وقد ورد سبب نزول هذه الآية بأكثر من طريق، والألفاظ فيها متقاربة، ونوصيك بمراجعة تفسير ابن كثير والقرطبي ففيهما تفصيل الروايات. والله أعلم.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الحجرات - الآية 6
فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون. قالت: فبلغ القوم رجوعه فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصفوا له حين صلى الظهر ، فقالوا: نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله ، بعثت إلينا رجلا مصدقا ، فسررنا بذلك ، وقرت به أعيننا ، ثم إنه رجع من بعض الطريق ، فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله ومن رسوله ، فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال فأذن بصلاة العصر ، قالت: ونزلت: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). وروى ابن جرير أيضا من طريق العوفي ، عن ابن عباس في هذه الآية قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات ، وإنهم لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا يتلقون رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه ، رجع الوليد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ، إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة. يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك غضبا شديدا ، فبينا هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد فقالوا: يا رسول الله ، إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق ، وإنا خشينا أن ما رده كتاب جاء منك لغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله.
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
لذا دعا الله عز وجل المؤمنين أن يتبينوا من أقوالهم، وأن لا يصدروا أحكامهم، دون أن يُمعنوا النظر والتفكير في كل ما يرد إليهم من أنباء. ثالثاً: معاني المصطلحات
الفاسق، هو الإنسان الذي فسق وانشق عن حدود الله ولم يخضع لأوامره، ولم يمتثل لأحكامه، وأُطلق عليه هذا الاسم لأنه يخرج عن أعمال الخير، والصلاح، وبهذا ينشق عن الدين ويتجه إلى الفسق. سبب نزول قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق.. - إسلام ويب - مركز الفتوى. كما أم البلاغة في القرآن الكريم تظهر بتلك الكلمة، لأن الله تعالى لم يقل فيها " إن جاءكم كافر بنبأ"، بل قال "فاسق". ولعل السبب في هذا أن الفسوق هو أعم وأشمل من الكفر، إذ يُطلق على الآثام جميعها، سواء كانت الكبيرة أم الصغيرة، كما أن المؤمن إن أخل بتعاليم دينه، واتجه إلى طريق الضلال يمكننا أن نُسميه فاسق. أما النبأ، هو ذلك الخير الذي له قدر كبير من الأهمية، ولابد من الانتباه له لأنه قد يُغير من مجرى الأمور كلها، لذا ذكر المولى سبحانه لفظ "نبأ"، ولم يذكر "خبر". يأمر الله عز وجل المؤمنين أن يتبينوا، والتبيُن هو إمعان النظر في الأمر، والتأكد من صحته، وذلك لأن تلك العملية هي التي يتوقف عليها عملية اتخاذ القرار. "أن تُصيبوا قوما بجهاله"، يُراد من هذا القول أنه في بعض الأحيان يلجأ الإنسان إلى الحكم على الآخرين من خلال سماع نبأ عنهم، دون أن يمعن النظر في هذا النبأ إن كان صحيحاً أم فاسداً.
سبب نزول قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق.. - إسلام ويب - مركز الفتوى
قَالَ وَلِمَ قَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بَعَثَ إِلَيْكَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ فَزَعَمَ أَنَّكَ مَنَعْتَهُ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَهُ. قَالَ لاَ وَالَّذِى بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُهُ بَتَّةً وَلاَ أَتَانِى. فَلَمَّا دَخَلَ الْحَارِثُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَنَعْتَ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَ رَسُولِى » قَالَ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُهُ وَلاَ أَتَانِى وَمَا أَقْبَلْتُ إِلاَّ حِينَ احْتَبَسَ عَلَىَّ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ كَانَتْ سَخْطَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الحجرات - الآية 6. قَالَ فَنَزَلَتِ الْحُجُرَاتُ ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
أيها المسلمون
كم من الأحكام نصدرها على الناس بمجرد سماع كلمة من هنا أو كلمة من هناك, وكم تقطعت من علاقات وأواصر وكم تفككت من أُسر, وتباعدت من قرابات و تحولت المحبة إلى عداوات والقرب إلى بعد.
وهنا أريد أن أقول: ألا يمكن أن نتعود على أن يكون لنا عقول عندما نسمع الأخبار، عقول من عدة جهات: الجهة الأولى: إذا سمعنا خبراً نظرنا، هل مثل هذا الخبر يليق بذلك الشخص الذي نقل عنه، ويتوقع أن يحدث منه أو لا يتوقع؟ عندما يقال لك: إن الشيخ فلاناً قد رئي في مكان مثلاً فيه راقصات، أو على حال لا تصلح، أو أفتى بفتوى فيها غرابة ونكارة لم يعهد مثلها، فأول ما تبدأ تنظر في مضمون الخبر، ثم إن وجدت فيه نكارةً فزد من التثبت، واسأل، ولا تنشره، ولا تهيئ لنفسك أن تتحدث به، حتى تتيقن أن مثل هذا الكلام قد صدر من ذلك الرجل. الشيخ عبد الحي يوسف: نعم، ولذلك لام الله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ [النور:15]. الشيخ محمد الخضيري: في قصة الإفك. الشيخ عبد الحي يوسف: وفي العادة أن الإنسان يتلقى بالآذان، لكن قال: (تلقونه بألسنتكم) دلالةً على أن الواحد منهم ما كان يتثبت، وإنما مباشرةً كأن الخبر يقع على لسانه فيلقيه مباشرةً، فيعمد على إشاعته. كيفية التعامل مع الشائعات
كتمان الأخبار الفاضحة والمخيفة للناس والمشيعة للفاحشة
الشيخ محمد الخضيري: ثم إذا كان هذا الخبر قد ثبت بالفعل عمن نقل عنه، فهل يليق أن تنقله؟ الشيخ عبد الحي يوسف: معاذ الله!