وكما إذا نصحت بعض أصحاب المهن بأن يتزين في لباسه إذا أراد المجيء إلى المسجد فيدع الصلاة فيه[2]. وامتثل ابن القيم لهذه الدرجة بحادثة وقعت لشيخه ابن تيمية رحمهما الله تعالى، حيث ترك إنكار المنكر مراعيا ما يؤول إليه من مفسدة أعظم، فقال: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي، فأنكرت عليه، وقلت له: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعه[3]. [1] الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ابن تيمية (14)
[2] الموسوعة العقدية، مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت
[3] أعلام الموقعين (3/13).
- حديث النهي عن المنكر حديث
- حديث النهي عن المنكر ابن باز
- حديث النهي عن المنكر وظائف
- إسلام ويب - الدر المنثور - تفسير سورة الأنعام - تفسير قوله تعالى ولقد استهزئ برسل من قبلك- الجزء رقم6
- أرشيف الإسلام - تفسير سورة الأنعام - الآيات [10-16] من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف
- تفسير قول الله تعالى: (ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون)
حديث النهي عن المنكر حديث
عبارة عجيبة، في حديثٍ لأمير الكلام وسيد المؤمنين الإمام عليٍ، عليه السلام، والملاحظ في الحديث ربط النهي عن المنكر بالمنافقين. كيف؟
نظرياً؛ من المفترض أن يكون الحديث عن "الفاسقين"، لأن المنافق بطبيعة الحال يتمظهر بجانبٍ ايماني ولا يُظهر فسقه او كفره.. فكيف يكون نهي "الفاسق" عن المنكر، مُرغِماً لأنف "المنافق"؟
هذا ما شغلني فترة.. حتى أظهرت لي تجارب الحياة دقة كلام الامام، عليه السلام، رأيت بالفعل اكثر الناس تألماً من نهي المؤمن عن المنكر: المنافقون. إن الشغل الشاغل للمنافق هو مسك العصا دائماً من الوسط، ارضاءً للجميع، فلكي يحافظ على مكانته عند اهل الايمان والصلاح يتمظهر بمظهرهم، ويرفع شعاراتهم، بل ربما تراه اكثر اهتماماً بتلك المظاهر والشعارات. ما الذي يفضحه، ويُعَرِّيه؟
موقف اهل الايمان من المنكرات
لأنه سيكون حينئذ امام خيارين، احلاهما مر: اما الوقوف مع المؤمنين – وهذا لا يمكن للمنافق، لأن للمواقف ثمن وتضحية بالسُمعة او المال او النفس- او فُقدان مركزيته الظاهرية. فلذا فإن "النهي عن المنكر" اكثر ايلاماً للمنافق من الفاسق! فلذا عادةً يبحث عن الخيار الثالث:
تراه؛ بدل أن يعاضد المؤمن في نهيه عن المنكر، يحاول جُهدَ الإمكان البحث عن تبريرٍ لنهي المؤمن عن نهيه للمنكر!
حديث النهي عن المنكر ابن باز
من تمام حكمة الشريعة الباهرة أنها جاءت لتحقيق أعلى رتب مصالح العباد في الحياة وأمور الدين والدنيا، و مصالح العباد العاجلة والآجلة، لذلك كانت الشريعة رحمة للعالمين، وهدى ونورا للناس، تخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن الشك إلى اليقين، ومن الاختلاف إلى الاتفاق، وكل خير في الوجود مستفاد من أصول الإسلام وفروعه، وكل شر وظلم وعبث ونقص فسببه ضياع الدين. ولإثبات هذه الحقيقة يمكن تتبع ما ذكره ابن القيم من درجات فقه النهي عن المنكر في الدين، ليكون شاهدا على فضل الشريعة وتحقيقها للحكمة المذكورة. درجات إنكار المنكر من القواعد الضابطة للنهي عن المنكر في الدين أن يحقق مصلحة حقيقية، بأن يزيل الأمر المنكر دون أن يفضي إلى أمر أشد منه إنكارا، "فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره". ومن الأمثلة على هذا الأصل، يقول ابن القيم: " ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر ؛ فطلب إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه؛ فقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام عزم على تغيير البيت ورده على قواعد إبراهيم، ومنعه من ذلك – مع قدرته عليه – خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر".
حديث النهي عن المنكر وظائف
الحمد لله. فالأمر كما تفضلت أخي الكريم أن مصافحة النساء للرجال الأجانب منكر دلت النصوص على تحريمه ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:( لَأَنْ يُطَعْنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطِ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ). رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم (5045)
وفي صحيح مسلم ( 1866) عن عروة أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء قالت: " ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته ، قال: اذهبي فقد بايعتك ". والمنكر يجب تغييره على من رآه من المكلفين وكان قادراً على ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم (70) من حديث أبي سعيد. قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: ( قوله صلى الله عليه وسلم "فليغيره " أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهو أيضاً من النصيحة التي هي الدين. )
اهـ.
