الرضا بالقدر
أجمل اختيار في الحياة
الرضا مَقامٌ عظيم من مقامات الإيمانِ واليقين، والتخلُّقُ به لا يتأتى إلا بعد طولِ عبادة وذِكر، وفهمٍ ومعرفة وفكر. وبالحصول عليه، والتمكنِ منه يتخطى المؤمنُ في إيمانه بالأقدار أعظَمَ اختبار في الحياة، وتصبح الآلام والشدائد عنده لذائذَ؛ لأنَّه يتعامل مع الأقدار الإلهية بلُغةِ الحب والرضا، لا بلُغةِ الاختبار والتحدي. وليعلمْ يقينًا بأن الله سبحانه ما ابتلاه إلا ليرقيَه في مدارج الكمال؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216]. نعم، أجملُ ما في الإيمان بالأقدار، المقترنِ بالرضا: أنه يخلِّص الإنسانَ من رتابة الحياة، ويُنجيه من الملل. الثامن عشر من رمضان.. دعاء الرضا بالقضاء والقدر. وقد جاء في هذا الموضوع عدةُ نصوص، أُجملها في الآتي:
1- قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 11]. قال ابن مسعود رضي الله عنه: "هي المصيبات تصيبُ المرءَ فيَعلمُ أنها من عند الله فيسلِّم ويرضى" [1]. 2- وعن أنس رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ)) [2].
دعاء الرضا بالقدر – لاينز
عن عُبادةَ بنِ الصامت رضي الله عنه قال: إن رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبيَّ الله، أيُّ العمل أفضل؟ قال: ((الإيمان بالله، وتصديقٌ به، وجهاد في سبيله))، قال: أريد أهونَ من ذلك يا رسول الله، قال: ((السماحة والصبر))، قال: أريد أهونَ من ذلك يا رسول الله، قال: ((لا تَتَّهِمِ اللهَ في شيء قضى لك به))؛ الصحيحة، وقوله: ((لا تتَّهم الله في شيء قضى لك به))، قال السندي: (أي: لا ترَ أنه أساء إليك فيما قضى به عليك، بل اعتقد أن كلَّ ذلك مما هو مقتضى الحكمة). قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاه، فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَهُ، بَارَكَ اللهُ لَهُ فِيهِ وَوَسَّعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ، لَمْ يُبَارِكْ لَهُ"؛ رواه أحمد (20279) [1]. وصلُّوا رحمكم الله. الرضا بالقضاء والقدر - ووردز. [1] مستفادة من خطب أخرى.
الثامن عشر من رمضان.. دعاء الرضا بالقضاء والقدر
تاريخ النشر: الأربعاء 15 رمضان 1436 هـ - 1-7-2015 م
التقييم:
رقم الفتوى: 301870
6433
0
158
السؤال
أنا متزوجة، وليس لي أولاد. وأود أن أحيطكم علما، أنني أصبت بمرض بعد سنة من زواجي، استدعى اتباع العلاج لمدة 5 سنوات، الشيء الذي مُنع معه الحمل؛ نظرا للتأثيرات الجانبية للدواء. أنا حاليا في السنة 4 من العلاج. سؤالي هو: هل يجوز لي دعاء الله عز وجل ليرزقني بالأولاد، أم قد يعتبر دعائي عدم رضا بقضاء الله وابتلائه؟
جزاكم الله خيرا. دعاء الرضا بالقدر – لاينز. الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يمن عليك بالشفاء العاجل، والولد الصالح، ولتعلمي أن دعاء الله -عز وجل- لا يتنافى مع الرضى بقضائه، فقد يصبر المرء على القضاء، ويرضى به، ويدعو الله أن يشفيه، ويرزقه حاجته، فيجمع بين الصبر والدعاء؛ فقد قص الله تعالى علينا من أخبار بعض أنبيائه لنقتدي بهم؛ ففي قصة إبراهيم وزوجته، وزكريا وزوجته، أن كلا منهما دعا الله تعالى أن يرزقه الولد بعد ما كان شيخا كبيرا، وامرأته عجوزا ولم يرزق الولد؛ فكان إبراهيم يدعو الله تعالى ويقول: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ {الصافات:100}. ويقول زكريا: رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ {الأنبياء:89}.
كلام جميل عن الرضا بالقدر - مقال
راحة القلب مصدرها رضا الأشخاص، وسكينة الروح هكذا. الرضا لا يعني أن ترضى بالفشل أو تيأس من الوصول، الرضا يعني أن تمضي في طريقك وتسعى راضياً بكل النتائج. الصبر على البلاء عباده، أما عدم المحاولة على المقاومة بلادة. النفوس الراضية، هادئة وجميلة. جاور الراضون، تسعد. دائماً ما أوشكت الحياة على أن تهزمني، ودائماً ما هزمتها برضاي وتبسمي. العالم كله لا يمكن أن يهدأ قلب لم يتملكه الرضا. الشخص الراضي، هو من يسعى ويترك النتائج للقدر. من علامات الرضا، أن تجد الأشخاص أقوياء في المحن والشدائد. لم يسلم أحد من تقلبات القدر، ولكن هناك من يهديه الرضا للسكينة والسلام. سلام على قلوب، أهلكتها الحياة وما زالت راضية. السلام النفسي مصدره قلب راضي. أول سمات الرضا، أن يقتنع المرء بأن لكل شخص ميزة ولكل شخص حياة. اجمل ما قيل عن الرضا
الرضا قيمة عظيمة، تجعل الأشخاص آمنين طوال الوقت، يتمتعوا بحياة جميلة وقلب سليم، أما عدم الرضا هلاك النفوس وفسادها، فلا خير في قلوب قانطة غير راضية بأي شيء مما لديه، فالقنوط لا يغير من أمر الناس شيء، بل يفسد الحياة ويدمرها:
السلام النفسي وهدوء الروح مصدرهم الرضا. السعداء ليس من لديهم كل شيء، بل من رضوا بما لديهم.
