" السخرية والاستهزاء "
ذمُّ السخرية والاستهزاء والنهي عنهما:
أولًا: في القرآن الكريم:
- قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " [الحجرات: 11]. قال ابن كثير: (ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم،... فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدرًا عند الله، وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له؛... وقوله: " وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ " أي: لا تلمزوا الناس، والهماز اللماز من الرجال مذموم ملعون... وقوله: " وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ " أي: لا تتداعوا بالألقاب، وهي التي يسوء الشخص سماعها) [تفسير ابن كثير]. السخرية والاستهزاء بالاخرين. - وقوله: " أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ " [الزمر: 56]. قال ابن كثير: (قوله: " وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ " أي: إنما كان عملي في الدنيا عمل ساخر مستهزئ غير موقن مصدق) [تفسير القرآن العظيم].
السخرية والاستهزاء بالآخرين من الاضرار (1 نقطة) - موج الثقافة
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا- قال غير مسدد: تعني قصيرة- فقال:"لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته". فبإشارة صغيرة حذر رسولنا الكريم السيدة عائشة من الوقوع في إثم كبير، ما بالك بمن تكن السخرية لديه أساس في حديثه ولا يراعي أحد!. السخرية والاستهزاء من الصفات السيئة التي كانت منتشرة بشكل كبير في الجاهلية وبين الكفار. والتمييز العنصري والاستهزاء بالآخرين جاء الإسلام الحنيف وحذر منها، وقام بتحريمها تمامًا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا فرق بين عربي ولا أعجمي، ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى". فيأتي المستهزئ يوم القيامة ويجد جبال من الذنوب لا يعلم عنها شيئًا، وتكن نتيجة لسانه، ونتيجة استهزائه بكل المحيطين به. السخرية والاستهزاء بالآخرين من الاضرار (1 نقطة) - موج الثقافة. ينفر الكل من سيء اللسان، ويبتعدون عنه خوفًا من أذاهم، ويكن المستهزئ وحيد في النهاية. كما يفقد مروءته ورجولته، فيكون قد فقد لكل معاني الشهامة والوقار. بعد المحتوى
فالمجتمع المسلم عالم نقي نظيف عف اللسان ، وعف السريرة، عالم له أدب مع الله، وأدب مع رسوله، وأدب مع نفسه، وأدب مع غيره، وشرائعه تكفل حماية كرامة كل شخص. ومن أعظم ما يعين المسلم على الابتعاد عن ذلك الخلق الذميم، العلم بأن من سخر منه سيأخذ من حسناته يوم القيامة ، فإن لم يكن له حسنات حُمّل عليه من أوزاره وسيئاتهم بقدر إساءته، وكفى بذلك رادعًا لأصحاب القلوب الحية، التي تستشعر أخذ حسناتها فإذا فرغت الحسنات أخذ من سيئاتهم فوضع عليه ثم ألقي في النار ، فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه؛ وهذا من أشد الغبن. ففي "الصحيح" عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "أتدرون ما المفلس؟"، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار". فالواجب عليك التوبة إلى الله والندم على الذنب، والعزم على عدم العود لها مستقبلاً، والإكثار من الأعمال الصالحة، والكثار من ذكر الله ؛ فالذكر حرز من الوقوع في معصية الله؛ قال سبحانه: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]، أي فذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية، كما قال البغوي في "تفسيره".