وقول ابن مسعود: من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم: لأن في الآيات: (ذلكم وصاكم به) ووصية الله هي وصية رسوله. والحديث هذا فيه مقال ، فلعله لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن المعَّول عليه هو الآية نفسها. وذكر الحديث هاهنا للاستئناس به. قال المصنف رحمه الله: إقتباس:
قلت: في الحديث هذا فوائد جمة:
1- ظهر تواضعه صلى الله عليه وسلم في أمور:
أ- ركوبه الحمار مع إمكانية ووجود ما هو خي منه ( وهو الخيل)
ب- إردافه لمعاذ خلفه على نفس الدابة. ج- مناداته وتكلمه معه ومناقشته. وانظر أخي في الله كيف كان حق الله على العبيد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا ، فكان حقًا على الله ألا يعذب من لم يشرك به شيئًا. وهنا مسألة: ما معنى: حق الله ؟
قال العلماء: هذا حق تفضل وامتنان ، لا حق وجوب ، كما قال بعض المبتدعة كالمعتزلة. أرشيف الإسلام - شرح كتاب التوحيد [2] من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح. فقد تفضل الله علينا بأنا إن لم نشرك به شيئًا لم يعذبنا. 2- قوله: أفلا أبشر الناس: فيه دليل على استحباب تبشير المسلم. 3- قوله: لا تبشرهم فيتكلوا: هذا فيه كتمان للعلم. وكتمان العلم قسمان: أ- كتمان علم مطلق بلا مصلحة ب- كتمان جزئية منه لمصلحة. والكتمان هاهنا من القسم الثاني...
فيه مسائل:
الأولى: الحكمة في خلق الجن والإنس.
- أرشيف الإسلام - شرح كتاب التوحيد [2] من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح
أرشيف الإسلام - شرح كتاب التوحيد [2] من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح
وذكرنا فيما تقدم أن التوحيد ينقسم ثلاثة أقسام: القسم الأول: توحيد الألوهية, وهو: إفراد الله عز وجل بالعبادة، وعليه يدور هذا الكتاب. والقسم الثاني: توحيد الربوبية, وهو إفراد الله عز وجل بالملك والخلق والتدبير. والقسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات, وهو: إثبات ما أثبته الله عز وجل لنفسه من الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل... إلى آخره. وتقدمت لنا الآية الأولى, قول الله عز وجل: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]. واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. ومناسبة هذه الآية أنها دالة على وجوب التوحيد, والتوحيد هو أول واجب؛ ويدل لذلك حديث ابن عباس في الصحيحين: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن, فقال له: فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا اله إلا الله, وأن محمداً رسول الله). هذا هو أول واجب. وحديث ابن عمر في الصحيحين: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله, وأن محمداً رسول الله). وكما ذكر المؤلف من الآيات. ويقول الله عز وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [المؤمنون:23].
وأقوالهم في ذلك كثيرة في شعرهم; قال أرطاة بن سهية: ونحن بنو عم على ذاك بيننا زرابي فيها بغضة وتنافس وحسبك ما كان بين بكر وتغلب في حرب البسوس ، وهما أقارب وأصهار ، وقد كان المسلمون يومها عربا قريبي عهد بالجاهلية; فلذلك حثهم على الإحسان إلى القرابة. وكانوا يحسنون بالجار ، فإذا كان من قرابتهم لم يكترثوا بالإحسان إليه ، وأكد ذلك بإعادة حرف الجر بعد العاطف. ومن أجل ذلك لم تؤكد بالباء في حكاية وصية بني إسرائيل وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل إلى قوله ( وذي القربى) لأن الإسلام أكد [ ص: 50] أواصر القرابة أكثر من غيره. وفي الأمر بالإحسان إلى الأقارب تنبيه على أن من سفالة الأخلاق أن يستخف أحد بالقريب لأنه قريبه ، وآمن من غوائله ، ويصرف بره ووده إلى الأباعد ليستكفي شرهم ، أو ليذكر في القبائل بالذكر الحسن ، فإن النفس التي يطوعها الشر ، وتدنيها الشدة ، لنفس لئيمة ، وكما ورد: شر الناس من اتقاه الناس لشره. فكذلك نقول شر الناس من عظم أحدا لشره. وقوله " واليتامى والمساكين " هذان صنفان ضعيفان عديما النصير ، فلذلك أوصي بهما.