ولقد استهزئ برسل من قبلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عما يلقاه من قومه كالوليد بن المغيرة وأمية بن خلف وأبي جهل وأضرابهم أي أنك لست أول رسول استهزأ به قومه فكم وكم من رسول جليل الشأن فعل معه ذلك فالتنوين للتفخيم والتكثير، و (من) ابتداء متعلقة بمحذوف وقع صفة لـ (رسل) والكلام على حذف مضاف، وفي تصدير الجملة بالقسم وحرف التحقيق من الاعتناء ما لا يخفى.
إسلام ويب - الدر المنثور - تفسير سورة الأنعام - تفسير قوله تعالى ولقد استهزئ برسل من قبلك- الجزء رقم6
إعراب الآية رقم (11): {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)}. الإعراب: (قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (سيروا) فعل أمر مبني على حذف النون... والواو فاعل (في الأرض) جار ومجرور متعلق ب (سيروا)، (ثم) حرف عطف (انظروا) مثل سيروا (كيف) اسم استفهام مبني في محلّ نصب خبر كان مقدم (كان) فعل ماض ناقص (عاقبة) اسم كان مرفوع (المكذبين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء. جملة (قل... ) لا محلّ لها استئنافية. وجملة (سيروا.... ) في محلّ نصب مقول القول. وجملة (انظروا... ) في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول. إسلام ويب - الدر المنثور - تفسير سورة الأنعام - تفسير قوله تعالى ولقد استهزئ برسل من قبلك- الجزء رقم6. وجملة (كان عاقبة... ) في محلّ نصب مفعول به لفعل النظر المعلق بالاستفهام.. إعراب الآية رقم (12): {قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (12)}.
وجملة (قل.... وجملة (إنّي أخاف.... وجملة (أخاف.... ) في محلّ رفع خبر إنّ. وجملة (عصيت... ) لا محلّ لها اعتراضية... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه مضمون الكلام السابق أي إن عصيت ربي نالني العذاب. الصرف: (فاطر)، اسم فاعل من الثلاثي فطر، وزنه فاعل.. إعراب الآية رقم (16): {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16)}. ولقد استهزئ برسل من قبلك فامليت للذين. الإعراب: (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (يصرف) مضارع مبني للمجهول مجزوم فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على العذاب في الآية السابقة (عن) حرف جر والهاء ضمير في محلّ جر متعلق ب (يصرف)، (يوم) ظرف زمان منصوب متعلق ب (يصرف)، (إذ) اسم ظرفي مبني في محلّ جر مضاف إليه، والتنوين عوض من جملة محذوفة الفاء رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (رحمه) فعل ماض ومفعوله، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله الواو عاطفة (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ... واللام للبعد والكاف للخطاب (الفوز) خبر المبتدأ مرفوع (المبين) نعت للفوز مرفوع. جملة (من يصرف.... وجملة (يصرف.... ) في محلّ رفع خبر المبتدأ (من). وجملة (قد رحمه) في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
أرشيف الإسلام - تفسير سورة الأنعام - الآيات [10-16] من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى المهاجرين والأنصار.
تفسير القرآن الكريم
تفسير قول الله تعالى: (ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون)
فقد استهزأت أمم من قبلك برسلٍ أرسلتهم إليهم بمثل الذي أرسلتك به إلى قومك, وفعلوا مثل ما فعل قومُك بك = " فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " ، يعني بقوله: " فحاق " ، فنـزل وأحاط بالذين هزئوا من رسلهم = " ما كانوا به يستهزئون " ، يقول: العذابُ الذي كانوا يهزءون به، وينكرون أن يكون واقعًا بهم على ما أنذرتهم رسلهم. تفسير قول الله تعالى: (ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون). * * * يقال منه: " حاق بهم هذا الأمر يَحِيقُ بهم حَيْقًا وحُيُوقًا وحَيَقَانًا ". * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 13094- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فحاق بالذين سخروا منهم " ، من الرسل = " ما كانوا به يستهزئون " ، يقول: وقع بهم العذاب الذي استهزءوا به.
قال الله عز وجل: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ [الأنعام:9]، فلو قدر الله عز وجل أن يبعث ملكاً؛ لجعل هذا الملك رجلاً؛ من أجل أن يراه الناس على طبيعتهم، ويقتدوا بحاله، كما قال سبحانه: قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا [الإسراء:95]، لكن لما كان سكان الأرض بشراً، فإن الله عز وجل جعل الرسول بشراً، من أجل أن يروا حاله ويسمعوا أقواله، ويقتدوا بأفعاله، فيأكلون كما يأكل، ويشربون كما يشرب، ويمشون كما يمشي، ويصنعون ما يصنع، هذه هي حكمة الله عز وجل. وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ [الأنعام:9]، أي: لخلطنا عليهم مثل الذي يخلطون.