ثم قال تعالى: { والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون} (الشورى:37)، فهذه التزامات ثلاثة. ثم قال: { والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون} (الشورى:38) فهذه التزامات أربعة. ثم قال: { والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} (الشورى:39)، فأشار إلى أن هؤلاء لا يظلمون أحداً، وأن أقصى ما يقع منهم الانتصار ممن يظلمهم، وذلك مباح لهم غير قبيح. ثم قال بعد: { وجزاء سيئة سيئة مثلها} (الشورى:39). ان ذلك من عزم الامور الشارقة. ثم عرَّف بحال أجلَّ من ذلك، وأعلى عملاً، فقال: { فمن عفا وأصلح فأجره على الله} (الشورى:39). وبين أن المنتصِر من ظلمه { ما عليه من سبيل}، وإنما السبيل إنما هو على ظالمي الناس والباغين. وبعد هذه الخصال الزائدة على العشر قال تعالى في التزام جميعها: { إن ذلك لمن عزم الأمور} فناسب كثرة هذه الخصال الجليلة زيادة (اللام) المؤكدة في قوله: { إن ذلك لمن عزم الأمور}. ولم يكن في الآيتين قبلها كثرة، فناسبها عدم زيادة (اللام). على أن ما خُتمت به آية الشورى من قوله: { فمن عفا وأصلح فأجره على الله} وهي الخصلة الشاهدة بكمال الإيمان للمتصف بها، فلو لم يكن قبل قوله: { إن ذلك لمن عزم الأمور} غيرها لكانت بمعناها أعم من الخصال المذكورة في آيتي آل عمران ولقمان؛ إذ تلك الخصال داخلة تحت هذه الخصلة الجليلة، ومنتظمة في مضمونها، فناسب ذلك أتم المناسبة.
ان ذلك من عزم الامور ابوهيل
يقول تعالى: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (الشورى/ 37). وفي الحديث والسيرة: "ما انتقم النبيّ (ص) لنفسه قطّ، إلا أن تُنتهَك حُرمات الله"!. ولا تعارض أو تنافي بين هذا وبين قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) (الشورى/ 39). فلكلِّ آية مجالها الحيوي الذي تتحرّك فيه، فالله تعالى يأبى الظلم البغي والطغيان والعدوان، ولذلك اعتبر الانتصار عند البغي واجباً وفضيلة؛ لأنّ التذلّل لمَن بغى واستعلى وأفسد يتنافى مع عزّة المؤمنين. يقول سيِّد الشهداء الإمام الحسين بن علي (ع) في إبائه للضّيْم: "يأبى اللهُ لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحُجُورٌ طابَت وطَهُرَت وأنُوفٌ حميّةٌ ونُفوسٌ أبيّةٌ أن نُؤْثِرَ طاعَةَ اللِّئامِ عَلى مَصارِعَ الكِرام"!. ويقول (الرازي) في تفسيره: العفو قسمان:
الأوّل: أن يكون سبباً لتسكين الفتنة، وتهدئة النفوس، ورجوع الجاني عن جنايته، وهذا محمود، تُحمل عليه آيات العفو، مثل: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (البقرة/ 237). وهذا مرغوبٌ فيه داخل الأُمّة الواحدة. ان ذلك من عزم الامور ابوهيل. الثاني: أن يكون سبباً لتجرّؤ الظالم وتماديه في غيِّه واستضعافه الأُمّة، وهذا مذموم، تحُمل عليه آيات الحثّ على الانتقام، وهو واجب في مقاومة العدوّ الخارجيّ، وعند اغتصاب الحقوق.
[26]
- وقال ابن الجوزي: (ليس في سياط التأديب أجود من سوط العزم). [27]
- قال ابن منظور: (لا خير في عزم بغير حزم، فإنَّ القوة إذا لم يكن معها حذر أورطت صاحبها). [28]
- وقال الغزالي: (التقوى في قول شيوخنا: تنزيه القلب عن ذنب لم يسبق منك مثله، حتى يحصل للعبد من قوة العزم على تركه وقاية بينه وبين المعاصي). شبكة المعارف الإسلامية :: ... إن ذلك من عزم الأمور. [29]
- وقال فخر الدين الرازي: (منصب النبوة والإمامة لا يليق بالفاسقين؛ لأنَّه لا بد في الإمامة والنبوة من قوة العزم، والصبر على ضروب المحنة حتى يؤدي عن الله أمره ونهيه، ولا تأخذه في الدين لومة لائم، وسطوة جبار). [30]
- قال المتنبي: [31]
إذا غامرتَ في شرفٍ مَرومٍ فلا تقنعْ بما دونَ النُّجومِ
فطعمُ الموتِ في أمرٍ حقيرٍ كطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمِ
وقال أيضًا:
على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ وتأتي على قدرِ الكرامِ المكارمُ
وتعظمُ في عينِ الصغيرِ صغارُها وتصغرُ في عينِ العظيمِ العظائمُ
انظر أيضا [ عدل]
رغبة
نية
مراجع [ عدل]
^ الشريف الجرجاني. كتاب التعريفات
^ ابن فارس ، معجم مقاييس اللغة ،ج 4 / 308
^ موسوعة أخلاق اتلقرآن ، د.
ما هو معنى الموبقات، هذه الكلمة التي في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((اجتنبوا السبع الموبقات))، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)) رواه البخاري برقم (2615)، هذه الكلمة التي تحمل الكثير من المعاني، لهذا سنقدم الام اجابة ما هو معنى الموبقات كاملة. معنى كلمة الموبقات هي المهلكات.
حل سؤال ما معنى الموبقات - سطور العلم
حديث: اجتنبوا السبع الموبقات...
شرح مئة حديث (38)
٣٨ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات))، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات))؛ متفق عليه. ﺷﺮﺡ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ:
ﺍلاﺟﺘﻨﺎﺏ: ﻫﻮ ﺍلاﺑﺘﻌﺎﺩ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺑﺔ. ﺍﻟﻤﻮﺑﻘﺎﺕ: ﻗﺎﻝ الإﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ -: ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻬﻠﻜﺎﺕ. ﺍﻟﺴﺤﺮ: ﻋﺰﺍﺋﻢ ﻭﺭﻗﻰ ﻭﻋﻘﺪ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ الأﺑﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، فيمرض، ﻭيَقتُل، ويفرِّق ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻭﺯﻭﺟﻪ، ﻭﻳﺄﺧﺬ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ. ﺍﻟﺮﺑﺎ: ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻟﻠﺮﺑﺎ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ، ﻭﻋﺮﻓﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ: ﻋﻘﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺽ ﻣﺨﺼﻮﺹ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﻤﺎﺛﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﺪ، ﺃﻭ ﻣﻊ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﻟﻴﻦ، ﺃﻭ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ. ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ: ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻫﻮ المنفرد، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻣﺎﺕ ﻋﻨﻪ ﺃﺑﻮﻩ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﻠﻢ؛ ﺃﻱ: ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺒﻠﻎ، ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ لا ﻳﺴﻤﻰ ﻳﺘﻴﻤًا ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ. ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ الإﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ -: "ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ ﻓﻲ الآﺩﻣﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﻓﻘﺪ ﺃﺑﺎﻩ؛ لأﻥ ﺃﺑﺎﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺬﺑﻪ، ﻭﻳﺮﺯﻗﻪ، ﻭﻳﻨﺼﺮﻩ، ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ؛ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺗﺎﺑﻌًا ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻮﺍﻟﺪﻩ، ﻭﻛﺎﻥ ﻧﻔﻘﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺣﻀﺎﻧﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ".
ذات صلة