الرضا بالقضاء والقدر - ووردز
أولئك الأخيار أدمنوا النظر والتأمّل في نصوص الوحيين، فتجلّت لهم حقائق المعاني، وتكشّفت لهم معالمُ خفيّة، ودقائق لطيفة من العلوم الشرعيّة، والحِكَم الربّانية. لا شكّ أن سلفنا الصالح رحمهم الله هم أهدى الناس قلوباً، يشهد بذلك كل من نظر في أحوالهم وتأمّل عباراتهم؛ وهذه الهداية جاءت عندما استقرّ الإيمان في قلوبهم، وعرفوا الله حق معرفته، وقدروه حقّ قدره، فجعل الله لهم فرقاناً يميّزون به بين الحق والباطل، وبصيرةً يُدركون بها بواطن الأمور مصداقاً لقوله تعالى: { وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11]. وأولئك الأخيار أدمنوا النظر والتأمّل في نصوص الوحيين، فتجلّت لهم حقائق المعاني، وتكشّفت لهم معالمُ خفيّة، ودقائق لطيفة من العلوم الشرعيّة، والحِكَم الربّانية. لِننظر سويّاً إلى إيمانهم بالقضاء والقدر كيف كان أثره على كلماتهم؟ وكيف عبّروا عنه بإشراقةِ لفظٍ، وجمال عبارةٍ، وعميق معنى، حتى صارت حِكَماً تدور على ألسنة الخلق، ويُهتدى بها إلى الحق يروي لنا زياد بن زاذان أن الإمام عمر بن عبد العزيز قال: "ما كنتُ على حال من حالات الدنيا فيسرنى أني على غيرها"، ومما حُفظ عنه قوله: "أصبحت وما لي سرورٌ إلا في مواضع القضاء والقدر "، واشتُهرت عنه دعواتٍ كان يُكثر من تردادها: "اللهم رضّني بقضائك، وبارك لي في قدرك، حتى لا أُحب تعجيل شئ أخّرته، ولا تأخير شئ عجّلته".
خطبة الجمعة عن القضاء والقدر
– تحرير العقل من الخرافات والأباطيل: فمن بديهيات الإيمان بالقدر ، الإيمان بأن ما جرى وما يجري وما سيجري في هذا الكون إنما هو بقدر الله، وأن قدر الله سر مكتوم، لا يعلمه إلا هو، ولا يطلع عليه أحد إلا من ارتضى من رسول. – الجد والحزم في الأمور والحرص على كل خير ديني أو دنيوي: فإن الإيمان بالقضاء والقدر يوفر الإنتاج والثراء؛ لأن المؤمن إذا علم أن الناس لا يضرونه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، ولا ينفعونه إلا بشيء قد كتبه الله له؛ فإنه لن يتواكل، ولا يهاب المخلوقين، ولا يعتمد عليهم، وإنما يتوكل على الله، ويمضي في طريق الكسب، وإذا أصيب بنكسة، ولم يتوفر له مطلوبه ؛ فإن ذلك لا يثنيه عن مواصلة الجهود، ولا يقطع منه باب الأمل، ولا يقول: لو أنني فعلت كذا؛ كان كذا وكذا! ولكنه يقول: "قدر الله وما شاء فعل" ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان)
ويمضي في طريقه متوكلا على الله، مع تصحيح خطئه، ومحاسبته لنفسه، وبهذا يقوم كيان المجتمع، وتنتظم مصالحه، وصدق الله حيث يقول: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)(الطلاق/3).
قال تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [الأنبياء:83]. وقال عز وجل: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء:87]. وقال تعالى: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) [الأنبياء:89]. ومعلوم أنه تعالى استجاب دعوة زكريا عليه السلام، فرزقه الولد بعدما تقدمت سنه، ووهن عظمه، وضعفت قوته من الكبر، مع عقم امرأته، ولكن هذا كله لم يمنعه من حسن ظنه بربه، حتى سأله الولد، وهذه هي سنة أنبياء الله تعالى، فعلى العبد أن لا يقنط من رحمة الله تعالى، وأن لا ييأس من زوجه، فمن بيده القضاء هو الذي أمر بالدعاء، ووعد بالاستجابة، ووعده حق وخبره صدق. إذا الدعاء هو إحدى الوسائل التي يستجلب به المؤمن الرزق من عند الله تعالى، وهو السلاح الذي يدفع به الضر والبلاء، ويواجه به ما لا قبل له به. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة.