تفسير سورة الشمس للسعدي
- تفسير السعدي سورة الناس المصحف الالكتروني القرآن الكريم
تفسير السعدي سورة الناس المصحف الالكتروني القرآن الكريم
تفسير سورة التكوير
وهي مكية بسم الله الرحمن الرحيم إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت وإذا العشار عطلت وإذا الوحوش حشرت وإذا البحار سجرت وإذا النفوس زوجت وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت وإذا الصحف نشرت وإذا السماء كشطت وإذا الجحيم سعرت وإذا الجنة أزلفت علمت نفس ما أحضرت
أي: إذا حصلت هذه الأمور الهائلة، تميز الخلق، وعلم كل ما قدمه لآخرته، وما أحضره فيها من خير وشر، وذلك إذا كان يوم القيامة تكور [ ص: 1940] الشمس أي: تجمع وتلف، ويخسف القمر، ويلقيان في النار. وإذا النجوم انكدرت أي: تغيرت، وتناثرت من أفلاكها. وإذا الجبال سيرت أي: صارت كثيبا مهيلا ثم صارت كالعهن المنفوش، ثم تغيرت وصارت هباء منبثا، وأزيلت عن أماكنها، وإذا العشار عطلت أي: عطل الناس حينئذ نفائس أموالهم التي كانوا يهتمون لها ويراعونها في جميع الأوقات، فجاءهم ما يذهلهم عنها، فنبه بالعشار، وهي النوق التي تتبعها أولادها، وهي أنفس أموال العرب إذ ذاك عندهم، على ما هو في معناها من كل نفيس. تفسير السعدي سورة الناس المصحف الالكتروني القرآن الكريم. وإذا الوحوش حشرت أي: جمعت ليوم القيامة، ليقتص الله من بعضها لبعض، ويرى العباد كمال عدله، حتى إنه يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء، ثم يقال لها: كوني ترابا.
فأقسم الله بها في حال خنوسها أي: تأخرها، وفي حال جريانها،
وفي حال كنوسها أي: استتارها بالنهار، ويحتمل أن المراد بها جميع النجوم الكواكب
السيارة وغيرها. ( وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) أي:
أدبر وقيل: أقبل، ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) أي: بانت علائم الصبح، وانشق النور شيئا فشيئا حتى يستكمل
وتطلع الشمس، وهذه آيات عظام، أقسم الله بها على علو سند القرآن وجلالته، وحفظه من
كل شيطان رجيم، فقال: ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ
كَرِيمٍ) وهو: جبريل عليه السلام، نزل به من الله تعالى، كما قال
تعالى: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ
الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ووصفه الله بالكريم
لكرم أخلاقه، وكثره خصاله الحميدة، فإنه أفضل الملائكة، وأعظمهم رتبة عند ربه، ( ذِي
قُوَّةٍ) على ما أمره الله به. ومن قوته أنه قلب ديار قوم لوط بهم
فأهلكهم. ( عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ) أي:
جبريل مقرب عند الله، له منزلة رفيعة، وخصيصة من الله اختصه بها، (
مَكِينٍ) أي: له مكانة ومنزلة فوق منازل الملائكة كلهم. ( مُطَاعٍ ثَمَّ) أي:
جبريل مطاع في الملأ الأعلى، لديه من الملائكة المقربين جنود، نافذ فيهم أمره،
مطاع رأيه، ( أَمِينٍ) أي: ذو أمانة وقيام بما أمر
به، لا يزيد ولا ينقص، ولا يتعدى ما حد له، وهذا [ كله] يدل على شرف القرآن عند
الله تعالى، فإنه بعث به هذا الملك الكريم، الموصوف بتلك الصفات الكاملة.