كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الفئات وأخبرهم بأن الله أعد لهم عذاب شديدًا. الأول: الشيخ الزاني
سنقوم بتوضيح هذه الفئة التي سيعاقبها الله عقابًا شديدًا فيما يلي:
هناك لفظ آخر ورد غير الشيخ الزاني وهو أشيمط زانٍ، والأشيمط هو تصغير أشمط ومعناه الشيب، وذلك فيه إقلال من شأن الفاعل وتحقيرًا له. لأنه ارتكب فاحشة كبيرة وهي الزنا رغم أنه بعيدّا عنها جدًا، كما أنه وصل لسن ضعفت فيه شهوته. فيدل ذلك أن المعصية بها طبيعة وعادة للفاعل. كما أن زنا الشيخ أشد من زنا الشاب حيث أن الشاب تتحكم فيه شهوته وتكون دافعة له لارتكاب فاحشة الزنا. وتكون أكبر من دافع الشيخ كبير السن. والجدير بالذكر أن الزنا بكل أحوالها من الفواحش الكبرى ولابد الابتعاد عنها سواء كان شيخ كبير أو شاب في مقتبل العمر. ما صحة حديث «ثلاثة لا ينظر الله إليهم...». مقالات قد تعجبك:
الثاني: الملك الكذاب
سنوضح هذه الفئة بشكل مفصل فيما يلي:
إن الملك هنا هو من يتولى أمور الرعية، ويجب أن توافق أقواله الأفعال التي يقوم بها كما أنه لا يحتاج للكذب في شيء. كما أن الملك كلمته عليا بين قومه، ويجب أن يكون صريح مع رعيته ويخبرهم بما يرفضه أو يوافق عليه. وإذا لم تتواجد صفة الصدق في الحاكم فيكون ضمن ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، كما أن لفظ كذاب بها مبالغة لكبر الذنب.
الدرر السنية
ومن ذلك ما سمعتم في الحديث, فإن عقوبة الزاني تتفاوت, وأشدها عندما تضعف دواعيها, خصوصاً إذا كان شيخا كبيراً - وهو الأشيمط الزاني - ذُكِرَ بهذه الصيغة تصغيراً وتحقيراً له, لأن داعي المعصية ضعيف في حقه, فدل على أن الحامل له على الزنا: محبة المعصية والفجور, وعدم خوفه من الله. وضَعْفُ الداعي إلى المعصية مع فعلها يوجب تغليظ العقوبة عليه. الثاني: عائل مستكبر:
والعائل هو الفقير. وإن كان الكبر محرما على الجميع, قال الله العلي الكبير في الحديث القدسي: ( الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ثلاث لا ينظر الله اليهم يوم القيامة ولا يكلمهم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون إلى سجن في جهنم يسمى: بولس تعلوهم نار الأنيار ، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال) رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه. ودواعي الكبر كثيرة, كالملك والجاه والمال والمنصب والجمال والعلم, وهو محرمٌ تحريماً شديداً مهما كانت دواعيه, ولكن يشتد التحريم ويعظم الذنب, إذا حصل ممن ليس له ما يدعوه إلى الكبر والتعالي, كالفقير, لأن الفقير لا داعي له إلى أن يستكبر، لأن استكباره مع عدم الداعي إليه يدل على أن الكبر طبعٌ له ، كامن في قلبه ، فعظمت عقوبته لعدم الداعي إلى هذا الخلق الذميم الذي هو من أكبر المعاصي
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين إنك أنت الغفور الرحيم.
ما صحة حديث «ثلاثة لا ينظر الله إليهم...»
هذا مع الكذب في العهد، وإضمار السوء. حقارة النفس تجمع بين شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر:
وأما الشيخ الزاني، والملك الكذاب والعائل المستكبر فإن الجامع بين هؤلاء الثلاثة هو أن كلاً منهم ليس بحاجة إلى ما يفعله من المعصية بل هو في الأصل مستغن عنها، فما حاجة الشيخ -وهو الكبير الهرم- إلى الزنا، وقد لا يتحصل له ذلك إلا بمنشطات ومثيرات، وكلفة على البدن، وتكلف.... فلماذا وقد كُفِي شر هيجان الباءة، وأغتلام الشهوة، وشدة الحاجة!! ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة من هم ؟ – كنوز التراث الإسلامي. لماذا تكلف المعصية، وسقوط المروءة!! وأما الملك فإنه لملكه وسلطانه مستغن عن الكذب، فإن الكذب قد يلجأ إليه الفقير المحتاج أو الضعيف الذليل، وأما من كان بيده الأمر والنهي، وتحت يده الأموال والأرزاق، ولا يخشى من غيره فما حاجـة مثل هذا إلى الكذب، فإن كذب الملك دل على سقوط مروءته وحقارة نفسه، ومثل هذا يقابل بسخط الله، وعقوبته. وأما العائـل -وهو ذو العيال- المحتاج فما حاجته إلى الكبر، وليس عنده من مؤهلاته التي يتذرع بها أهل الكبر شيء!! فإن الدافع إلى الكبر عند أهل الكبر هو المال والاستغناء عن الناس أو الجاه والحسب، وأما من كان فقيراً لا مال له، وهو محتاج إلى غيره فتكبره أمر غليظ... فالكبر كله شر، ولكنه أشر من عائل محتاج يتكبر ويزهو!!
