تفسير و معنى الآية 56 من سورة الذاريات عدة تفاسير - سورة الذاريات: عدد الآيات 60 - - الصفحة 523 - الجزء 27. ﴿ التفسير الميسر ﴾
وما خلقت الجن والإنس وبعثت جميع الرسل إلا لغاية سامية، هي عبادتي وحدي دون مَن سواي. ﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» ولا ينافي ذلك عدم عبادة الكافرين، لأن الغاية لا يلزم وجودها كما في قولك: بريت هذا القلم لأكتب به، فإنك قد لا تكتب به. قال تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون الآية تدل على 1 نقطة - منبع الحلول. ﴿ تفسير السعدي ﴾
هذه الغاية، التي خلق الله الجن والإنس لها، وبعث جميع الرسل يدعون إليها، وهي عبادته، المتضمنة لمعرفته ومحبته، والإنابة إليه والإقبال عليه، والإعراض عما سواه، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى، فإن تمام العبادة، متوقف على المعرفة بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه، كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم. ﴿ تفسير البغوي ﴾
( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) قال الكلبي والضحاك وسفيان: هذا خاص لأهل طاعته من الفريقين ، يدل عليه قراءة ابن عباس: " وما خلقت الجن والإنس - من المؤمنين - إلا ليعبدون " ، ثم قال في أخرى: " ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس " ، ( الأعراف - 79).
وما خلقت الجن والانس الاليعبدون
قالَ اللهُ تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ... وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. } الآياتِ:
أي: وإنَّ للَّذينَ ظلمُوا وكذَّبُوا محمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مِن العذابِ والنَّكالِ {ذَنُوبًا} أي: نصيبًا وقسطًا مثلَ ما فُعِلَ بأصحابِهم مِن أهلِ الظُّلمِ والتَّكذيبِ. {فَلا يَسْتَعْجِلُونِ} بالعذابِ، فإنَّ سنَّةَ اللهِ في الأممِ واحدةٌ، فكلُّ مُكذِّبٍ يدومُ على تكذيبِهِ مِن غيرِ توبةٍ وإنابةٍ فإنَّهُ لا بدَّ أنْ يقعَ عليهِ العذابُ، ولو تأخَّرَ عنهُ مدَّةً، ولهذا توعَّدَهم اللهُ بيومِ القيامةِ، فقالَ: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} وهوَ يومُ القيامةِ، الَّذي قد وُعِدُوا فيهِ بأنواعِ العذابِ والنَّكالِ والسَّلاسلِ والأغلالِ، فلا مُغيثَ لهم، ولا مُنقِذَ لهم مِن عذابِ اللهِ تعالى نعوذُ باللهِ منهُ. انتهَتِ السُّورةُ
- الشيخ: نعوذُ باللهِ من عذابِ اللهِ، نعوذُ باللهِ.
وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون سورة
وفي الحديث عن أنس قال: قال أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: يا رسول الله، إنَّا إذا كنا عندك رأينا في أنفسنا ما نُحب، وإذا رجَعنا إلى أهلينا فخالطناهم أَنكرنا أنفسنا، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لو تُدومون على ما تكونون عندي في الخلاء لصافحتْكم الملائكة حتى تُظلَّكم بأجنحتها عَيانًا، ولكن ساعة وساعة)). مرحباً بالضيف
وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون
فليس كل الجن يمثلون الشر، بل فيهم المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، ولكن تمحض من الجن للشر إبليس وذريته كما قال سبحانه: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)} [البقرة: 34]. والمؤمنون من الجن يعرفون عظمة الله وقدرته، ويدركون أنهم لا يستطيعون الهرب من سلطانه، ولا الإفلات من قبضته، كما حكى الله عنهم أنهم قالوا: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12)} [الجن: 12]. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون سورة. وهم يتأثرون بسماع الهدى كالإنس فيؤمنون، وهم مطمئنون إلى عدل الله وقدرته، مؤمنون أن الله لا يبخس المؤمن حقه، ولا يرهقه فوق طاقته. والجن كالإنس في الهدى والضلال، والجزاء على الهدى أو الضلال كما قال سبحانه: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)} [الجن: 14، 15]. فالجن كالإنس يعذبون بالنار، وينعمون بالجنة، حسب إيمانهم وأعمالهم، وكل ميسر لما خلق له. والله عزَّ وجلَّ أمر الإنس والجن بعبادته، وأعطاهم القدرة على امتثال الأوامر والعمل بالشرع، وأعطى كل جنس من الطاقات والقدرات ما يناسب حاله.
فهذا بيان واضح أن الاستقامة أن يتعبد لله بما أُمر، لا بما أراد، ولذلك لم يقل كما أردت، وإنما قال كما أُمرت. قال تعالى: ﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16]. ولا تتحقق الاستقامة في عبادة الله إلا أن يكون العبد سويًّا في نفسه، وأن يكون سيره على الطريق القويم الذي وردت به الشريعة، وهذا هو ميزان المتقين. إعراب قوله تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون الآية 56 سورة الذاريات. قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22]. وما خلق الله الموت والحياة، أجيال تفنى وأجيال تحيا، إلا لتحقيق هذا الغرض، قال تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [لملك: 1-2]. قال الفضيل بن عياض: «أحسن عملًا: أخلصه وأصوبه، وقال: إن كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص ما كان لله ، والصواب ما كان على السنة» [7]. والعبادة الصحيحة التي يقبلها الله هي السير على الصراط المستقيم دون إفراط أو تفريط، قال الله تعالى: ﴿ يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴾ [يس: 1-5].