تفسير ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب [ ص: 30]
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) القول في تأويل قوله تعالى: وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) يقول تعالى ذكره ( وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ) ابنه ولدا ( نِعْمَ الْعَبْدُ) يقول: نعم العبد سليمان ( إِنَّهُ أَوَّابٌ) يقول: إنه رجاع إلى طاعة الله توّاب إليه مما يكرهه منه. وقيل: إنه عُنِي به أنه كثير الذكر لله والطاعة. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: شي عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) قال: الأواب: المسبّح. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة ص - الآية 30. حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) قال: كان مطيعًا لله كثير الصلاة. حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله ( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) قال: المسبِّح. والمسبِّح قد يكون في الصلاة والذكر. وقد بيَّنَّا معنى الأوّاب, وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه فيما مضى بما أغنى عن إعادته هاهنا.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة ص - الآية 30
17 يوليو, 2012 بصائر التوحيد, رمضان
4187 زيارة
قال الرَّاغب في مفردات ألفاظ القرآن: (الأوبُ ضربٌ من الرُّجوع، وذلك أنَّ الأوب لا يقال إلاَّ في الحيوان الذي له إرادة، والرُّجوع يقال فيه وفي غيره، يقال: آب أوباً وإياباً ومآباً. قال الله تعالى: { إنَّ إلينا إيابهم} وقال: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا}. (النبأ:39). والمآب مصدرٌ منه واسم الزمان والمكان، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ}. (آل عمران:14). والأوَّاب كالتوَّاب، وهو الرَّاجع إلى الله تعالى بترك المعاصي وفعل الطاعات، قال تعالى: { أَوَّابٍ حَفِيظٍ}. (ق:32)، وقال: {إنَّه أوَّاب} ومنه قيل للتوبة: أوبة). وفي تهذيب اللغة للأزهري: (قال الله تعالى: {يا جبال أوِّبي مَعَه والطَّيْر}: وقرأ بعضهم: (يا جبال أُوبي معه). فمن قرأ: {أَوِّبي معه} ، معناه: رَجِّعي معه التسبيح. تفسير ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب [ ص: 30]. ومن قرأ: (أوبي معه)، فمعناه: عودي معه في التسبيح كلما عاد فيه. قال أهل اللغة: الأوَّاب: الرجَّاع الذي يرجع إلى التوبة والطَّاعة؛ من: آب يؤوب، إذا رجع، قال الله تعالى: {لكل أوّاب حَفيظ}. قال أبو بكر: في قولهم: (رجل أوّاب) سبعةُ أقوال: قال قومٌ: الأوّاب: الرَّاحم؛ وقال قوم: الأوّاب: التائب؛ وقال سعيد بن جُبير: الأوّاب: المُسبِّح؛ وقال ابن المسيّب: الأوَّاب: الذي يُذنب ثمَّ يتوب، ثمَّ يذنب ثمَّ يتوب.
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن رمضان شهر العبادة والعبودية، على أن العبادة أخص والعبودية أعم، فليس كل عابد عبدًا ربانيًّا، وكل عبد رباني عابدٌ محقق للعبادة بمفهومها الأعم: أداءً للفرائض والنوافل ، وعمارةً للكون ، وصنعًا للحياة ، فالعبودية هي أن تكون سائر حركاتك وسكناتك لله (عز وجل) موقنًا بربوبيته، شاكرًا لأنعمه، فقد كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، ولما سألته أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها): يا رسول الله أتصنعُ هذا ، وقد غُفِرَ لك ما تقدم مِن ذنبِك وما تأخر، فقال (صلى الله عليه وسلم): "يا عائشةُ أفلا أكون عبدًا شكورًا". وأضاف جمعة في خاطرة له عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك": "ولمقام العبودية من التعبد والخضوع، والتذلل والخشوع، ورفع الأيدي وسفح الدموع بين يدي عالم السر والنجوى وكاشف الضر والبلوى، أحوال تدرك ولا توصف، وأسرار لا يباح بها، فالعبودية هي مقام الأصفياء لا الأدعياء". ومقام العبودية هو مقام الصفاء والنقاء، وكيف لا يكون كذلك وهو مقام التسليم والخضوع والانقياد المطلق لله (عز وجل), وحسن الاعتماد والتوكل عليه، والاطمئنان بما عنده، بأن يكون الإنسان بما عند الله (عز وجل) أوثق منه بما في يده، مرتكنًا إلى قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"، وقوله تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا".