( لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين)
ثم قال: ( لمن شاء منكم أن يستقيم) وهو بدل من العالمين ، والتقدير: إن هو إلا ذكر لمن شاء منكم أن يستقيم ، وفائدة هذا الإبدال أن الذين شاءوا الاستقامة بالدخول في الإسلام هم المنتفعون بالذكر ، فكأنه لم يوعظ به غيرهم ، والمعنى أن القرآن إنما ينتفع به من شاء أن يستقيم ، ثم بين أن مشيئة الاستقامة موقوفة على مشيئة الله. ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) أي إلا أن يشاء الله تعالى أن يعطيه تلك المشيئة ، لأن فعل تلك المشيئة صفة محدثة فلا بد في حدوثها من مشيئة أخرى فيظهر من مجموع هذه الآيات أن فعل الاستقامة موقوف على إرادة الاستقامة. وهذه الإرادة موقوفة الحصول على أن يريد الله أن يعطيه تلك الإرادة ، والموقوف على الموقوف على الشيء موقوف على ذلك الشيء ، فأفعال العباد في طرفي ثبوتها وانتفائها ، موقوفة على مشيئة الله وهذا هو قول أصحابنا ، وقول بعض المعتزلة إن هذه الآية مخصوصة بمشيئة القهر والإلجاء ضعيف ؛ لأنا بينا أن المشيئة الاختيارية شيء حادث ، فلا بد له من محدث فيتوقف حدوثها على أن يشاء محدثها إيجادها ، وحينئذ يعود الإلزام ، والله أعلم بالصواب.
الباحث القرآني
إغلاق الإعلان وسيلة دعم للموقع عند الضغط عليه ومحتواه عشوائي لا يمثلنا عربي - نصوص الآيات عثماني: عربى - نصوص الآيات: لمن شاء منكم أن يستقيم عربى - التفسير الميسر: فأين تذهب بكم عقولكم في التكذيب بالقرآن بعد هذه الحجج القاطعة؟ ما هو إلا موعظة من الله لجميع الناس، لمن شاء منكم أن يستقيم على الحق والإيمان، وما تشاؤون الاستقامة، ولا تقدرون على ذلك، إلا بمشيئة الله رب الخلائق أجمعين. السعدى: { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} بعدما تبين الرشد من الغي، والهدى من الضلال. الوسيط لطنطاوي: وهذا الذكر العظيم إنما هو ( لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ) أى: هو نافع لمن شاء منكم - أيها الناس - أن يستقيم على طريق الحق ، وأن يلزم الرشاد ويترك الضلال. والجملة الكريمة بدل مما قبلها ، للإِشعار بأن الذين استجابوا لهدى القرآن قد شاءوا لأنفسهم الهداية والاستقامة. فالمقصود بهذه الجملة: الثناء عليهم ، والتنويه بشأنهم. الباحث القرآني. البغوى: "لمن شاء منكم أن يستقيم"، أي يتبع الحق ويقيم عليه. ابن كثير: أي من أراد الهداية فعليه بهذا القرآن فإنه منجاة له وهداية ولا هداية فيما سواه. القرطبى: لمن شاء منكم أن يستقيم أي يتبع الحق ويقيم عليه.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة التكوير - الآية 28
وقال أبو هريرة وسليمان بن موسى: لما نزلت لمن شاء منكم أن يستقيم قال أبو جهل: الأمر إلينا ، إن شئنا استقمنا ، وإن شئنا لم نستقم - وهذا هو القدر; وهو رأس القدرية - فنزلت: الطبرى: ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) فجعل ذلك تعالى ذكره ذكرا لمن شاء من العالمين أن يستقيم، ولم يجعله ذكرا لجميعهم، فاللام في قوله: ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ) إبدال من اللام في للعالمين. المد في كلمة شاء في قولة تعالى لمن شاء منكم أن يستقيم - سطور العلم. وكان معنى الكلام: إن هو إلا ذكر لمن شاء منكم أن يستقيم على سبيل الحقّ فيتبعه، ويؤمن به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) قال: يتبع الحقّ. ابن عاشور: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وأبدل من { للعالمين} قوله: { لمن شاء منكم أن يستقيم} بدل بعض من كل ، وأعيد مع البدل حرف الجر العامل مثله في المبدل منه لتأكيد العامل كقوله تعالى: { ومن النخل من طلعها قنوان} [ الأنعام: 99] وقوله: { قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم} وتقدم في سورة الأعراف ( 75).
