وعاد النبي صلى الله عليه وسلم وطاف بالكعبة ودخل عليه وفود الحجيج وتماسكت الدعوة وقوي الاسلام ونصر الله دينه وأظهر نبيه!! "لا تحزن إن الله معنا" تجدها عندما كان - صلي الله عليه وسلم - يستغيث بربه في غزوة بدر وما من غائث إلا هو: " اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدًا، اللهم إنهم جياع فأطعمهم، حفاة فاحملهم عراة فاكسهم، ظل يدعوه حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرده، ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا رسول الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله - عز وجل -: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9]. استغاثة لله القوي القاهر، الغالب القادر، فلما كان يومئذ والتقوا، كانت النتيجة أن هزم الله المشركين يومئذ شر هزيمة وهم كثرة ونصر الله المسلمين نصر مؤزر وهم قلة، ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾ [آل عمران: 123].
" لا تحزن إن الله معنا " تجدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق، عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتفقدون سير العمل، فوجدوا صخرة كبيرة كانت عائقا أمام الصحابي الجليل سلمان الفارسي، حيث كسرت المعاول الحديدية، فتقدم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من الصخرة، وقال: "باسم الله" فضربها فتصدعت وبرقت منها برقة مضيئة، فقال في الأولى:
الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة، ثم الثانية: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض، ثم الثالثة: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذه الساعة.
لا تخف ولا تحزن ان الله معنا
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خيــر البرية لم تنسج ولم تحم
عناية الله أغنت من مضــاعفة من الدروع وعن عال من الأطم
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتقين، وأن يحشرنا مع النبيين والصديقين، والشهداء
والصالحين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 1
جامع العلوم والحكم (ص188) أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي. الناشر: دار المعرفة – بيروت. 2
للمزيد انظر: "لا تحزن" للشيخ عائض القرني.
لاتحزن ان الله معنا
نبينا صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف نفك طلاسم الضوائق، وكيف نصل لشفرات الشدائد، وكيف نعرف مفاتيح الأزمات، " اشتدي أزمة تنفرجي بإذن الله ". إذا تكاثرت الهموم وتكاثفت الغيوم، وانتشرت السموم، سموم الحقد على الدعوة، سموم الصد عن سبيل الله، سموم الحسد على المسلمين، ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ.. ﴾ [البقرة: 109]، هنا تجده صلى الله عليه وسلم يبث الأمل في كل مناحي الحياة، وينشر التفاؤل في كل أرجاء الدنيا، يعلمنا أن اليأس ليس من شيمة المؤمن، والقنوط ليس من ديدن المسلم.. كيف؟!
" لا تحزن إن الله معنا " تجدها عندما يقول لرفيقه وحبه أسامة بن زيد في رحلة الطائف وفي أحلك الظروف ردًا على قوله: " ترجع إليهم وقد أخرجوك؟ " ، يقصد العودة إلى مكة مع جحود المشركين وإيذائهم له وصدهم لدينه ونكرانهم لدعوته: " إنّ الله جاعل لما ترى فرجًا ومخرجًا، إن الله ناصر دينه ومظهر نبيه " فكانت النتيجة أن دخل في جوار المطعم بن عدي وهو مشرك، لتعلم أن جنود ربك لا يعلمها إلا هو، وأنت ما عليك إلا أن تثق في الله وتوقن في نصرة وتستعين به لا بأحد سواه.
لا تحزن أن الله معنا - YouTube