وثانيهما: هو التوحيد والحشر وهو أظهر ، وقوله: ( لقرآن) ابتداء كلام وسنبين ذلك. المسألة الثانية: ما الفائدة في وصفه بالعظيم في قوله: ( وإنه لقسم) فنقول: لما قال: ( فلا أقسم) وكان معناه: لا أقسم بهذا لوضوح المقسم به عليه. قال: لست تاركا للقسم بهذا ؛ لأنه ليس بقسم أو ليس بقسم عظيم ، بل هو قسم عظيم ولا أقسم به ، بل بأعظم منه أقسم لجزمي بالأمر وعلمي بحقيقته. ولا اقسم بمواقع النجوم. المسألة الثالثة: اليمين في أكثر الأمر توصف بالمغلظة والعظم يقال في المقسم: حلف فلان بالأيمان العظام ، ثم تقول في حقه يمين مغلظة ؛ لأن آثامها كبيرة. وأما في حق الله عز وجل فبالعظيم وذلك هو المناسب ؛ لأن معناه هو الذي قرب قوله من كل قلب وملأ الصدر بالرعب لما بينا أن معنى العظيم فيه ذلك ، كما أن الجسم العظيم هو الذي قرب من أشياء عظيمة وملأ أماكن كثيرة من العظم ، كذلك العظيم الذي ليس بجسم قرب من أمور كثيرة ، وملأ صدورا كثيرة.
- تفسير قول الله تعالى وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. - إسلام ويب - مركز الفتوى
تفسير قول الله تعالى وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. - إسلام ويب - مركز الفتوى
( 10)
يقول الفلكيون: إنّ من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدة بلايين نجم، ما يمكن روَيته بالعين المجردة، وما لا يرى إلاّ بالمجاهر والاَجهزة، وما يمكن أن تحس به الاَجهزة دون أن تراه، هذه كلّها تسبح في الفلك الغامض، ولا يوجد أيّ احتمال أن يقترب مجال مغناطيسي لنجم من مجال نجم آخر، أو يصطدم كوكب بآخر إلاّ كما يحتمل تصادم مركب في البحر الاَبيض المتوسط بآخر في المحيط الهادي يسيران في اتجاه واحد وبسرعة واحدة، وهو احتمال بعيد وبعيداً جداً، إن لم يكن مستحيلاً. ( 11). 1 - الواقعة:75ـ 79. 2 - مفردات الراغب:530، مادة وقع. 3 - التكوير:15ـ 16. تفسير قول الله تعالى وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. - إسلام ويب - مركز الفتوى. 4 - الطور:49. 5 - الحج:18. 6 - البروج: 21 ـ 22. 7 - عبس: 13 ـ 16. 8 - البقرة:228. 9 - الشعراء:210ـ211. 10 - أسرار الكون في القرآن:192. 11 - اللّه والعلم الحديث:24.
وإما لكون المقسم به فوق ما يقسم به ، والمقسم صار يصدق نفسه فيقول لا أقسم يمينا بل ألف يمين ، ولا أقسم برأس الأمير بل برأس السلطان ، ويقول: لا أقسم بكذا مريدا لكونه في غاية الجزم. والثاني: يدل عليه أن هذه الصيغة لم ترد في القرآن ، والمقسم به هو الله تعالى أو صفة من صفاته ، وإنما جاءت أمور مخلوقة والأول لا يرد عليه إشكال إن قلنا إن المقسم به في جميع المواضع رب الأشياء كما في قوله: ( والصافات) [ الصافات: 1] المراد منه رب الصافات ورب القيامة ورب الشمس إلى غير ذلك فإذا قوله: ( فلا أقسم بمواقع النجوم) أي: الأمر أظهر من أن يقسم عليه ، وأن يتطرق الشك إليه. المسألة الرابعة: مواقع النجوم ما هي ؟ فنقول: فيه وجوه:
الأول: المشارق والمغارب أو المغارب وحدها ، فإن عندها سقوط النجوم. الثاني: هي مواضعها في السماء في بروجها ومنازلها. الثالث: مواقعها في اتباع الشياطين عند المزاحمة. الرابع: مواقعها يوم القيامة حين تنتثر النجوم ، وأما مواقع نجوم القرآن فهي قلوب عباده وملائكته ورسله وصالحي المؤمنين ، أو معانيها وأحكامها التي وردت فيها.