سماحة الشيخ المؤلف يميّز بين "التهلكة" التي ربما يلتبس على البعض فيما يتعلق بواقعة عاشوراء، ويؤكد أنها "المتاجرة مع الله -تعالى- وليست التهلكة، والحكمة الإلهية جرت في تمكين الانسان في الحياة وتسخير كل شيء له، رحمة له من الله، ثم خلقه بحكمة ودقّة، وسيّره في طريق تكاملي يصعد به نحو الرقي والعلو، ثم السعادة الابدية"، وهذا يتحقق عندما يستثمر الانسان عقله للتفكّر في غايات هذه النعم والقدرات والامكانات الموهوبة له من قبل السماء، وأبرز هذه الغايات؛ "النجاح في إبرام عقد تجارة ناجحة بينه وبين الله تكون سبيلاً للسعادة الأبدية"، وهذا ما أقدم عليه الامام الحسين، عليه السلام. ومما خلق المشهد العاشورائي الدامي وبإرادة خالصة من الإمام الحسين نفسه، "الظروف الموضوعية"، ومنها إدراك الخطر على مصير الدين ومستقبل الأمة على يد الحكم الأموي، ثم مستوى الوعي والثقافة الضَحلين للأمة آنذاك، والواقع الفاسد "الذي دفعه لاتخاذ أصعب قرار على نفسه، ويكون في وضع لا مناصّ معه من اتخاذ أصعب القرارات على نفسه كثمن لتغيير الواقع المر، كما أن ثمة استحقاقات امام الإمام، عليه السلام، في الساحة، أهمها بالنسبة له وهي؛ إسقاط الشرعية الدينية عن الحكم الأموي، وهذا لن يكون بعد ما التحمت الأمة بالنظام الفاسد بفعل التغرير والتهديد والركون الى الملذات والوعود الكاذبة، إلا بسلاح التضحية بالدم، وبالأهل.
مسلسل الامام الحسين عليه السلام الحلقة 1
روي عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين عليه السلام من الفضل لماتوا شوقاً إليه وتقطعت أنفاسهم عليه حسرات.
كما يقول الشيخ عباس القمي/ وأما مشهد الرأس الشريف بعسقلان ففي بعض الكتاب أنه مشهور[2]. الحديث إذاً عن عودة الرأس الشريف إلى كربلاء ودفنها مع الأجساد الطاهرة بعد أربعين يوما من وقوع الجريمة هو ما يحتاج إلى إقامة الدليل وليس العكس خاصة في تلك الأجواء الإجرامية الإرهابية التي لم تراعى فيها لأهل بيت النبوة الكرام حرمة ولا مكانة..
كما يشير كلام الشيخ القمي رحمه الله إلى أن مشهد الرأس الشريف بعسقلان لم يكن اختراعا ًفاطمياً كما قد يلحن البعض بالقول. شهادات معاصرة
ونعني بها شهادات علماء الآثار المعاصرين المصريين في القرن العشرين ومن بينها شهادة الأستاذ/ حسن عبد الوهاب في كتابه (تاريخ المساجد الأثرية):
ولما كانت عسقلان هي قنطرة وصول الرأس إلى القاهرة فإني أورد أقوال من أخذ بها من المؤرخين. ص80. فممن أخذ بها ابن ميسر المؤرخ الذي قال وكان حمل الرأس من عسقلان إلى القاهرة ووصوله إليها يوم الأحد 8 جمادى الآخرة سنة 548هـ 1153مـ. أما القلقشندي فيقرر نقل الرأس من عسقلان إلى القاهرة سنة 549هـ. وأيضا إبراهيم بن وصيف شاه وسبط ابن الجوزي فقد ذكر الأول سنة 549 والثاني سنة 548هـ. الامام الحسين عليه السلام. واعترف بمشهد الرأس ابن المأمون المؤرخ فذكر في حوادث سنة 516هـ أن الآمر بأحكام الله أمر بإهداء قنديل من ذهب وآخر من فضة إلى مشهد الحسين بعسقلان وأهدى إليه الوزير المأمون قنديلاً ذهبياً له سلسلة فضية.