قال: فلك واحدة ، فما الذي تريدين ؟ قالت: ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل. فدعا الله ، فجعلها أجمل امرأة في بني إسرائيل ، فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه ، وأرادت شيئا آخر ، فدعا الله أن يجعلها كلبة ، فصارت كلبة ، فذهبت دعوتان. فجاء بنوها فقالوا: ليس بنا على هذا قرار ، قد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها ، فادع الله أن يردها إلى الحال التي كانت عليها ، فدعا الله ، فعادت كما كانت ، فذهبت الدعوات الثلاث ، وسميت البسوس. غريب. وأما المشهور في سبب نزول هذه الآية الكريمة ، فإنما هو رجل من المتقدمين في زمن بني إسرائيل ، كما قال ابن مسعود وغيره من السلف. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: هو رجل من مدينة الجبارين ، يقال له: " بلعام " وكان يعلم اسم الله الأكبر. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغيره من علماء السلف: كان [ رجلا] مجاب الدعوة ، ولا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه. تفسير قوله تعالى:{واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين}. - محمد بن صالح العثيمين - طريق الإسلام. وأغرب ، بل أبعد ، بل أخطأ من قال: كان قد أوتي النبوة فانسلخ منها. حكاه ابن جرير ، عن بعضهم ، ولا يصح وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: لما نزل موسى بهم - يعني بالجبارين - ومن معه ، أتاه يعني بلعام - أتاه بنو عمه وقومه ، فقالوا: إن موسى رجل حديد ، ومعه جنود كثيرة ، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا ، فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه.
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأعراف - الآية 175
- تفسير قوله تعالى:{واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين}. - محمد بن صالح العثيمين - طريق الإسلام
- الناكصون على أعقابهم (1) (آتيناه آياتنا فانسلخ منها)
- {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها...} [الأعراف: 175- 176] - YouTube
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأعراف - الآية 175
وكان عندهم فيما شاء من الدنيا ، غير أنه كان لا يستطيع أن يأتي النساء ، يعظمهن فكان ينكح أتانا له ، وهو الذي قال الله تعالى) فانسلخ منها)
وقوله: ( فأتبعه الشيطان) أي: استحوذ عليه وغلبه على أمره ، فمهما أمره امتثل وأطاعه; ولهذا قال: ( فكان من الغاوين) أي: من الهالكين الحائرين البائرين. 5- وقد ورد في معنى هذه الآية حديث رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده حيث قال: حدثنا محمد بن مرزوق ، حدثنا محمد بن بكر ، عن الصلت بن بهرام ، حدثنا الحسن ، حدثنا جندب البجلي في هذا المسجد; أن حذيفة - يعني ابن اليمان ، رضي الله عنه - حدثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن مما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن ، حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان ردء الإسلام اعتراه إلى ما شاء الله ، انسلخ منه ، ونبذه وراء ظهره ، وسعى على جاره بالسيف ، ورماه بالشرك ". قال: قلت: يا نبي الله ، أيهما أولى بالشرك: المرمي أو الرامي ؟ قال: " بل الرامي ". القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأعراف - الآية 175. هذا إسناد جيد والصلت بن بهرام كان من ثقات الكوفيين ، ولم يرم بشيء سوى الإرجاء ، وقد وثقه الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ، وغيرهما.
تفسير قوله تعالى:{واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين}. - محمد بن صالح العثيمين - طريق الإسلام
أكبر عطاء إلهي أن يكون الإنسان حكيماً: لذلك إذا دخل الإنسان إلى المسجد فليقل: ((اللَّهمَّ افْتح لي أبواب رحمتك)) [مسلم عن أبي حميد] ماذا يوجد في الجامع؟ الجلوس على الأرض، كأس عصير لا يوجد، فنجان قهوة لا يوجد، لكن هناك رحمة الله، ما هذه الرحمة؟ تصبح حكيماً، بالحكمة تسعد بزوجة من الدرجة الخامسة، ومن دون حكمة تشقى بزوجة من الدرجة الأولى، أنت بالحكمة تتدبر المال القليل، ومن دون حكمة تبدد المال الكثير، بالحكمة تجعل الأعداء أصدقاء، من دون حكمة تجعل الأصدقاء أعداء. بصراحة يمكن أكبر عطاء إلهي أن تكون حكيماً، وأكبر عقاب إلهي أن يكون الإنسان أخرقاً أي أحمقاً، يرتكب حماقات يدفع ثمنها طوال حياته، تجد زوجين؛ زوجة بأعلى درجة من الجمال، والحسب والنسب، زوجها بعيد عن الله بساعة غضب يطلقها، وعنده أولاد منها، الأولاد تشردوا، تجد إنساناً مؤمناً عنده زوجة من الدرجة الخامسة، يسعد بها أيما سعادة، بيت جنة بمعرفة الله.
