[10]
روي عن أبي هريرة أن رسول الله قال:
النَّاس معادن كمعادن الفضَّة والذَّهب، خيارهم في الجاهليَّة خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنودٌ مجنَّدة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف [11]
- عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال: ((لـمَّا أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قسم في النَّاس في المؤلَّفة قلوبهم، ولم يعطِ الأنصار شيئًا، فكأنَّهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب النَّاس، فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضُلَّالًّا فهداكم الله بي، وكنتم متفرِّقين فألَّفكم الله بي ، وعالة فأغناكم الله بي؟.. الف بين قلوبهم من ذكر الله. )) إلى أخر الحديث. [12]
وهذا مِن أكبر نعم الله في بعثة رسول الله ﷺ أن ألَّف به بين قوم قويت بينهم العصبيَّات، وينبغي أن يكون شأن المسلم هكذا، يؤلِّف بين المتفرِّقين ويأتلف حوله المحبون. مقولات وحِكَم عن الألفة [ عدل]
يقول السُّلمي:
وأصل التَّآلف هو بُغض الدُّنْيا والإعراض عنها، فهي التي توقع المخالفة بين الإخوان [13]
يقول ابن تيمية:
إنَّ السَّلف كانوا يختلفون في المسائل الفرعيَّة، مع بقاء الأُلْفَة والعصمة وصلاح ذات البين. [15]
يقول الأبشيهي:
التَّآلف سبب القوَّة، والقوَّة سبب التقوى ، والتَّقوى حصنٌ منيع وركن شديد، بها يُمْنَع الضَّيم، وتُنَال الرَّغائب، وتنجع المقاصد.
- الف بين قلوبهم ما كانوا يكسبون
- الف بين قلوبهم وعلى سمعهم
- الف بين قلوبهم لو انفقت
- الف بين قلوبهم من ذكر الله
الف بين قلوبهم ما كانوا يكسبون
[ ص: 46]
16257 - حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة ، عن بشير بن ثابت ، رجل من الأنصار: أنه قال في هذه الآية: ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) ، يعني: الأنصار
16258 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: ( وألف بين قلوبهم) ، على الهدى الذي بعثك به إليهم ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) ، بدينه الذي جمعهم عليه يعني الأوس والخزرج. 16259 - حدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن يمان ، عن إبراهيم الخوزي ، عن الوليد بن أبي مغيث ، عن مجاهد قال: إذا التقى المسلمان فتصافحا غفر لهما. قال قلت لمجاهد: بمصافحة يغفر لهما؟ فقال مجاهد: أما سمعته يقول: ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) ؟ فقال الوليد لمجاهد: أنت أعلم مني. 16260 - حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير قال: حدثني الوليد ، عن أبي عمرو قال: حدثني عبدة بن أبي لبابة ، عن مجاهد ، ولقيته وأخذ بيدي فقال: إذا تراءى المتحابان في الله ، فأخذ أحدهما بيد صاحبه وضحك إليه ، تحاتت [ ص: 47] خطاياهما كما يتحات ورق الشجر. قال عبدة: فقلت له: إن هذا ليسير! ألفة (خلق) - ويكيبيديا. قال: لا تقل ذلك ، فإن الله يقول: ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم)!
