الفتور عن العمل الدعوي لأجل الدنيا أو الأهل، وأسوأ من ذلك تسخير العمل الدعوي ولَيُّه في سبيل تحصيل حظو ظ الدنيا! وكذا استرواح المداهنة لأعداء الله تعالى، واللياذ بالمواقف العائمة التي لا تهدم باطلاً ولا تنصر حقاً، والانبهار بالحضارة المادية، والتولِّي عن مقارعة أئمة الكفر والبدع والفجور، وغياب الأخلاق والمروءات؛ كالشجاعة والكرم والنصرة، وتتبُّع رخص الفقهاء.. إلخ. ورحم الله ابن القيم إذ يقول: «لا تتمُّ الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا، ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بالنظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ولا بد، ودوامها وبقائها وشرف ما فيها من الخيرات والمسرَّات، كما قال الله - سبحانه -: { وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: ٧١]، فهي خيرات كاملة دائمة، وهذه خيالات ناقصة منقطعة مضمحلة ».
{ { الرَّحيم}} بعباده المؤمنين حيث قيض لهم من الأسباب التي تسعدهم وتنصرهم ما لا يدخل في الحساب. { { وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ}} فتيقنوا ذلك واجزموا به واعلموا أنه لا بد من وقوعه. فلما نزلت هذه الآيات التي فيها هذا الوعد صدق بها المسلمون، وكفر بها المشركون حتى تراهن بعض المسلمين وبعض المشركين على مدة سنين عينوها، فلما جاء الأجل الذي ضربه اللّه انتصر الروم على الفرس وأجلوهم من بلادهم التي أخذوها منهم وتحقق وعد اللّه. وهذا من الأمور الغيبية التي أخبر بها اللّه قبل وقوعها ووجدت في زمان من أخبرهم اللّه بها من المسلمين والمشركين. { { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}} أن ما وعد اللّه به حق فلذلك يوجد فريق منهم يكذبون بوعد الله، ويكذبون آياته. وهؤلاء الذين لا يعلمون أي: لا يعلمون بواطن الأشياء وعواقبها. وإنما { { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}} فينظرون إلى الأسباب ويجزمون بوقوع الأمر الذي في رأيهم انعقدت أسباب وجوده ويتيقنون عدم الأمر الذي لم يشاهدوا له من الأسباب المقتضية لوجوده شيئا، فهم واقفون مع الأسباب غير ناظرين إلى مسببها المتصرف فيها. { { وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}} قد توجهت قلوبهم وأهواؤهم وإراداتهم إلى الدنيا وشهواتها وحطامها فعملت لها وسعت وأقبلت بها وأدبرت وغفلت عن الآخرة، فلا الجنة تشتاق إليها ولا النار تخافها وتخشاها ولا المقام بين يدي اللّه ولقائه يروعها ويزعجها وهذا علامة الشقاء وعنوان الغفلة عن الآخرة.