وَيُقَال أَيْضًا: "المُؤمنُ وَلِيُّ الله" ؛ وَالْمرَاد أَنه نَاصِرٌ لأوليائه وَدينه, وَيجوز أَن يُقَال: "اللهُ وليُّ المؤمنين" ؛ بِمَعْنى أَنه يَلِي حفظَهم وكلاءتَهم ؛ كوَلِيِّ الطِّفْل الْمُتَوَلِّي شَأْنَهُ. وَيكون الوَلِيُّ على وَجوه, مِنْهَا:
"وليُّ المُسلم" الَّذِي يلْزمه الْقيام بِحقِّهِ إِذا احْتَاجَ إليه, وَمِنْهَا
"الوَلِيُّ الحليف" المعاقدُ, وَمِنْهَا
"وليُّ الْمَرْأَة" الْقَائِم بأمرها, ومنها
"وليُّ الْمَقْتُول" الَّذِي هُوَ أَحَق بالمطالبة بدمه. وأصل الْوَلِيِّ جَعْلُ الثَّانِي بعد الأَوَّل ِمن غير فَصْلٍ, من قَوْلهم هَذَا يَلِي ذَاكَ وَلْيًا, و"وَلّاهُ اللهُ" كَأَنَّهُ يَلِي أمرَهُ ولم يَكِلْهُ إِلَى غَيره, و"ولّاه أمرَهُ" وَكَلَهُ إِلَيْهِ ؛ كأنه جعله بِيَدِهِ, و"تَوَلَّى أَمْرَ نَفسِهِ" قَامَ من غير وسيطة, و"وَلَّى عَنهُ" خلافُ "والى إِلَيْهِ", و"والى بَين رمْيتين" جعلَ إِحْدَاهمَا تلِي الأخرى, وَ"الْأَوْلَى" هُوَ الَّذِي الْحِكْمَةُ إليه أَدْعَى. معنى ولي ه. وَيجوز أَن يُقَال: معنى "الْوَلِيِّ" أَنه يحب الْخَيْر لوَلِيِّهِ, كَمَا أَن معنى الْعَدُوِّ أَنه يُرِيد الضَّرَرَ لعَدوِّه.
49- ما معنى أولياء الله الصّالحين ؟
ومن أعجب الضلال والخذلان أن الذين سلبوا ولاية الله تعالى، واستحوذ عليهم الشيطان فتولاهم يظنون أنهم على هدى وهم في الضلال منتكسون، وفي الإثم غارقون ﴿ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 30]. وفي آية أخرى ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الزخرف: 37]. معني اشهد ان علي ولي الله. ولا تزال ولاية الشيطان محيطة بالمعرضين عن أنوار الشريعة حتى يبلغوا مبلغا يحاربون فيه أحكام الله تعالى، ويتمردون على شرائعه، ويكرهون كلامه، ويصدون عن سبيله، ويدعون الناس إلى باطلهم وأهوائهم تحت شعارات الحرية والتقدم والتطور؛ ولذا فإن كل من أبغض شيئا من نصوص الوحي ففيه من عداوة الله ورسوله بحسب ذلك، ومن أحب نصوص الوحي ففيه من ولاية الله ورسوله بحسب ذلك. وأصل العداوة البغض كما أن أصل الولاية الحب، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «لا يسأل أحدكم عن نفسه غير القرآن فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله تعالى، وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله تعالى». فمن قامَ بحقوقِ اللَّهِ تعالى عليهِ فإنَّ اللَّهَ تعالى يتكفلُ له بالقيامِ بجميع مصالحِهِ في الدنيا والآخرةِ، ومن أرادَ أن يتولاه الله تعالى ويتولَّى حفظَهُ ورعايتَهُ في أموره كلِّها فليراع حقوقَ اللَّهِ تعالى عليهِ، ومن أرادَ ألا يصيبَهُ ما يكرهُ فلا يأتِ شيئًا مما يكرهُهُ اللَّهُ تعالى.
وأما ما يرويه بعض الناس عن علي أنه كان يقول في الأذان: (حي على خير العمل) فلا أساس له من الصحة.