فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس بأول رسول طرق العالم، بل جاءت رسل كثر قبله، ولذلك يقول لهم:) قل ما كنت بدعا من الرسل ( (الأحقاف: ٩) ، فما أنا بالأمر الذي لا نظير له حتى تستنكروني وتستبعدوا بعثتي إليكم؛ فإنه قد أرسل الله - عز وجل - قبلي جميع الأنبياء إلى الأمم. إنكار رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وبعثته. ولذلك فإن قول المشركين:) ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق (7) ( (ص) يتضمن اتهاما للنبي بالكذب على الله، ولعلهم يقصدون بالملة الآخرة دين النصارى، وعليه فالمشركون هنا يستدلون على بطلان توحيد الإله، وبعثة النبي بدين النصارى الذي لم يثبت فيه ذلك، وهذا كذب وافتراء، فالتوحيد دعوة جميع رسل الله، وبعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بشرت بها كتبهم وأنبياؤهم. وإنكار هؤلاء المشركين لم يريدوا به إنكار تجويز أصل الرسالة عن الله، وإنما مرادهم استقصاء الاستبعاد، وهذا هو الأصل الثاني من أصول كفرهم، وهو أصل إنكار بعثة رسول منهم، أما أصلهم الأول فهو إنكار أصل الرسالة. ولهذا كان قوله - صلى الله عليه وسلم - كما حكى القرآن:) قل ما كنت بدعا من الرسل ( ردا صالحا على نصارى زماننا الذين طعنوا في نبوته بمطاعن لا منشأ لها إلا تضليل وتمويه على عامتهم.
كيف كان يرد الأنبياء 2 ؟
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) ثم درى أو علم من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعد ذلك ما يفعل به, يقول إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) قال: قد بين له أنه قد غفر من ذنبه ما تقدم وما تأخر. كيف كان يرد الأنبياء 2 ؟. وقال آخرون: بل ذلك أمر من الله جلّ ثناؤه نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقوله للمشركين من قومه ويعلم أنه لا يدري إلام يصير أمره وأمرهم في الدنيا, أيصير أمره معهم أن يقتلوه أو يخرجوه من بينهم, أو يؤمنوا به فيتبعوه, وأمرهم إلى الهلاك, كما أهلكت الأمم المكذّبة رسلها من قبلهم أو إلى التصديق له فيما جاءهم به من عند الله. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا أبو بكر الهذليّ, عن الحسن, في قوله ( وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) فقال: أما في الآخرة فمعاذ الله, قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل, ولكن قال: وما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا, أخرج كما أخرجت الأنبياء قبلي أو أُقتل كما قُتلت الأنبياء من قبلي, ولا أدري ما يفعل بي ولا بكم, أمتي المكذّبة, أم أمتي المصدّقة, أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفا, أم مخسوف بها خسفا, ثم أوحي إليه: وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ يقول أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك, فعرف أنه لا يُقتل.
إنكار رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وبعثته
ثم أنزل الله - عز وجل -: ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا) يقول: أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الأديان ، ثم قال له في أمته: ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) فأخبره الله ما يصنع به ، وما يصنع بأمته. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما أدري ما يفترض علي وعليكم ، أو ينزل من حكم ، وليس يعني ما أدري ما يفعل بي ولا بكم غدا في المعاد من ثواب الله من أطاعه ، وعقابه من كذبه. وقال آخرون: إنما أمر أن يقول هذا في أمر كان ينتظره من قبل الله - عز وجل - في غير الثواب والعقاب. وأولى الأقوال في ذلك بالصحة وأشبهها بما دل عليه التنزيل ، القول الذي قاله الحسن البصري ، الذي رواه عنه أبو بكر الهذلي. وإنما قلنا ذلك أولاها بالصواب لأن الخطاب من مبتدأ هذه السورة إلى هذه الآية ، والخبر خرج من الله - عز وجل - خطابا للمشركين وخبرا عنهم ، وتوبيخا لهم ، واحتجاجا من الله - تعالى ذكره - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - عليهم. فإذا كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن هذه الآية أيضا سبيلها سبيل ما قبلها وما بعدها في أنها احتجاج عليهم ، وتوبيخ لهم ، أو خبر عنهم.
حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) ثم دري أو علم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك ما يفعل به ، يقول ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر). حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) قال: قد بين له أنه قد غفر من ذنبه ما تقدم وما تأخر. وقال آخرون: بل ذلك أمر من الله - جل ثناؤه - نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقوله للمشركين من قومه ويعلم أنه لا يدري إلام يصير أمره وأمرهم في الدنيا ، أيصير أمره معهم أن يقتلوه أو يخرجوه من بينهم ، أو يؤمنوا به فيتبعوه ، وأمرهم إلى الهلاك ، كما أهلكت الأمم المكذبة رسلها من قبلهم ، أو إلى التصديق له فيما جاءهم به من عند الله. حدثنا ابن حميد قال: ثنا يحيى بن واضح قال: ثنا أبو بكر الهذلي ، عن الحسن في قوله ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) فقال: أما في الآخرة فمعاذ الله ، قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل ، ولكن قال: وما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا ، أخرج كما أخرجت الأنبياء قبلي أو أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي ، ولا أدري ما يفعل بي ولا بكم ، أمتي المكذبة ، أم أمتي المصدقة ، أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفا ، أم مخسوف بها خسفا ، ثم أوحي إليه: ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس) يقول أحطت لك بالعرب [ ص: 101] أن لا يقتلوك ، فعرف أنه لا يقتل.
و الرسول صلى الله عيه وسلم وهو يدفن أبنه أم كلثوم بجوار أختها رقية رضي الله عنها في البقيع كان يردد قول الله تعالى في سورة طه" مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى" صدق الله العظيم، وحين توفت السيدة أم كلثوم كان عمرها سبعة وعشرون عام. السيدة فاطمة بنت رسول الله السيدة فاطمة أبنة رسول الله هي الابنة الصغرى للرسول صلى الله عليه وسلم، كما إن فاطمة رضي الله عنها ولدت قبل نزول الوحي بفترة وجيزة، فهاجرت مع أبيها إلى المدينة المنورة، وتزوجت من أبن عم أبيها علي بن أبي طالب رضي الله عنه في العام الثاني من الهجرة، فقدم لها الإمام علي رضي الله عنه درعاً كان يملكه كمهر لها، إذ كانت تلقب فاطمة باسم فاطمة الزهراء. أسباب وفاة بنات الرسول .. وكم أعمارهم عند ذلك - Step Video Graph. السيدة فاطمة أحد أعظم النساء في الدين الإسلامي، إذ إنها أقرب الناس لقلب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال عنها النبي" حسبك من نساء العالمين، مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون". وفي العام الحادي عشر من الهجرة، وهو نفس العام الذي توفى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، توفت السيدة فاطمة رصي الله عنها، في شهر رمضان حيث انتقلت إلى الرفيق الأعلى مع أحبتها، ودفنت في البقيع بجوار أخواتها، في عمر الخامسة والعشرون من عمرها، والبعض يقول أن حينها كان عمرها تسعة وعشرون عام.
أسباب وفاة بنات الرسول .. وكم أعمارهم عند ذلك - Step Video Graph
بتصرّف. ↑ الموسوعة التاريخية (الدرر السنية)، مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي السقاف ، صفحة 244، جزء 1. بتصرّف. ↑ إجلاء الحقيقة في سيرة عائشة الصديقة (2011)، ياسين الخليفة الطيب المحجوب (الطبعة 1)، السعودية:مؤسسة الدرر السنية، صفحة 17. بتصرّف. ↑ أمنا عائشة، شحاتة صقر ، الإسكندرية:دار الخلفاء الراشدين، صفحة 19-20-22-25-، جزء 1. بتصرّف. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمرو بن العاص، الصفحة أو الرقم:2384، صحيح.
بعد وقت وجيز عوض الله السيدة رقية خيراً، فتقدم لخطبتها عثمان بن عفان، المسلم الحق صاحب الحسب والنسب، ذي المال والعفة، المبشر بالجنة عثمان بن عفان، فوافق الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، وسال حينها ابنته وحين رأى إنها موافقة بحب وكرامة، تم الزيجة المباركة، ولكن قريش كانوا دائماً أسوأ مثال لأناس، فقد كرهوا الزيجة. هاجر عثمان بن عفان رضي الله عنه، مع زوجته الحبيبة إلى بلاد الحبشة، وهي الهجرة الأولى لهم، وذلك لقول الرسول عليه الصلاة والسلام "إن بالحبشة ملك لا يظلم عنده أحد، فوخرجتم إليه حتى يجعل الله لكم فرجاً"، وهناك ولدت السيدة رقية ولداً واسمته عبد الله. بعد فترة عاد عثمان أبن عفان وزوجته السيدة رقية إلى بلادهم الحبيبة، ثم هاجروا مرة أخرى من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فسميت حينها السيدة رقية ذات الهجرتين، نسبة إلى هجرتها مرة للحبشة ومرة إلى المدينة. وفي العام الثاني من الهجرة مرضت السيدة رقية مرضت شديد، حيث أصابتها الحمى، وفي هذا الحين كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجهز لغزوة بدر، فجلس عثمان أبن عفان وأسامة أبن زيد ليرعوها، وعندما وصل زيد أبن الحارثة بالبشارة بفوز المسلمين في الحرب، توفيت السيدة رقية، في عمر الثانية والعشرون من عمرها، ودفنت في البقيع.