انتهى. والله أعلم.
تفسير قول الله تعالى &Quot; مثل نوره كمشكاة &Quot; | المرسال
وإنما جعل ذلك العمود مشكاة لأنه غير نافذ ، وهو أجوف مفتوح الأعلى فهو كالكوّة التي في الحائط التي لا تنفذ. ثم قال: ( فيها مصباح) وهو السراج ، وجعل السراج وهو المصباح مثلا لما في قلب المؤمن من القرآن والآيات المبينات. ثم قال: ( المصباح في زجاجة) يعني أن السراج الذي في المشكاة في القنديل وهو الزجاجة ، وذلك مثل للقرآن. يقول: القرآن الذي في قلب المؤمن الذي أنار الله قلبه في صدره. ثم مثّل الصدر في خلوصه من الكفر باله والشك فيه واستنارته بنور القرآن واستضاءته بآيات ربه المبينات ومواعظه فيها بالكوكب الدري ، فقال: ( الزجاجة) وذلك صدر المؤمن الذي فيه قلبه ( كأنها كوكب دري). تفسير قول الله تعالى " مثل نوره كمشكاة " | المرسال. اه. وقال الحافظ ابن كثير: ( مثل نوره) في هذا الضمير قولان: أحدهما: أنه عائد إلى الله عز وجل ، أي مثل هداه في قلب المؤمن ، قاله ابن عباس. والثاني: أن الضمير عائد إلى المؤمن الذي دلّ عليه سياق الكلام ، تقديره: مثل نور المؤمن الذي في قلبه كمشكاة ، فشبّه قلب المؤمن وما هو مفطور عليه من الهدى وما يتلقاه من القرآن المطابق لما هو مفطور عليه كما قال تعالى: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) فشبّه قلب المؤمن في صفائه في نفسه بالقنديل من الزجاج الشفاف الجوهري ، ومايستمد من القرآن والشرع بالزيت الجيد الصافي المشرق المعتدل الذي لاكدر فيه ولانحراف.
وقوله: ﴿ زَيْتُونَةٍ ﴾: بدل من شجرة، وجوز الكوفيون وأبو علي الفارسي أن تكون عطف بيان؛ لأنهم يجوزونه في النكرات، أما البصريون، فلا يجوزون عطف البيان إلا في المعارف. و(الزيتونة) واحدة أشجار الزيتون. وقوله: ﴿ لَا شَرْقِيَّةٍ ﴾: نعت لزيتونة؛ إذ لا تحول كلمة لا بين النعت والمنعوت. وقوله: ﴿ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ﴾ عطف على قوله ﴿ لَا شَرْقِيَّةٍ ﴾. ومعنى ﴿ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ﴾ أنها في مكان منكشف من الأرض، لا يواريها عن الشمس شيء طول النهار. والشجرة الشرقية هي التي تصيبها الشمس إذا شرقت، ولا تصيبها إذا غربت؛ بسبب ساتر يحول بينها وبين الشمس عند الغروب. والشجرة الغربية هي التي تصيبها الشمس إذا غربت، ولا تصيبها إذا شرقت؛ بسبب ساتر يحول بينها وبين الشمس عند الشروق. فالشجرة المشار إليها ليست خالصة للشرق فتسمى شرقية وليست خالصة للغرب فتسمى غربية، وإما هي شرقية غربية معًا، وإنما وصفت بهذا الوصف؛ لأنه يكون أجود لزيتها، فأصفى ما يكون من زيت الزيتون هو ما تعرضت شجرته للشمس طول النهار. وقوله: ﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾ تقرير لصفاء هذا الزيت الذي يوقد منه المصباح، وأنه لإشراقه وجودته يكاد يضيء من غير نار، فما بالك لو مسَّته النار؟!