المد في كلمة شاء في قولة تعالى لمن شاء منكم أن يستقيم - سطور العلم
(الَّذِي) صفة ثانية لربك و(خَلَقَكَ) ماض ومفعوله والجملة صلة و(فَسَوَّاكَ) معطوف على خلقك و(فَعَدَلَكَ) معطوف أيضا.. إعراب الآية (8): {فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (8)}. (فِي أَيِّ) متعلقان بركبك و(صُورَةٍ) مضاف إليه و(ما) زائدة (شاءَ) ماض فاعله مستتر والجملة صفة صورة و(رَكَّبَكَ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة حال.. إعراب الآية (9): {كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)}. (كَلَّا) حرف ردع وزجر و(بَلْ) حرف إضراب انتقالي (تُكَذِّبُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله و(بِالدِّينِ) متعلقان بالفعل، والجملة مستأنفة لا محل لها.. إعراب الآية (10): {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (10)}. (وَإِنَّ) الواو حالية وإن حرف مشبه بالفعل و(عَلَيْكُمْ) متعلقان بمحذوف خبر إن المقدم (لَحافِظِينَ) اللام المزحلقة و(حافظين) اسم إن المؤخر والجملة حال.. إعراب الآية (11): {كِراماً كاتِبِينَ (11)}. صفتان لحافظين.. إعراب الآية (12): {يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (12)}. (يَعْلَمُونَ) مضارع وفاعله و(ما) مفعول به والجملة حال و(تَفْعَلُونَ) مضارع وفاعله والجملة صلة.. إعراب الآية (13): {إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (13)}.
و { ما} نافية ، والاستثناء من مصادر محذوفة دل عليها قوله: { إلا أن يشاء اللَّه} وتقدم بيان ذلك في سورة الإنسان. وفي هذه الآية وآية سورة الإنسان إفصاح عن شرف أهل الاستقامة بكونهم بمحل العناية من ربّهم إذا شاء لهم الاستقامة وهيأهم لها ، وهذه العناية معنى عظيم تحير أهل العلم في الكشف عنه ، فمنهم من تطوح به إلى الجبر ومنهم من ارتمى في وهدة القدر ، ومنهم من اعتدل فجزم بقوة للعباد حادثة يكون بها اختيارهم لسلوك الخير أو الشر فسماها بعض هؤلاء قدرة حادثة وبعضهم سماها كسباً. وحملوا ما خالف ذلك من ظواهر الآيات والأخبار على مقام تعليم الله عبادَه التأدب مع جلاله. وهذا أقصى ما بلغت إليه الأفهام القويمة في مجامل متعارض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. ومن ورائه سلك دقيق يشُدّه قد تقصر عنه الأفهام. إعراب القرآن: «وَما» الواو حالية «ما» نافية «تَشاؤُنَ» مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة حال و«إِلَّا» حرف استثناء «أَنْ يَشاءَ اللَّهُ» مضارع منصوب بأن ولفظ الجلالة فاعله «رَبُّ الْعالَمِينَ» بدل مضاف إلى العالمين والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بالإضافة لظرف زمان. التقدير وقت أن يشاء اللّه. English - Sahih International: And you do not will except that Allah wills - Lord of the worlds English - Tafheem -Maududi: (81:29) but your wishing will not avail unless Allah, the Lord of the Universe, so wishes.
رُوِيَ عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ مُوسى والقاسِمِ بْنِ مُخَيْمَرَةَ أنَّهُ لَمّا نَزَلَتْ: ﴿لِمَن شاءَ مِنكم أنْ يَسْتَقِيمَ﴾ قالَ أبُو جَهْلٍ: جُعِلَ الأمْرُ إلَيْنا إنْ شِئْنا اسْتَقَمْنا وإنْ شِئْنا لَمْ نَسْتَقِمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وما تَشاءُونَ﴾ الآيَةَ.
ماهي الموقوذة والمتردية والنطيحة في القرآن، ما الذم والافتراء والسحق أنزل الله تبارك وتعالى آية خاصة في كتابه الكريم، نهى فيها عن أكل عبيده ذمّ وقذف وكسرة، وعن المقذوف، وعن السقوط والسقوط، وبعض الأفكار الأخرى عنها.
