وبغض النظر عن المناطق التي ضربها الإعصار، التي تقول وسائل الإعلام: إنها المناطق الشرقية والوسطى من البلاد، التي لا توجد بها كثافة عددية من المسلمين، حيث من المعروف أن المسلمين الذين يشكلون ما بين 22% إلى 25% من عدد سكان البلاد يتركزون في الجنوب، إلا أن المسلمين أفرادًا وحكومات ومنظمات قد أعربت عن تضامنها مع هذا الحدث؛ وذلك من مبدأ الإنسانية الذي يعتبر من أبرز خصائص الإسلام ومزاياه. لقد رفع القرآن الكريم من مكانة الإنسان بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق أو الدين، فوردت كلمة الإنسان في القرآن الكريم (63) مرة، فضلاً عن ذكره بألفاظ أخرى مثل (يا بني آدم) التي ذكرت ست مرات، وكلمة الناس التي تكررت (240) مرة، ولعل من أوضح الآيات في هذا المجال قوله تعالى: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70]. وفي السيرة النبوية الشريفة كثير من المشاهد التي تؤكد علو شأن مبدأ الإنسانية في الإسلام كأحد أبرز خصائصه ومزاياه، فقد عفا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن أشد الناس عداوة له ولدينه ودعوته، وعن أكثر من آذوه وعذبوه وأصحابه من مشركي قريش في فتح مكة المكرمة ، وقال لهم قولته المشهورة التي تعبر عن سماحة الإسلام وإنسانيته: " اذهبوا فأنتم الطلقاء ".
جريدة الرياض | المسلمون في الفلبين وخيارهم المستقبلي
وبنجسا مورو.. هو الاسم الذي أطلقه المسلمون على المناطق التي يعيشون فيها جنوب الفلبين.. وتضم أكثر من سبعة ملايين نسمة من المسلمين.. بينما تبلغ مساحتها 37% من جملة أراضي الفلبين. وقد شهدت بنجسا مورو حضارة إسلامية زاهرة، وتأسست هناك ممالك إسلامية عملت على دعم مسيرة المدّ الإسلامي في (26) منطقة في جنوب الفلبين والجزر الواقعة في أرخبيل سُولُو.. وقد وصل دعاة الإسلام من التجار العرب إلى بنجسا مورو منذ القرن السادس الهجري.. واستقرت في جزيرة " سولو" أول جالية مسلمة.. تولت نشر الإسلام والتعريف بهدايات وأحكام الدين الحنيف في أكثر من سبعة آلاف جزيرة. وقد لاقت دعوة الإسلام قبولاً حسناً.. فاعتنق سكان الجزر الإسلام طواعية.. ويُعرف المسلمون باسم " المورو"، وينتشرون في الجزر الجنوبية.. وامتدت الدعوة الإسلامية ومؤسساتها لتشمل كافة مناطق الفلبين.. فالعرب المسلمون هم أول من اكتشف جزر الفلبين، واستقروا بها. تاريخ إسلامي مشرف
في عام 1521 ميلادية.. رست سفينة البحار الأسبانى " ماجيلان" على إحدى الجزر المجهولة في المحيط الهادي.. وانطلق إلى جزر أخرى.. فوجد إمارات إسلامية في تلك الجزر.. منها إمارة الشريف أبى بكر في جزيرة "سولو" وإمارة الشريف محمد بن على في جزيرة " ميندناو".. وقد حاول الأسبان القضاء على الإمارات الإسلامية في جنوب الفلبين لكنهم وجدوا مقاومة إسلامية كبيرة.. وقتل ماجيلان في إحدى المعارك.. فأرسلت أسبانيا تعزيزات عسكرية.. لكنها لم تتمكن من احتلال المناطق الجنوبية فاتجهت شمالاً حيث الجزر الأخرى.
الإمارات الإسلامية وقد أكّدت الدراسات التاريخية أن الإمارات الإسلامية هناك قامت بدور مهم في إبلاغ دعوة الإسلام، وتجلية تعاليمه السمحة، وبيان مزاياه التشريعية، وسهولة تعاليمه الربانية، ومن أشهر هذه الممالك الإسلامية: إمارة سولو أو صولو وأول من أدخل الإسلام في صولو هو رجل عربي اسمه (كريم المخدوم [3])، حيث وصل إلى صولو سنة 782هـ/ 1380م، وزار كل جزر أرخبيل صولو، وأدخل الإسلام بين أهالي الجزر، ويقال إن ضريحه في جزيرة سيبوتو [4]. وبعد وفاة الشيخ كريم المخدوم برز على الساحة الشريف أبي بكر من نسل زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، حيث حط الشريف أبو بكر رحاله في صولو سنة 854هـ/1450م، قادما من إندونيسيا وبروناي. ويرجع الفضل إلى الشريف أبي بكر في تنظيم أول حكومة إسلامية في سولو، تقوم قوانينها على أسس إسلامية، فتلقب بلفق السلطان، وأكثر من بناء المساجد وانتشار المظاهر الإسلامية، حتى صارت كلمة صولو أو سولو وصفا لكل شيء يتصل بالإسلام. ولا تزال سولو إلى الآن أرضا إسلامية يمارس شعائر الإسلام.. لا يصرفهم عن ذلك ما يلاقونه من إبادة جماعية وتحريق للأراضي والبيوت والأرزاق [5]. إمارة مينداناو دخل الإسلام جزيرة مينداناو [6] على يد الشريف "كابونجسوان"، وهو شقيق الشريف أبي بكر، الذي جاء من المملكة الإسلامي في جهور بالملايو، حيث اسقر بمينداناو مع عدد من أتباعه وتزوج هناك، ويقال إن الشريف "كابونجسوان" أبى أن ينزل إلى شاطئ الجزيرة حتى يعده هؤلاء الذين قدموا للقائه عند وصوله أن يعتنقوا الإسلام، فاعتنقوا الإسلام وأخذ السلطان الشريف "كابونجسوان" يوطد مملكته ويجاهد القبائل المجاورة له حتى قبلوا الإسلام وأذعنوا له [7].