الناكصون على أعقابهم (1) (آتيناه آياتنا فانسلخ منها)
هذا الذي آتاه الله الآيات ليس أهلاً لأن يرفعه الله بها لأنه أخلد إلى الأرض ومال إليها، وصار أكبر همه أن ينال حظوظه من الدنيا، سواء كان يريد الجاه، أو المال، أو المرتبة، أو غير ذلك.
{واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها...} [الأعراف: 175- 176] - Youtube
أما بعد: فأوصيكم - عباد الله - ونفسي بتقوى الله تعالى، والاعتصام بحبله، والتمسك بكتابه، والتزام دينه؛ فإنه لا سعادة للعبد في الدنيا، ولا نجاة له في الآخرة إلا بذلك ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: 185]. أيها الناس: الدنيا فرصة واحدة، والموت مرة واحدة، والجزاء مرة واحدة، من فاز فاز للأبد، ومن خسر خسر للأبد، ولا فرصة أخرى للاستدراك أو التعويض، وفي أهل الجنة قال الله تعالى ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ [الدخان: 56] وفي أهل النار قال سبحانه ﴿ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ﴾ [فاطر: 36]. وأعظم الضلال ضلال من خرج من الحق إلى الباطل، ومن فارق الهداية إلى الغواية؛ ذلك أن الله تعالى يمن عليه بالهداية، ويدله على طريقها، فيعرض عن هداية الله تعالى ويرفضها.
فقال له قومه: يا بلعم أتدري ماذا تصنع إنما تدعو لهم علينا؟!
وتأمَّل ما في هذا المثل مِن الحِكم والمعاني: - فمنها: قوله: { آتَينَاهُ آيَاتِنَا} فأخبر سبحانه أنَّه هو الذي آتاه آياته، فإنَّها نعمةٌ، والله هو الذي أنعم بـها عليه، فأضافها إلى نفسه، ثم قال: { فَانسَلَخَ مِنهَا} أي: خرج منها كما تنسلخ الحيَّةُ مِن جلدها، وفارقها فراق الجلد يُسلخ عن اللحم. ولم يقل (فسلخناه منها) لأنَّه هو الذي تسبب إلى انسلاخه منها باتباعه هواه. - ومنها: قوله سبحانه: { فَأَتبَعَهُ الشَّيطَان} أي: لحقه وأدركه، كما قال في قوم فرعون: { فَأَتبَعُوهُم مُشرِقِينَ} [ الشعراء/60] وكان محفوظاً محروساً بآيات الله محميَّ الجانب بـها من الشيطان لا ينـال منه شيئاً إلا على غِرَّةٍ, وخطفة. فلمَّا انسلخ مِن آيات الله ظفِر به الشيطانُ ظفَر الأسد بفريسته {فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ} العاملين بخلاف علمهم الذين يعرفون الحق ويعملون بخلافه كعلماء السوء. - ومنها: أنَّه سبحانه قال: { وَلَو شِئنَا لَرَفَعنَاهُ بِهَا} فأخبر سبحانه أنَّ الرفعة عنده ليست بمجرد العلم - فإنَّ هذا كان مِن العلماء- وإنَّما هي باتباع الحق وإيثاره وقصد مرضاة الله، فإنَّ هذا كان مِن أعلم أهل زمانه، ولم يرفعه الله بعلمه ولم ينفعه به، نعوذ بالله مِن علمٍ, لا ينفع.