سورة تبارك كتابة الارقام
هذا وصف موجز لبعض أحوال العرب قبل نزول القرآن، ثُمَّ مَنَّ الله عليهم بنزوله، وأنقذهم به من ظلمات الجاهلية من الكفر والمعاصي إلى نور الإيمان والطاعات وهداهم سواء السبيل. بل نقلهم من رعاة إبل وغنم إلى قادة أمم وشعوب، ومن قبائل متحاربة متناحرة فيما بينها إلى أمة متآلفة متحابة شعارها: «واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيْهِ» [6]. وشعارها كذلك: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» [7]. سورة تبارك كتابة حرف. ووعدهم الله تعالى على ذلك بالعزَّة والكرامة في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا: فسيادة الأمم والتمكين في الأرض وسعة الأرزاق وحلول البركات قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]. وقال: ﴿ وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16]. وأما في الآخرة: فالفوز برضوان الله تعالى والدَّرجات العالية في جنات النعيم. ولقد عرف المسلمون الأوائل رضي الله عنهم مكانة القرآن والهدف الذي أُنزل من أجله، فطبَّقوه في واقع حياتهم، وتركوا عاداتهم وأعرافهم السابقة، فأعزَّهم الله بالقرآن، فسادوا الدنيا بأسرها حتى بلغ ملكهم من المحيط الهندي شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا، وأصبحوا خير أمة أخرجت للناس.
سورة تبارك كتابة حرف
والأمة الإسلامية في وقتنا الحاضر أصبحت في مؤخرة الأمم وتنكَّبت عن ركب الحضارة، وتداعت عليها أسافل الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فأصبحت غثاءً كغثاء السَّيل؛ لبعدها عن دينها، وتركها هدي القرآن العظيم ومنهجه في الحياة، ولا صلاح لها ولأحوالها إلاّ بعودتها إلى كتاب ربها، والعمل به والتَّحاكم إليه، وجعله دستورًا للحياة، فلن يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ بما صلح به أولها: كتاب الله وسُنَّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم [8]. وخلاصة القول:
إنَّ القرآن العظيم جعل من المسلمين أمَّةً لها كيانها وخصائصها وشخصيتها المميِّزة لها بين سائر الأمم، بعد أن كانوا قبائل متفرِّقة ومتمزِّقة لا ناظم لها، ولا قيمة، بل ولا وجود، يحتقرها غيرها من الأمم؛ كالفرس والرُّوم. ثم بعد أنْ كَوَّنَ منها أمَّة ودولة، لم يرضَ لها إلاَّ أنْ تكون هي الدَّولة العظمى، والقوَّة الكبرى في العالم، فسادت العالم؛ شرقًا وغربًا، وبحقٍّ كانت هذه من عجائب الآثار التي أحدثها القرآن في هذه الأمَّة، حيث أنشأ دولةً من العدم، ليس هذا فحسب، بل وارتقى بها على سائر الدُّول الضَّاربة في أعماق التَّاريخ؛ كالفرس والرُّوم. الآثار العظيمة للقرآن في الأمة الإسلامية. ثم كتب لهذه الأمَّة الخلود والبقاء، فكم من دولةٍ قد دالت وانتهت؛ كالمغول مثلًا، حينما هبُّوا فجأة فدمَّروا ما دمَّروا من العالم، ولكنَّهم لم يملكوا من الإمكانات الفكريَّة والثَّقافية ما يقنعون به غيرهم، فانتهت دولتهم، وبدلًا من أن يكونوا مؤثِّرين كانوا متأثِّرين، فدخلوا في دين الله، أمَّا الأمَّة المسلمة، فكان لديها كتاب ربِّها ومنهجها الذي نشرته، فأَسَرَت قلوبَ النَّاس وعقولهم، وسرعان ما دخلوا فيها وأصبحوا جزءًا من كيانها.
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. أمَّا بعد:
إن الله تبارك وتعالى شَرَّفَ الأمة المسلمة بإنزال القرآن إليها، وخصَّها بذلك دون سائر الأمم، قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ﴾ [فاطر: 32]. سورة تبارك كتابة الارقام. وبقدر عناية المسلمين بالقرآن تكون رفعتهم وعلو مكانتهم، وبقدر إهمالهم له يكون ضياعهم وهلاكهم، مصداقًا لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بهذا الكتابِ أقوامًا ويَضَعُ به آخرين» [1]. ماذا كان العرب قبل نزول القرآن إليهم، وكيف أصبحوا بعد ذلك، إن البون شاسع والفرق كبير. كانوا قبائل متحاربة متناحرة لأتفه الأسباب، مِنْ أبرز ملامحهم وصفاتهم: عبادة الأصنام، وشرب الخمور، ووأد البنات، والجهل، والفقر وسوء الأحوال، ومما يُصوِّر جهلهم وحماقتهم قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا ﴾ [الأنعام: 136].