الف بين قلوبهم وعلى سمعهم
الألفة من الصفات والأخلاق الحميدة، والألفة هي من طبيعة الإنسان السوي لأنه بطبيعته اجتماعي، وأساس العلاقات الاجتماعية هو أن يحصل ألفة فيها، فالإنسان ينجذب لمن يشبهه، ويصادق من يظن أنه قريب من اهتماماته واعتقاداته. ولا تعني الألفة أن يكون الشخص كالآخرين وينسف شخصيته تماماً، بل أن يوائم الآخرين ويجاريهم بألا يخلق تنافر بينه وبينهم، وأن يصبح قريباً منهم ومن قلوبهم، دون أن ينسى نفسه أو أن يغيرها. وقد حث الإسلام الناس على التمسك ببواعث المحبة والألفة بينهم، حتى تكون لحمة المجتمع مترابطة ومتماسكة ويسهل عليها التعاون والعمل المشترك والعيش بحياة سوية متزنة مطمئنة وبسلام. دعاءٌ في جوف اللّيل: " اللهمّ ألِّف بينَ قلوبِنا وأصلِح ذات | مصراوى. تعريف الألفة [ عدل]
الأُلْفَة لغةً من: ألِفته إلفًا وألفته أنِسْت به، ولزمته وأحببته، والاسم الأُلفة بالضمِّ، والأُلفة أيضًا اسم من الائتلاف، وهو الالتئام والاجتماع فهو مُؤْلَفٌ ومأْلُوفٌ وأَلَّفْتُ بينهم تأْلِيفًا إذا جَمَعْتَ بينَهم بعد تَفَرُّقٍ. [1]
والأُلْفَة في الاصطلاح قيل هو اتِّفاق الآراء في المعاونة على تدبير المعاش. [2]
وقال الراغب الأصفهاني: (الإلْفُ هو اجتماع مع التئام، ويقال: أَلَّفْتُ بينهم ومنه: الأُلْفَة). [3]
الألفة في القرآن [ عدل]
-قال الراغب الأصفهاني: (قوله: " وَلاَ تَفَرَّقُواْ " حث على الأُلْفَة والاجتماع، الذي هو نظام الإيمان واستقامة أمور العالم، وقد فضَّل المحبَّة والأُلْفَة على الإِنصاف والعدالة ، لأنَّه يحُتاج إلى الإِنصاف حيث تفقد المحبَّة، ولصدق محبَّة الأب للابن صار مؤتمنًا على ماله، والأُلْفَة أحد ما شرَّف الله به الشَّريعة سيَّما شريعة الإسلام).
الف بين قلوبهم لو انفقت
الف بين قلوبهم من ذكر الله
[21]
6- الكلام اللَّين:
فالكلام اللَّين والطَّيب مِن الأسباب التي تؤلِّف بين القلوب، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا [الإسراء: 53]. 7- التَّعفُّف عن سؤال النَّاس:
قال رسول الله ﷺ: (( وازهد فيما في أيدي النَّاس يحبَّك النَّاس)). الف بين قلوبهم لو انفقت. [22]
8- السَّعي للإصلاح بين النَّاس:
قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال: 1]. 9- الاهتمام بأمور المسلمين والإحساس بقضاياهم:
قال رسول الله ﷺ: (( المؤمنون كرجل واحد، إذا اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسَّهر)). [23]
10- التَّهادي:
لا شك أن تقديم الهديَّة يزيد مِن الأُلْفَة والمحبة والتَّقارب بين المهدي والـمُهْدَى إليه، فعن أبي هريرة عن النَّبيِّ ﷺ قال: (( تهادوا تحابُّوا)). [24]
11 – حسن الخلق:
قال الغزالي: (اعلم أن الألفة ثمرة حسن الخلق ، والتفرق ثمرة سوء الخلق، فحسن الخلق يوجب التحاب والتآلف والتوافق وسوء الخلق يثمر التباغض والتحاسد والتدابر ومهما كان المُثْمِر محمودًا كانت الثمرة محمودة).
[4]
-قال الزَّمخشريُّ في قوله تعالى:( وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)،
قال: (كانوا في الجاهليَّة بينهم الإحَن والعداوات والحروب المتواصلة، فألَّف الله بين قلوبهم بالإسلام، وقذف فيها المحبَّة، فتحابوا وتوافقوا وصاروا إخوانًا متراحمين متناصحين مجتمعين على أمرٍ واحد، قد نظم بينهم وأزال الاختلاف، وهو الأخوَّة في الله). [5]
-وقال السيوطي: (إذ كنتم تذابحون فيها، يأكل شديدكم ضعيفكم، حتى جاء الله بالإسلام فآخى به بينكم وألف به بينكم، أما والله الذي لا إله إلَّا هو إنَّ الأُلْفَة لرحمة ، وإنَّ الفُرْقَة لعذاب). [6]
-قال السعدي في قوله تعالى: " وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ " أي فاجتمعوا وائتلفوا، وازدادت قوَّتهم بسبب اجتماعهم، ولم يكن هذا بسعي أحد، ولا بقوَّة غير قوَّة الله، فلو أنفقت ما في الأرض جميعًا مِن ذهب وفضَّة وغيرهما لتأليفهم بعد تلك النُّفرة والفُرقة الشَّديدة، " مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ " لأنَّه لا يقدر على تقليب القلوب إلَّا الله تعالى، " وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " ومِن عزَّته أن ألَّف بين قلوبهم، وجمعها بعد الفرقة).