ثلاث لا ينظر الله اليهم يوم القيامة ولا يكلمهم
في الحديث الأول يقول عليه الصلاة والسلام: سيحون وجيحون والنيل والفرات كل من أنهار الجنة هذه أصلها من أنهار الجنة، وهي في الدنيا لكن الله جل وعلا جعل أصلها في الجنة، ويسر منها هذه النماذج في هذه الدنيا، وهي معروفة: النيل والفرات وسيحون وجيحون، كلها معروفة أنهار عظيمة نفع الله بها العباد.
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة - مقال
الأول: من يمنع الماء عن محتاجة
سنذكر هذا النوع بالتفصيل فيما يلي:
إن الفئة المقصودة هنا هم من يمتلكون مزرعة، أو بئر، أو أي مورد للمياه في مكان يخلو من السكان، وكان يمر على هذا المكان بعض الناس المسافرين. فقد حرم الله منع الماء عن البهائم، فكيف لو حرمها العبد على إنسان مثله انقطعت به السبل ولجأ إليه. وليدخل الشخص في هذا الحديث، يجب أن يكون عنده ماء زائد عن حاجته وامتنع عن إعطائه لمن يحتاج. الثاني: الحلف على البيع
سنتعرف فيما يلي على هذه الفئة التي ورد ذكرها في الحديث:
المقصود بالحلف على البيع في الحديث هو الحلف في الوقت بعد العصر بالتحديد. وكان الناس عادته تحلف في هذا الوقت حيث يكون السوق قرب أن ينفض. كما أن هذا الوقت ترفع فيه أعمال العبد، فإذا رفع أخر عمل وكان معصية فتعظم المعصية ويكبر الذنب. كما أن الحلف الكذب يعتبر من الكبائر، مما يكون فيه اجتراء على الله والبعد عن تعظيمه. الثالث: رجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا
سنتعرف على هذه الفئة بالتفصيل فيما يلي:
وهذه الفئة المقصودة هو الرجل الذي يبايع إمامًا لأمر ديني، ولكنه يبغي بذلك أمر لمصلحته الشخصية ولكسب الدنيا. حيث أن مبايعة الإمام واجبة شرعًا، سواء كان الإمام خاصًا لمنطقة بعينها أو عامّا.
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة من هم ؟ – كنوز التراث الإسلامي
45/1852- وَعنْ أبي هريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: ثَلاثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمْ اللَّه يوْمَ الْقِيَامةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلا ينْظُرُ إلَيْهِمْ، ولَهُمْ عذَابٌ أليمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِل مُسْتَكْبِرٌ رواهُ مسلم. 46/1853- وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: سيْحَانُ وجَيْحَانُ وَالْفُراتُ والنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أنْهَارِ الْجنَّةِ رواهُ مسلم. 47/1854- وَعَنْهُ قَال: أخَذَ رَسُولُ اللَّه ﷺ بِيَدِي فَقَالَ: خَلَقَ اللَّه التُّرْبَةَ يوْمَ السَّبْتِ، وخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الأحَد، وخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الإثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأرْبَعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الخَمِيسِ، وخَلَقَ آدَمَ ﷺ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوم الجُمُعَةِ في آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الَّليلِ. رواه مسلم. الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة فيها فوائد وأحكام متعددة عن النبي عليه الصلاة والسلام.
ثَلَاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ علَى سِلْعَةٍ لقَدْ أَعْطَى بهَا أَكْثَرَ ممَّا أَعْطَى، وَهو كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ علَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ؛ لِيَقْتَطِعَ بهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ، فيَقولُ اللَّهُ: اليومَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كما مَنَعْتَ فَضْلَ ما لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ. الراوي: أبو هريرة | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2369 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
التخريج: أخرجه البخاري (2369)، ومسلم (108)
شرح الحديث:
إلْحاقُ الضَّررِ والأَذى بالنَّاسِ أمْرٌ مُستقبَحٌ في الدُّنيا، وجالبٌ لِصاحِبِه الخُسرانَ والبَوارَ في الآخرةِ. وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ثَلاثةِ أصنافٍ من النَّاسِ لا يَنظُرُ اللهُ إليهم يَومَ القيامةِ نَظَرَ رَحْمةٍ وعطْفٍ وإحسانٍ، ولا يُكلِّمُهم بما يَسُرُّهم، وفي رِوايةٍ أُخرى للبُخاريِّ زِيادةُ: «وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»، أي: لا يُطهِّرُهم مِنَ الذُّنوبِ بالمَغفرةِ، ولا يُثْني عليهم، بلْ يَسخَطُ عليهم ويَنتقِمُ منهم.